المبحث الأوّل
مقدمة

‌أ.     خلفية البحث
                   والحمدلله ربّ العالمين والعاقبة للمتقين، ولاعدوان إلّا على الظالمين . والصلاة والتسليم على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فالحمد لله الذي بتوفيقه ومدده تتم الأعمال وهو وليّ الهداية والإرشاد. نحن من المجموعة الرابعة لقد أتممنا هذه المقالة التي تأتي بموضوعها "منهج التصوّف للنقشبندية". وهذه المقالة مقدم لتأدية واجبة في مادة منهج الدراسة الإسلامية تحت إشراف الدكتور زلفي مبارك الماجسبير.
إنّ هذه المقالة يضمّ بين دفّتيه دراسةً هامّةً في معرض منهج النقشبندية. لقد بذل الباحثون جهدًا بالغًا في سبيل هذه المهمّة، فانطلق بعزيمة الباحث المدقّق المنظّم في أعماله. تُقَدِّمُ هذ البحث ما تُقَدِّمُ من معلوماتٍ تفصيليّةٍ مُنَظَّمَةٍ وَمُوَثَّقَةٍ مع ذكر مصادرها.
وأهمية هذا الموضوع لزيادة معرفة والفهم للطلاب عن منهج الدراسة الإسلامية، خصوصا عن منهج دراسة التصوّف للنقشبندية، وما الذي اعتمده لوضع المبادئ وأسسه للوصول إلى غاية هي الإيمان الكامل الذي يصل إلى عين اليقين أو حق اليقين.
إن الدين واحد وكلهم مسلمون والدين هو دين الله والطريق هو طريق الله ، وتعددت التسميات لبروز أصحابها في العلم والعبادة وإرشاد الناس إلى طريق الله في زمانهم فطلابهم ومحبيهم ممن نهجوا نهجهم في العلم والعبادة. أن التصوف منهج عملي كامل، يحقق انقلاب الإنسان من شخصية منحرفة إلى شخصية مسلمة مثالية متكاملة، وذلك من الناحية الإيمانية السليمة والعبادة الخالصة والمعاملة الصحيحة الحسنة والأخلاق الفاضلة.
        فنودّ أن نبين لأصدقائنا الأعزاء شيئاً يسيراً عن منهج هذه الطليعة المجاهدة في سبيل الله تعالى من اعتقاد وعمل النقشبندية مما يزيل عنها الغموض. ولهذه الطريقة أيضا مسلك خاص من مناهج التصوف يتخذه السالك للوصول إلى غاية هي الإيمان الكامل الذي يصل إلى عين اليقين أو حق اليقين. وهنا لا يكون الإيمان تقليديا أو استدلاليا.

‌ب.      أهمية البحث
أ‌)      الوصول إلى فهم عن مناهج التصوف في الدراسة الاسلامية.
ب‌) الغاية القصوى لكشف الطريق الصوفي وحقيقة المبادئ الذي سلكه النقشبندية للوصول إلى غاية هي الإيمان الكامل الذي يصل إلى عين اليقين أو حق اليقين.
ج) إسهاما كبيرا لمواجهة الحياة مع استقامة الاعتقاد لابتغاء مرضات الله وحده لا شريك له.

‌ج.       أهداف البحث
فأهـداف هذا البحث التي أرادتها الباحثون هو لمعرفة وفهم عن نشأة الطريقة النقشبندية، ومبني طريقه، ومصدر التلقي والتوحيد والعلم وتقديس للشيوخ  النقشبندية.

‌د.    أسئلة البحث
1.   مامفهوم التصوّف لغة واصطلاحا ؟
2.   كيف كانت نشأة الطريقة النقشبندية ؟
3.   ما مبني الطريق للنقشبندية ؟
4.   كيف كان منهج التلقي للنقشبندية ؟
5.   كيف كان منهج التوحيد للنقشبندية ؟
6.   كيف كان منهج العلم للنقشبندية ؟
7.   كيف كان منهج تقديس النقشبندية للشيوخ ؟



المبحث الثاني
الإطار النظري

‌أ.     التصوّف و مفهومه
1. التعريف اللغوي
  تصوّف : كلمة تؤخد من صَافَ – صَوْفًا معناه : مَالَ وَعَدَلَ[1]
        قال سهل بن عبد الله التستري : (الصوفي من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله من البشر، استوى عنده الذهب والمدر.[2]
2. التعريف الاصطلاحي
قال الجنيد بن محمد : التصوف هو أن تكون مع الله تعالى بلا علاقة.[3]
        إن كلمة (صوفية) تعني في حقيقتها، جماعة من الرجال الذين لم يلتفتوا إلى مظاهر الحياة الفنية، واتخدوا لأنفسهم مذهبا تقوم أساسياته على قيم اسلامية نقية، وفكر روحي عميق، وفلسفة انسانية عظيمة.[4]
كلام ابن خلدون في تعريف التصوف
يقول العلامة ابن خلدون عن التصوف وطريقته التي كثر الاختلاف فيها عند الناس (وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والأعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه والانفراد في الخلوة للعبادة.[5]
كلام شيخ الاسلام لإبن تيمية في تعريف التصوف
يقول الشيخ ابن تيمية هو في الحقيقة نوع من الصديقين فهو- أي الصوفي-الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه فكان الصديق من أهل هذه الطريقة. خلاصة القول ابن تيمية أن (الصديقية) وهي الدرجة العالية التي تجيء بعد (النبوة) في الترتيب. هذه الدرجة يطلبها الصوفية بقية أفراد المجتمع المسلم من علماء أو أمراء ونحوهم كل بما اختص به من طريق يطلب به مرضاة الله.[6]

1-  سيرته
أ‌-      حياة الشيخ بهاء الدين النقشبند
هو الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد المشهور بالنقشبند والملقب (بمحمدالبخاري) ولد قدس سره في شهر محرم الحرام سنة سبع عشرة وسبعمائة هجري في قرية قصر هندوان التي سميت فيما بعد (بقصرعارفان) من قرى بخارى على فرسخ منها، وفي بعض المصادر ذكر انه سيد حسيني وجده الاكبر محمد جلال الدين، وهو مريد خواجه محمد باباالسماسي وهو شيخ طريقة خواجكان، وقد اشرناالى ان هذه الطريقة كانت تسمى طريقة خواجكان، توفي الخواجه محمد باباالسماسي في (755)هـ.
وقد حل السماسي مع عدد من مريديه ضيفا" في قرية قصر هندوان وهي قرية محمد بهاء الدين ولم يمض ثلاثة ايام في عمرمحمد بهاء الدين الطفل فاحتضنه جده وقدمه للسماسي الشيخ، ففرح به وقال اني قبلت هذا الطفل ولدا لي، وبشر مريديه بان هذا المولود سيكون اماما لزمانه ، كان جده يريد تربيته تربية صوفية فزوجه وعمره 18 سنة واخذه في نفس السنة الى سماس لخدمة العارف الكبير الشيخ محمد السماسي
وتلقى الطريقة منه وبعد وفاة الشيخ السماسي في 755 هـ اخذه وذهبا الى سمرقند للبحث عن رجل صالح قادرعلى تربيته ثم ذهبا الى السيد امير كلال خليفة الشيخ السماسي فاخذالطريقة منه وبدأ بالسلوك وقال امير كولال له: ان حضرة الشيخ محمد السماسي أوصاه به وقال له لاتأل جهدا بتربية ولدي محمد بهاء الدين ولابالشفقة عليه. فبدأ بهاء الدين بالذكر والفكروالسلوك الصوفي، وتربية القلب وتزكية النفس.
و كان استعداده فوق العادة فكان يقطع مسافة شهر بيوم واحد و مسافة عام بأيام، ففي يوم من الايام جمع السيد امير كولال مريديه وقال لمحمد بهاء الدين آمامهم: اني نفذت وصية مرشدي الخواجه السماسي بتربيتك و لم آل جهدا في تربيتك ثم مد يده الى صدره وقال :اني أرضعتك جميع مافي صدري فيبس ثديي فتمكنت من اخراج قلبك من قشرة البشرية وتخليصك من النفس والشيطان وأصبحت رجلا عظيما وأنبتك محل نفسي ولكن همتك تتطلب العالي وهذا منتهى مقدرتي على تربيتك وأجيزك لتبحث عن رجل أصلح مني لعله يعرج بك الى مقام أعلى.
و قد ذكرت سابقا ان بعضاً من المريدين يتقدمون على مشايخهم كالشيخ النقشبند مع مرشده و هو السيد امير كولال. وبعد ان ترك السيد اميركولال وقضى سبع سنوات مع مولانا عارف الديك كراني وهو احد خلفاء كولال وصاحبه وقفى 12 سنة مع شيخ تركي اسمه( خليل آتا) فكان عاشقا للعبودية والسلوك. وكان بهاء الدين بالاضافة الى السلوك يتنقل بين علماء الشرع ولا سيما السنة النبوية لدراستها.
وقد حج مرتين وفي احدى سفراته ذهب الى(هرات) فاحترمه الملك معزالدين وكانت له اسفارعديدة فسافرالى سمرقند وريورتون وسمنان ومرو، وطوس ومشهد وتايباد وقزل رباط وكيش. توفي الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند ليلة الاثنين ثالث شهر ربيع الاول سنة احدى وتسعين وسبعمائة وعمره اربع وسبعون سنة ودفن في بستانه في الموضع الذي امربه وبنى عليه اتباعه قبة عظيمة لاتزال تزار.
وقد ربى عشرات الالوف من المريدين وقد وصل بعضهم درجة الاجازه المطلقة وقد اجتازوا درجات البقاء بعد الفناء.
وبفيض بركاته تمكن خلفاؤه ونوابه ابلاغ مريديهم الى غاياتهم وأحدهم هوخواجه محمد بارسا الذي ولد في بخارى 749 وتوفي في بلخ 148هـ فقد ترك عشرين مؤلفا منها كتاب " القدسية " وهو كتاب يضم اقوال الشيخ النشقبند .
وخلفه ابنه ابو النصر بارسا و هو من كبار مشايخ النقشبندية. ومن عظماء الطريقة النقشبندية الذين تصل اليهم سلسلتنا الشيخ محمد بن محمد المشهور بعلاء الدين العطار فقد ربى مئات من المريدين وابلغهم الى قمم الغايات.
و في كتاب الحدائق الوردية عشرات من اسماء مريديه و اخبار عشرات من خلفائه ، وجاء فيها : وله خلفاء كنجوم السماء . وفي كتاب " القدسية " المطبوع والمحقق من قبل السيد احمد طاهر العراقي اشارة الى المراجع المخطوطة للنقشبندية وهو مزين بصورة ضريح النقشبند الذي يقول المستشرق الدانيماركي الوفسين وكان في بخارى في اعوام 1896 ـ 1899 : ان ضريح بهاء الدين هو في ركن من بستان مليىء باشجار كثيرة من التوت والمشمش وجانباه جامع ويزار.
و قال ارمينوس و هو ايضا في القرن التاسع عشر، و مستشرق مجري: يتوافد على ضريحه على الدوام خلق كثير، حتى من الصين و من عادة اهل بخارى انهم يزورونه يوم الاربعاء و منهم من يظل يصلى الليل كله في جامعه و ان جانب المرقد مسجد وخانقاه.
جاء في كتاب الحدائق الوردية و ( الانوار القدسية ) و هي نفس الحدائق: عندما توفي بهاء الدين دفن في بستان له و بنيت قبة و جامع في جانبه وقف الملوك و العظماء كثيرا من الاملاك عليها.
قال كاتب و محقق القدسية: لبهاء الدين النقشبند عدا الرسالة القدسية، رسائل اخرى توجد في مكتبات العالم كالاوراد البهية ، و الورد الصغير، و الاوراد البهائية  و هي مشروحة وكذلك رسالة الوارادت و توجد نسخة منها في ايا صوفيا وكذلك كتاب "دليل العاشقين" و رسالة الحياة و هي نصائح.
كلمة النقشبند: تساءل كثيرون عن معنى هذه الكلمة و هي نقشبند و ليست "نقشبندي" و هي كلمة فارسية معناها" الناقش" كالمصور ويستعمل للحفر في الحجر والشجر يقال" النقاش" لمن صور باليد، وكلمة النقش عربية ويقال " العلم في الصغر كالنقش في الحجر".
و قيل ان اجداده كانوا نقاشين و هو غير صحيح فلو كان ذلك صحيحا لكان اسم بهاء الدين نقشبنديا و ليس بنقشبند.
و انه شخصيا طول حياته لم يسلك عملا غير السلوك الصوفي. فالمعنى متوجه الى المعنويات أي كان بهاء الدين نقاش القلوب و قد رسخ نقش"الله " في قلبه و قلوب مريديه ونهجه كما هو واضح، عمل للمذكور ليكون في قلبه.
يقول الشاعر النقشبندي: يارفيقاً في طريق النقشبند إنقش ذكر الحق في قلبك بجد.
وقال بعضهم : النقشبند قرية في ( بخارا) وبهاء الدين من سكانها وهوغير صحيح إذ لا توجد قرية بهذا الاسم و إن حياته معروفة وواضحة ولو كانت هنالك قرية بهذا الاسم لقيل النقشبندي لا النقشبند.
و الحقيقة هي أنه روج الذكر الخفي من أجل دوام المذكور في القلب ونقشه في الباطن. ومن اسمائه: محمد بهاء الدين الاويسي البخارى وهو يوضح انه من" البخارى" ولكن مامعنى الاويسي ؟ يقول مؤلف كتاب" تاريخ التصوف في كردستان" نقلا عن كتاب" تاريخ السليمانية" لامين زكي، سمي أويسياً لأن خُلُقِه في التصوف هو خُلُق الأويس القُرني لذلك سمي أويسياً.
والحقيقة أن المشايخ الذين توصلوا عن طريق المشايخ المتوفين او المشايخ الذين لم يلتقوا بهم جسديا وتربوا على ايديهم معنويا وليس جسديا يسمون بـ" الاويسي" فكما أن سيدنا أويس القرني حرم من نعمة اللقاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وحظى بروحانيته وبركاته .
وهكذا يمكن ان يستفيد المشايخ من مشايخ توفوا او لم يلتقوا بهم وهم احياء .
و حيث ان النقشبند قد تلقى التربية الروحية كما قال في وصف رحلته الروحية، من روحانية الخواجه عبد الخالق الغجدواني، وكان أمير كولال قد اعترف بانه قد اوصله الى مقام معين قدر طاقته، و قد رفعته روحانية الشيخ الغجدواني المتوفى قبل بهاء الدين بسنين طويلة الى هذا المقام الكبير، فهو على هذا الاساس اويسي المشرب لذلك يقال له " بهاء الدين الاويسي" .
و لذلك ايضا يقال أن سلسلة بهاء الدين النقشبند تصل الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعد عشرة من المشايخ ويقع امير كولال ، والسماسي ، وعلى رامتيني ومحمود إنجير فغنوي وعارف ريوكري بين بهاء الدين"الغجدواني" فما دامت روحانية الغجدواني هي التي ربت بهاء الدين النقشبند فيعتبر مرشدا له. وهذا المقام الاويسي لم يكن خاصا به بل كذلك الشيخ حسن الخرقاني ومن المشهور أن روحانية البسطامي ربت الشيخ حسن المتوفى في 425 هـ وتوفي بايزيد في 261 هـ كماانه من المشهور أن البسطامي من تربية الامام جعفرالصادق المتوفى في(148) هـ.
و يقول البعض : يوجد شخصان باسم بايزيد احد هما عاش في زمن الامام جعفر وأقصد بذلك توضيح معنى"الاويس" والا فان هؤلاء المشايخ الكبار قصدوا الله سبحانه وهو حاضر في كل مكان وهادي عبده "و اتقوا الله و يعلمكم الله".
و من كان له مرشد كبير مثل امير كولال وقال اني اعطيتك كل ما أملك وأخرجتك من القالب البشري ، وهذه اشارة الى مقام البقاء بعد الفناء، فإنه يستطيع بعد ذلك شق طريقه والله سبحانه قادر على ان يأمر روحانية رجل صالح لتربية الاخرين .

خلاصة الكتابة لكتاب "طريقة النقشبندية واعلامها"
نشأة ومبادئ الطريقة التقشبندية
          تنتسب هذه الطريقة إلى محمد بهاء الدين شاه نقشبند. واشتق اسمها منه، ومن ثم عرفت به. ولد في قرية بخارى سنة (717-791).
وكانت قبله تنسب إلى عبد الخالق الغجدواني، وسميت كذلك بالمجددية أو الفاروقية نسبة إلى الشيخ أحمد الفاروقي السرهندي، وبالخالدية نسبة إلى خالد النقشبندي الملقب بالطيار ذي الجناحين. وهو الذي نشر الطريقة في بلاد الشام بعد أن تلقاها من الشيخ عبد الله الدهلوي. وقد كان انتشارها مقصورا على بلاد بخارى وما حولها[7].

وهو قد أخذها عن شيخه أمير كلال عن الخواجة محمد بابا السيماسي عن علي الراميتني عن محمود النغوي عن الخواجة محمد عارف الديوكري عن الخواجة عبد الخالق الغجدواني[8].

وهو قد لقب بنقشبند لانطباع صورة لفظ الله على ظاهر قلبه من كثرة ذكر الله، وقيل سمي نقشبند، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وضع كفه الشريف على قلب الشيخ محمد بهاء الدين الاويسي نقشبند، فصار نقشا في القلب[9].
تنسب إلى الخليفة الراشدي الأولى أبي بكر الصديق، إذ يعتبره أصحابها المؤسس الأول، وهم بذلك يرجعونها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس أن أبا بكر قد خلف الرسول في علمه وهديه لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما صب الله في صدر شيئا إلا وصببته في صدر أبو بكر".
غير أن الطريقة النقشبندية قد استقت مبادئها وأساسها التي ميزتها عن بقية الطرق الصوفية بفضل. تعاليم أربع شخصيات [10]:
أ‌)          سلمان الفارسي
ب‌)     أبوا يزيد طيفور البسطامي
ج) عبد الخالق الغجدواني
د) محمد بها الدين الاوسي البخاري المعروف بشاه نقشبند
كان سلمان قوي الجسم، صحيح الرأي، عالما بالشرائع، وهو الذي أشار على المسلمين بحفر الخندق في غزوة الأحزب.وبعد أن احتل المسلمون المدائن، عاصمة الفرس، جعلوه أميرا عليها، فأقام فيها حتى وفاته.[11]
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في فضله: "إم الجنة لتشقاق إلى أربع :عمار وعلي وسلمان وبلال". وقال أيضا : "سلمان منّا آل البيت".
  وبذلك أصبح سلمان النموذج الممتاز للانتخاب الوحي. وهذا دليل على ما اعتمده الصوفية من الأبوة الروحية. كما أنه تلميذا لأبي بكر الصدّيق في التصوّف. ومن هنا تأتي أهميته في الطريقة النقشبندية.[12]
1.     خلاصة الطريق
          وأما خلاصة طريق النقشبندية، فلابد للسالك أن يجعل العزيمة ويحوط كل عمل كالواجب، فلا يتركه بلا ضرورة ملجئة.
          والحرام لا يرتكبه ولا يقربه بلا داعية ضرورة، ويأخد بالأحوط. ولو عمل بالمذهب الأربعة لكان أحسن وأفضل وأعظم في الأمور كلها، من العبادات والعادات والمعاملات والإجتناب هن المهلكات، والصفات الذميمة، والتخلق بالأخلاق الحميدة.[13]
2.     المبادئ في الطريقة النقشبندية
أ‌)        مصدر التلقّي
    قد بينّا بأن مصدر التلقي عند سلف الصوفية هو الكتاب والسنَّة، كما أنهم من أكثر الناس تحذيراً من البدع والمحدثات، بينما نجد النقشبندية على خلاف ذلك، فيرون أن تلقي الدين قد يكون من الأموات، أو من الله تعالى بلا واسطة الرسول ، وقد يكون بالذوق والمواجيد.
قال أحمد السرهندي: (واعتقدوا الأذواق)[14].
وقال حسين الدوسري في هامش «المكتوبات»: (علومهم حاصلة من الحق بلا واسطة)[15].
ونقل أيضاً عن بعض العارفين قوله مخاطباً أهل النظر: (أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت)[16].
ب‌)   التوحيد
      توحيد سلف الصوفية يقوم على إفراد الله تعالى بالربوبية والألوهية، وأنه تعالى لا مثيل له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بينما توحيد النقشبندية هو وحدة الوجود، وأنه ليس ثمة موجود إلا الله تعالى، وأن جميع ما يُرى من أصناف المخلوقات إنما هي في حقيقتها مظاهر وتجليات للرب تعالى.
قال السرهندي: (اعلم أن التوحيد الذي يظهر في أثناء طريق هذه الطائفة العلية على قسمين: توحيد شهودي، وتوحيد وجودي.
فالتوحيد الشهودي: هو مشاهدة الواحد، يعني لا يكون مشهود السالك غير واحد.
والتوحيد الوجودي: هو أن يعلم السالك ويعتقد الموجود واحداً، وأن يعتقد أو يظن غيره معدوماً، وأن يزعم الغير مع اعتقاد عدميته مجالي ذلك الواحد ومظاهره.
فكان التوحيد الوجودي من قبيل علم اليقين، والتوحيد الشهودي من قبيل عين اليقين، وهو من ضروريات هذا الطريق)[17].
وعلى هذا حملوا قول الحلاج: (أنا الحق)، وقول أبي يزيد البسطامي: (سبحاني ما أعظم شاني)، فقالوا: هو محمول على التوحيد الوجودي[18].
وقال أحمد السرهندي: (اعلم أن العناية الإلهية جذبتني جذب المرادين أولاً، ثم يسرت لي طي منازل السلوك ثانياً، فوجدت الله عين الأشياء كما قاله أرباب التوحيد الوجودي من متأخري الصوفية، ثم وجدت الله في الأشياء من غير حلول وسريان، ثم وجدته سبحانه معها بمعية ذاتية، ثم رأيته بعدها ثم قبلها، ثم رأيته سبحانه وما رأيت شيئاً وهو المعني بالتوحيد الشهودي المُعبَّر عنه بالفناء، وهو أول قدم توضع في الولاية، وأسبق كمال في البداية، ....، ثم ترقيت في البقاء وهو ثاني قدم في الولاية فرأيت الأشياء ثانياً،  فوجدت الله تعالى عينها بل عين نفسي، ثم وجدته تعالى في الأشياء بل في نفسي، ثم قبل الأشياء بل قبل نفسي، ثم بعد الأشياء بل بعد نفسي، ثم رأيت الأشياء وما رأيت الله تعالى أصلاً وهي النهاية)[19].
وقال علي الواعظ الهروي في «رشحات عين الحياة»: (رشحة: قال بعض الأكابر لشيخنا –وهو سعد الدين النقشبندي- في مجلس من المجالس: قال أكابر الصوفية لا وجود غير وجود الحق سبحانه الذي هو الوجود المطلق، وأن الظاهر في لباس المظاهر واحد، فعلى هذا التحقيق ما معنى مخالفة أهل الإسلام أهل الكفر ومنازعتهم إياهم، فأجابه حضرة شيخنا بهذين البيتين، -ثم ذكر بيتين بالفارسية ثم قال: لما كان وجود الحق سبحانه هو الوجود المطلق الذي لا وجود غيره عند محققي الصوفية مقترناً بالتعينات والنِّسَب والاعتبارات ونحوها من النعوت التي تلحقه بواسطة تعلقه بالظاهر، جرى كل واحد من أفراد الممكنات بمقتضى مبدأ تعيينه الذي هو حقيقته ...)[20].
وهذا صريح في وحدة الوجود، وأن ما ثمة إلا الله. ثم انظر إلى قول الجنيد سيِّد الطائفة: (التوحيد إفراد القِدَم من الحدث).
والشيخ عند النقشبندية يحيى ويميت، فأعطوه صفة الله تعالى.
قال السرهندي: (الشيخ يحيى ويميت، وإن الإحياء والإماتة من لوازم مقام المشيخة)[21].
هذا فيما يتعلق بوجود الله وتوحيد الربوبية.
أما توحيد الألوهية، وإفراد الله تعالى بالعبادة، فقد كان سلف الصوفية كما سبق من أكثر الناس تعظيماً لهذا الأمر، وأن لا يُعبد إلا الله، ولا يُقصد أحد سواه، بل أن لا يلتفت القلب إلى أحد من الخلق تعلّقاً وطلباً. وأما النقشبندية فقد فتحوا باب عبادة الأولياء، ودعاؤهم والاستغاثة بهم، والطواف بقبورهم.
ومن أمثلة ذلك ما يحكونه ويعتقدونه في الشيخ محمد المعصوم، والذي يعتقدون أنه كان غوثاً يستغيث به الناس، ويصفونه بحضرة القيوم. ويحكون عنه أشياء من ذلك.
قال عبد المجيد الخاني: (أن الخواجه محمد صديق كان في سفر على فرس، فجفلت فسقط إلى الأرض، وبقيت رجله في الركاب، وجعلت الفرس تعدو به حتى أيقن الهلاك، فاستغاث بحضرة القيوم، قال: فرأيته حضر وأوقفها، وأركبني.
ومنها: أن الشيخ محمد صديق المشار إليه وقع في البحر، ولم يك يعرف السباحة، فكاد أن يغرق، فناداه مستغيثاً به، فحضر وأخذ بيده وأنقذه من الغرق.
ومنها: ....)[22].
سبحان الله فأين هم من قوله تعالى )وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً( )الإسراء:67(
وقوله تعالى )فإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) (العنكبوت:65)
والاستغاثة بالأموات ودعاؤهم ومناداتهم أصل من أصول الطريقة، وقد كتبوا في ذلك، فمن ذلك كتاب «الحجج البينات في الاستعانة من الأموات» لأبي الأسفار علي البلخي.
والنقشبنديون يعتقدون في أئمتهم أنهم يتصرفون في الكون، فأعطوهم شيئاً من الربوبية.
قال الكمشخاتلي النقشبندي: (وأما أنواع الأولياء والمتصرفين: فمنهم قطب الأقطاب، وقطب الإرشاد، وقطب البلاد، وقطب المتصرفين، وهم الكلمات الجامعة الإلهية، وقدرتهم القدرة الذاتية، وهم أقطاب العالم، وهؤلاء الأوتاد نوابهم: لا موت، ولا عارض، ولا صعق، ولا تغيّر عليهم.
وذكر الإثني عشر نقيباً ثم قال: الإثنا عشر نقيباً مطّلعون على تأثيرات الكواكب التي تنزل على البروج.
ومنها النجباء: وهم ثمانية عدد السماوات مع الكرسي، وهم واقفون على أحوال النجوم وسيرها، ....، والنقباء فوقهم لأنهم مطّلعون على أحوال النجباء وأسرار النجوم والكرسي والعرش. ...)[23].
والنقشبنديون يعظّمون الموتى، ويتبركون بالقبور، ويعتقدون أنها وسيلة إلى الله، وهي موطن البركات، وموضع قضاء الحاجات، وإغاثة اللهفات، وتفريج الكربات.
قال محمد أسعد زاده النقشبندي في بيان المقصود من زيارة القبور: (فإن المقصود منه: الزيارة والاستمداد من سؤال المغفرة وقضاء الحوائج من أرواح الأنبياء والأئمة عليهم السلام، والعبارة عن هذا الإمداد بالشفاعة)[24].
وقال محمد أمين الكردي: (وكل شأن من شؤون العبادة وطلب العلم والكشوفات مرتبط بالقبور، بل تلقي العلوم وفيضها والتكليف واستمداد كل خير مرتبط بالقبر)[25].
وهذه الكلمات احدى عشرة في نقشبندي:
1-  اليقظة عند النفس : " هوش دردم " حفظ الأنفاس
ومعنا حفظ النفس عن الغفلة عند دخوله وخروجه وبينهما ليكون قلبه حاضرا مع الله في جميع الانفاس فلا تتوزع خيالاته على امور دنيوية . قال النقشبند : إن عمل السالك متعلق بنفسه، فعليه أن يعلم فيما اذ أمر نفسه مع الحضور او مع الغفلة لكي يبقى السالك في الذكر ولايتوزع باله على الماضي او المستقبل في حال الغفلة.
قال الشيخ عبيد الله الاحرار 809 ـ 895 هـ وهو احد كبار النقشبندية : اهم عمل في الطريقة النقشبندية هو مراقبة النفس حتى لايخرج في الغفلة ، ومن لم يفكر فيها يقال له انه ( فقد نفسه ). وقال الشيخ سعد الدين الكاشغري وهو معاصر الشيخ عبيدالله : معنى اليقظة عند النفس هو ان لايغفل السالك من نفس الى نفس وان يتنفس مع الحضور وان لايخلو النفس عن الحق. وباختصار تعنى هذه الكلمة عند رجال الطريقة النقشبندية اليقظة والدقة والفكر عند التنفس وهو درجة من درجات الطريقة واذا اضاع السالك نفسا له فكأنه ارتكب ذنبا، ان ضياع النفس هو ضرر له .
2-  النظر الى القدم : " نظر بر قدم " حفظ النَّظَرات
يرى البعض ان معناه : على الصوفي في حال مشيه في الطريق ان يكون نظره مركزا على موضع قدمه حتى لايتوزع باله وعقله على انحاء كثيرة ، وحتى يكون عقله وفكره مع الله فلا يغتر بجمال ومتاع الدنيا وهذا عمل محمود ولكن الامام الرباني يقول : النظرعلى القدم هي حال"السفر في الوطن" وهما معنويان والمقصود بهذه الكلمة : هو ان السالك قبل ان يسير من مقام الى مقام أعلى عليه أن ينظر بعين البصيرة الى هذا المقام قبل أن يخطوعلى قدمه المعنوي.
وفي مبحث الدوائر اشرنا الى ان المسيرة بالقدم تصل الى نهاية مقامات الحقائق واخرها حقيقة الصلاة ثم تبدا الرحلة النظرية . وقال الامام الرباني، إن السير النظري كالاستطلاع للسير على القدم لعروج المقامات وقبل ان يخطو بقدمه الى المقام الجديد فعليه ان يتحقق فيه ويعرف مكانه، فيخطو الى المقام الجديد ، ويقال لهذا التحقق في المقام الجديد" النظر الى القدم " لذلك يشبه حالة السفر في الوطن ذلك ان النظرعلى القدم يعنى الرحلة من مقام الى مقام وهي نفس معنى السفر في الوطن . والتحقق في موضع القدم في حال السفر يعني النظر على القدم وهو تبصيرالسالك بدرجته ومنزلته في مستقبله . وبعد مرحلة الرحلة على القدم تبدا مرحلة نظر السالك، والسالك يرى المقامات الكبرى بالنظر فقط.
يقول فخر الدين الكاشفي في الرشحات : النظرعلى القدم يشيرالى مدى تقدم السالك في مسلك التصوف للعروج الى مقامات الوجود ، وتجاوزعقدة الانانية. وله كتاب مهم مرسوم بـ (الاصول النقشبندية) محفوظ في المكتبة الوطنية الفرنسية.
3-   السفر في الوطن : " سفر در وطن " حفظ الأخلاق وله معان:
المعنى الاول :  لانشك في ان السفر بالمعنى المعروف مفيد لرفد الخبرة وتوسعة الادراك ، والسير في الارض يورث العبرة في النظر الى المخلوقات، ويوجه أبصار الانسان الى عظمة خالقه. فالسفر باعث للتفكر وقد مدح الله سبحانه المتفكرين في خلق السموات والارض وقرنهم بالذاكرين قال تعالى" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض" آل عمران 191 ثم مدح السائحين في الارض وقرنهم بالتائبين العابدين . فقال سبحانه" التائبون العابدوين الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله " التوبة 112 وفي سورة التحريم" تائبات عابدات سائحات " .
وفي القرآن الكريم عناية خاصة بالسائرين في الارض للاعتبار بما جرى على الارض عقابا للمعتدين، أو دلالة على التغيرات في امورالحياة . يقول سبحانه في اربعة مواضع من القرآن الكريم" أفلم يسيروا في الارض " .
وفي ثلاثة مواضع" قل سيروا في الارض " .
وفي موضعين" أو لم يسيروا في الارض " .
وهي حث للمسلمين على السفر وعلى التجول في الارض ليزداد إيمانهم بالله سبحانه. الا يعنى ذلك ان اساس هذه القاعدة الصوفية النقشبندية هو الخلق الاسلامي القرآني.
المعنى الثاني:
هو البحث عن المرشد الصالح فقد أوصى كبار المشايخ بسفر المريدين للبحث عن مرشد كامل ولكنهم قالوا فعند ذلك على السالك أن يطيع كل مايأمر به المرشد وان رحلة مولانا خالد النقشبندي من العراق الى الشام والحجاز، ومن الحجازالى كردستان ومنها الى ايران والافغان وكابل وقندهار الى ان يصل الى حضرة الشيخ عبد الله الدهلوي ويحظى بامنيته في حضرة هذا المرشد الكامل تعتبر من الرحلات الصوفية المهمة في هذا المجال وكذلك رحلة الامام الغزالي من طوس الى بغداد ومنها الى الشام والحجاز للبحث عن مرشد مثال اخر لهذه الرحلات .
المعنى الثالث:
وهو المعنى المعنوي في المصطلح النقشبندي: يقول النقشبنديون ان المعنى المعنوي لهذه الكلمة عبارة عن محاولة السالك للانتقال من الصفات البشرية الخسيسة الى الصفات الملكية الفاضلة وهو سفر من عالم الخلق الى الحق وهو ابتعاد عن مغريات الدنيا والتقرب من مالك الدارين وهو سفر من حال ومقام الى حال ومقام احسن و اعل
4-   الخلوة في الجلوة : "خلوت در انجمن " حفظ الخلوة ومعناه ان جسده مع الخلق وقلبه مع ربه.
الخلوة نوعان: وهي خلوة مادية ، وهي عبارة عن انتقال السالك الى زاوية معزولة للتعبد والتأمل وهذه نافعة للسالك لضبط حواسه وامكان التركيز على قلبه والانهماك في حال قلبه ومن المعلوم انه كلما استطاع تعطيل الصفات الخارجية من العمل تزداد الصفات الباطنية نشاطاوعملا وبهذا يقرب من عالم الملكوت بشكل احسن.
والنوع الثاني:
خلوة القلب بحيث لا يغفل عن ذكر ربه حتى اذا كان مع الناس ومشغولا بالكسب والذهاب والاياب فيبقى قلبه ذاكرا ولايغفل عن ربه قال تعالى "رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله" النور37 والمقصود هنا المعنى الثاني . قال الشيخ محمد امين الكردي في كتابه تنويرالقلوب" فمعناه ان يكون قلب السالك حاضرا مع الحق في الاحوال كلها غائبا عن الخلق مع كونه بين الناس" . ويستحسن معظم كبار علماء التصوف ان يبقى قريبا من الناس ، عاملا بالكسب الحلال بعد ان يستقر السالك ويتقدم في سلوكه . قال الشيخ ابو سعيد الخراز المتوفى 279 هـ: ليس الكامل من صدر عنه انواع الكرامات وانما الكامل الذي يقعد بين الخلق يبيع ويشتري معهم ويتزوج ويختلط بالناس ولا يغفل عن الله لحظة واحدة. ويقولون ( الصوفي كائن بائن ) اي بالظاهر والجسم كائن مع الخلق والباطن والقلب بائن عنهم.
قال الامام الرباني :  الخلوة في الجلوة فرع للسفر في الوطن ذلك انه متى يتيسر السفر في الوطن يسافر في خلوة الوطن ايضا في نفس الجلوة ولاتتطرق تفرقة الافاق الى حجرة الانفس . وقال : هذا العمل في البداية صعب ولكنه سرعان مايسهل وقال: هذه الموهبة في طريقتنا للمتبدئين اما في الطرق الاخرى فهي للمنتهين.
ذلك انها تحصل في السير في الانفس وهي بداية الطريقة النقشبندية والسير الافاقي يحصل مع السير في الانفس والسالكون من الطرق الاخرى عليهم ان يكملوا السير الافاقي ثم يبدأوا بالسير في الانفس .
وللتوضيح اقول : أن السير الافاقي هو سير في عالم المادة وفي عالم الخلق . إما السير في الانفس فهو عبور المقامات القلبية الباطنية وتسمى اللطائف وهي من عالم الامر ، والاسرار والانوار التي تكشف خارج القلب هي من عالم الخلق اي الافاقي وماتكشف في القلب وترى فهي للانفس وعالم الامر . والتحلي بهذه الصفات والقدرة على تحقيق هذه الاعمال هي من مواهب هؤلاء السالكين الذين ملكوا هذه الدرجات بما قدموا من الذكر والعبودية والصدق والمجاهدة .
5-  الذكر الدائم ( يادكرد ) حفظ الذِّكر:
والذكر بالمعنى العام الذي يشمل ذكر اسم الجلالة والتأمل ، والصلاة وقراءة القرآن الكريم والدعاء هو اساس السلوك الصوفي ، والغالب الشائع من معانية هو ذكر اسم الجلالة "الله" والتأمل . والذكر قد يكون جهرا وقد يكون سرا والسلوك النقشبندي يعتمد الذكر السري وله صورتان : ذكر "الله" عز وجل ، و النفي والاثبات "لااله الا الله" وفي الحديث الشريف (افضل ما قلت انا و النبيون من قبلي ، لااله الا الله ) وهذه الطريقة كانت تسمى الطريقة الخواجية ، باسم مرشدها الاكبر المعروف بخواجه عبد الخالق الغجدواني، وهو الذي اسس الذكر السري في الطريقة النقشبندية وروجه وابتكر هذه النصائح التي نحن بصدد بيانها، وقد ظل الذكرالجهري معمولا به بجانب الذكر الخفي عند السالك الى عهد الشيخ محمد بهاء الدين النقشبندي وهو رئيس الطريقة النقشبندية اذ قرر ان الطريقة هي الذكر القلبي لا غير، واضاف ثلاث نصائح اخرى الى كلمات الغجدواني وهي : الوقوف القلبي والوقوف العددي والوقوف الزماني فاصبحت (11) كلمة او نصيحة .
والمقصود بالذكر هنا هو مداومة الذكر والتذكر، والفائدة في الذكر القلبي انه لايحتاج الى صوت او حرف اي القول باللسان فيستطيع ان يذكرالسالك حتى في خضم العمل ولكن الذكر اللساني لايتحقق في حال العمل ولاسيما في حال الكلام مع الناس .
وهذا الذكر القلبي يتطلب المداومة حتى يتحقق للذاكر السالك الحضور الدائم مع المذكور وهو الله سبحانه وهدفه هو هذا الحضور وحينذاك يدرك السالك بحسه الباطني وبعين بصيرته أنه حاضر امام ربه ويرى البركات وهي حالة المشاهدة .
وقد ذكرنا ان منهم من يذكر الله في يوم واحد (25) الف مرة واقل الذكر بالنسبة للمبتدئين(5) الاف مرة، وبعد ان يبلغ مرحلة الحضور لا يبقى للعدد مفهوم وكذلك الذكراللساني ذلك ان المذكور، وهو الله قد احاط بقلبه والسالك يقطع المقامات .
6-  العودة من الذكر الى الذات " بازكشت " حفظ الطَّلب:
ومعناها رجوع الذاكر من النفي والاثبات "لااله الاالله" بعد اطلاق نفسه الى المناجاة بهذه الكلمة الشريفة باللسان او بالقلب "الهي انت مقصودي ورضاك مطلوبي" وذلك لطرد كل الخيالات من قلبه حتى يفنى من نظره وجود جميع الخلق .
7-  حراسة القلب من الغفلات او الحضور الدائم ." نكاه داشت " حفظ الخواطر:
ومعناه ان يحفظ المريد قلبه من دخول الخواطر ولو لحظة فان خطرعلى قلبه شيء حق ام باطلا فعليه يوقف ذكره حتى ينتهي من طرد الخواطرفيبدا بالذكر من جديد . وجاء في كتاب( مناهج السير) للسيد ابي الحسن زيدالمجددي الفاروقي مطبوع في دلهي 1957 : ان هذا التوقف معناه انه على السالك ان يحافظ على الثمار من البركات التي حصل عليها بمداومة الذكر اوعلى درجة الحضور والمشاهدة التي حصل عليها باستقامته على الذكر فلا يسمح بتسلل الخطرات الى قلبه .
وفي كتاب رشحات عين الحياة ( المطبوع 1912 في كانبيرا) ينقل فخرالدين على الكاشفي عن سعد الدين الكاشغري : على السالك أن يتمرن ساعة او ساعتين او ثلاث ساعات يوميا حسب طاقته على حبس ذهنه وفكره القلبي بحيث لا يخطر في قلبه شيء ولايبقى في قلبه غير الله سبحانه ويرى بعضهم ان التوقف خاص بذكر النفي والاثبات ( لا اله الا الله) وهو ان يرسخ معنى الذكر في قلبه ويحبسه لكي يدوم المعنى وهو انه "لا اله الا الله" فان لم يستطع فلا يحصل له الحضور القلبي .
وان هذه المحاولة كما يبدو تهدف الى دوام الحضور، ذلك ان حضور القلب وحفظ الباطن عن كل الخطرات والخيالات من اهم مقاصد الصوفية يرعاها المتصوفون، وهي درجة من درجات التصوف . وللمشايخ اقوال ونصائح عديدة في هذا المجال . ويجب ان نعلم بانه ليس المقصود ان لايمراي خاطر في القلب ولكن معناه هو ان لايستقر ويكون كالاوراق التي تمر سريعا على الماء الجاري ولاتتوقف .
وفي كتاب الحدائق الوردية للسيد عبد المجيد الخاني رواية عن علاء الدين العطار يقول "ان منع الخطرات والخيالات عن التسلل الى القلب صعب وشاق ولكن عليكم العمل على طردها وعدم ابقائها" . وقال : اني حرست قلبي عشرين سنة من الخطرات والخيالات ومع ذلك تسللت الى قلبي بعد كل هذه المدة ولكنها لم تستقر .
8-  المشاهدة " ياد داشت " حفظ الحُضور:
التوجه الخاص لمشاهدة انوار الذات ، وتسمى ايضا عين اليقين، والشهود .
قال الشيخ محمد امين الكردي : هي كناية عن حضورالقلب مع الله تعالى على الدوام في كل حال من غير تكلف ولامجاهدة وهذا الحضور في الحقيقة لايتيسر الا بعد طي مقامات الجذبة وقطع منازل السلوك .
وقال ايضا : والحق انه لايستقيم الا بعد الفناء التام والبقاء السابغ فالمشاهدة " يادداشت" هي ثمرة عمل السالك وهي عبارة عن حال المريد بعد الوصول الى غايته وقد تكون ثمرة الذكر او المراقبة او مساعدة المرشد ، ويصلها السالك بعد قطع كل الحواجز .
قال الشيخ عبيدالله الاحرار : تعني هذه الكلمة " المشاهدة ياددايت" مشاهدة الحق بالحب الذاتي ، وهو حضورلاغياب فيه، يغطي الحب السالك بصورة دائمة وقيل ايضا( يادكرد) هو الدوام على الذكر و"الرجوع" بمعنى انه بعد اي توقف من الذكر يعود السالك الى قلبه ليقول : ( الهي انت مقصودي ورضاك مطلوبي) و"التوقف" ( حراسة القلب ) هي حراسة هذه الحالة دون ان يذكر شيئا .
فالمشاهدة هي دوام حراسة هذه الحالة والمحافظة على الحضور
فالكلمات الفارسية الثمانية قد شرحنا في سيرة الشيخ عبد الخالق الغجدواني.
اما الكلمات الثلاث التي اضافها الشيخ النقشبند الى القواعد الثماني فهي :
9-    الوقوف الزماني :
وهو المحاسبة القلبية ومعناه انه ينبغي على السالك بعد مضي كل ساعتين او ثلاث ان يلتفت الى حال نفسه كيف كان في هاتين الساعتين او الثلاث فان كانت حالة الحضور مع الله تعالى شكر الله تعالى على هذا التوفيق وان كانت حالة الغفلة استغفر منها واناب.
وجاء في كتاب الرشحات ان الشيخ بهاء الدين النقشبند قال : الوقوف الزماني هو ان يكون السالك واعيا لحاله عارفا بما هو فيه هل يستحق الشكر عليه او يجب عليه الاعتذار فان كان حسنا شكر الله عليه وان كان غير ذلك اعتذر قال مولانا يعقوب الجرخي هو احد المريدين الكبار للشيخ النقشبند : ان الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند كان ينصح السالك الذي ابتلي بحال القبض بالاستغفار وينصح السالك الذي اسعده الله بحال البسط بان يشكر الله سبحانه . فالوقوف الزمني هو مراقبة الحالين القبض والبسط ويفهم ايضا ان حالة البسط اساسها اليقظة وحالة القبض اساسها الغفلة.
10-           الوقوف العددي:
وهوالمحافظة علىعدد الوترفي النفي والاثبات ثلاثا او خمسا "لاا اله الا الله" ومنهم من يستطيع الذكر (21) مرة بنفس واحد ، فهذه المراقبة العددية تسمى الوقوف العددي فالسالك واقف متيقظ بضبط نفسه على الذكر بالوتر وهذا الذكربالقلب وبالباطن وكذلك عده بالقلب وبالباطن وليس باللسان ولهذا الوقوف ثمرة معنوية كبيرة وقد جربه المشايخ والمريدون وهو من بديهيات الطريقة.
قال الشيخ عبدالرحمن الجامي (817 ـ 898 هـ) ( وهو مؤلف نفحات الانس) في رسالته النورية (وهي مخطوطة في دار الكتب المصرية )
حكمة الوقوف العددي هي معرفة السالك متى وفي اي عدد من الذكر تحصل له ثمرته؟ فان بلغ (21) مرة ولم يشعر بالثمرة المعنوية فان علامة واضحة لنقصان شروطه وانه يراقب العدد ليعرف فيما اذ حصلت له البركة ام لا .... فان لم تحصل البركة من ( 21) مرة فعليه ان يبحث عن سر نقص عمله .
قال الشيخ النقشبند :
ان هذا الوقوف العددي هدفه ضبط فكر السالك وعقله لكي لايشتط ويذهب الى هناك او هنا.
قال علاء الدين العطار :
ليس المهم من الثمرة كثرة الذكر بل المهم هو التيقظ والمراقبة ويتحقق في الوقوف الزمني والعددي.
11-           الوقوف القلبي:
قال الشيخ عبدالله الدهلوي : انه عبارة عن تنبه السالك لحال قلبه بمراقبته ومحاولة الاطلاع على انه ذاكر ام لا وعليه ان يتوجه بقلبه الى ذاته سبحانه دون ان يتصور القلب ، او الاسم.
فالوقوف القلبي هو حراسة القلب لكي يذكر الله دائما ولايغفل عنه ويكون القصد من الذكر، (المذكور) لا الكلمة وينتظر السالك البركة متوجها الى السماء ومع ان الله سبحانه في كل مكان فان السماء بالاعتبار الانساني هي مركز العلو والبركة .
ويرى الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند :
ان الوقوف القلبي افضل من الوقوف الزماني والوقوف العددي ، ذلك انه مع اهمية الوقوفين الزمني والعددي لاستحصال البركات فان فقد انهما لايؤثر في السلوك الصوفي ، ولكن الوقوف القلبي ضروري فان فقده السالك الذاكر واصبح ذكره مجرد حركة اللسان اوالقلب دون الوعي فانه لا يحصل على شيء.

ج‌)    العلم
        على الرغم من أن أئمة الصوفية وسلفهم كانوا يهتمون بالعلم، ويبينون بأنه لا يمكن الوصول إلى الله إلا بالعلم الذي يتبعه عمل، فإن النقشبندية قد زهدوا في العلم، واتخذوا منه موقفاً معادياً على الرغم من أن طريقتهم مبناها على الرابطة بين الشيخ والمريد، إلا أنها تقوم على تحصيل الواسطة فقط في تلقي الطريقة، لا أخذ العلم.
قال محمد أسعد زاده النقشبندي في بيان وسيلة الترقّي وأنه الارتباط بالشيخ والاستمداد منه دون الله تعالى: (يستحضر صورة شيخه على أكمل الأحوال ليحصل له المدد منه، فإن شيخه بابه إلى حضرة الله تعالى، ووسيلته إليه ....
فالواجب عليه أن يشهد شيخه، ويتصور صورته حتى يستمد من الله تعالى بسبب تعظيم صورة شيخه المستمد منه تعالى، ويبقى على ذلك حتى يحصل له الفتح الإلهي)[26].
‌ح)    تقديس النقشبندية للشيوخ
    يُقدِّس النقشبنديون الشيوخ تقديساً قد يصل إلى درجة إعطائهم بعض صفات الرب تعالى، كعلم الغيب، والتصرف في ذات الكون ونحو ذلك، وهذا مخالف لما كان عليه أئمة التصوف السابقين الذين كانوا يزنون شيوخهم بميزان الكتاب والسنَّة، فمن رأوه ملازماً للأثر أحبوه وأكرموه، ومن خالف تركوه.
قال أبو يزيد البسطامي مرة لصاحب له: (قم بنا حتى ننظر إلى هذا الرجل الذي شهر نفسه بالولاية –وكان رجلاً مقصوداً مشهوراً بالزهد- قال الراوي: فمضينا، فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمى ببصاقةٍ تجاه القبلة، فانصر أبو يزيد ولم يُسلِّم عليه، وقال: هذا غير مأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكيف يكون مأموناً على ما يدّعيه)[27].
قال الشاطبي معلِّقاً على هذا الأثر: (وهذا أصلٌ أصَّله أبو يزيد رحمه الله للقوم، وهو أن الولاية لا تحصل لتارك السنَّة، وإن كان ذلك جهلاً منه، فما ظنك إذا كان عاملاً بالبدعة كفاحاً؟)[28].
وأما النقشبنديون فعلى خلاف ذلك تماماً، قد منحوا شيوخهم العصمة.
قال محمد أسعد زاده النقشبندي: (من لا شيخ له فشيخه الشيطان، ومتى كان شيخه الشيطان كان في الكفر حتى يتخذ شيخاً متخلِّقاً بأخلاق الرحمن)[29].
وقد سبق ذكر قول السرهندي: (الشيخ يحيى ويميت، وإن الإحياء والإماتة من لوازم مقام المشيخة)[30].
وقال محمد أسعد زاده النقشبندي: (بعض الأولياء يُمكِّنهم الله تعالى من التصوُّر بصورٍ عديدةٍ، بحصرٍ أو بغير حصرٍ، وقد يكون لهم صورة واحدة تملأ الكون)[31].
والشيخ عندهم يقول للشيء: كن، فيكون.
وقال محمد أسعد زاده: (وقد سئل بعض الأئمة من الأكابر على ما في «الدلائل الواضحات» عمن قال: إن من كرامات الولي أن يقول للشيء: كن، فيكون، فنهى القائل عن ذلك. فقال: من أنكر ذلك فعقيدته فاسدة، فهل ما ادعاه صحيح.
فأجاب: بأن ما قاله صحيح، إذ الكرامة الأمر الخارق للعادة يُظهره الله تعالى على يد وليّه)[32].
ومن شيوخ النقشبنديون بعض الحيوانات؟
قال محمد الخاني: (وأما الحيوانات فلنا منهم شيوخ، ومن شيوخنا الذي اعتمدت عليهم الفرس، فإن عبادته عجيبة، والبازي والهرة والكلب والفهد والنحلة وغير ذلك، ....
وهم في كل لحظة مع اعتقادهم سيادتي عليهم يوبخوني ويعتبوني، وقد ألقى منهم شدة لما يرون من نقص حالي في عبادة ربهم، وربما يغتاظ بعضهم عليَّ)[33].
والله تعالى لم يختص بالخلق والإيجاد، بل الأولياء يشاركونه فيه عند النقشبنديين.
قال علي الواعظ الهروي: (قد أعطي بعض العارفين قدرة على خلق كل ما أرادوا خلقه).
ويعتقد النقشبنديون أن أئمة الطريقة يعلمون ما في الصدور، ويُشرفون على ما في خواطر الناس.
قال الدهلوي: (وللنقشبندية تصرفات عجيبة من التصرف في قلوب الناس، والإشراف على خواطر الناس، وما يختلج في الصدور)[34].
الأصل هو الذي تدور حوله نصوص الشرعية، ولا يحل للإنسان أن يؤصل أصلا يطوع نصوص الشريعة لموافقته، ولاحرج في اعتبارنا أصول الدعوة السلفية ثلاثة أو أكثر، فالمهم أن تكون صحيحة موافقة لنصوص الكتاب والسنة، وقد تكلم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه "الأصول العلمية للدعوة السلبية" ، عن التوحيد والاتباع والتزكية، ولاريب أن التزكية لا تتم إلا بالتوحيد والاتباع، والاتباع الحق يتضمن توحيد الله عزوجل وتزكية النفوس، فهذه الأصول التي يجملها البعض ويفصلها آخرون، هي مندرجة تحت كلمة الشهادة :"لاإله إلا الله محمّد رسول الله" ، وهي كلمة التي ندخل بها في دين الله.[35]
‌ط)    الشريعة، الطريقة، الحقيقة والمعرفة
1)     شريعة
هي جسد الدين، والجسد يحيا ويموت. هكذا هي الشريعة، قد تكون حية وقد تكون ميتة. في رحاب المسيح تكون الشريعة قلباً ينبض بالحياة... في رحاب النبي محمّد تكون الشريعة كزهرة صَحَت من نومها حين داعبها نسيم فجر جميل ففتحت بتلاتها حتى يرويها الندى... وحين يرحل السيد المستنير، حين تغيب الشمس مصدر النور بحلول المساء، يبقى النور في سمائنا لوقت قصير ثم يرحل تاركا لنا ظلام نتحدث بلسانه عن النور وباسم النور. السيد المستنير هو الروح لجسد الدين، الشمس التي تبعث لنا النور... غياب الروح يعني موت الجسد وغياب النبي والمسيح يعني أن الروح قد فارقت جسد الدين. والجسد الميت يشبه الجسد الحي عدا أن الأول لا حياة فيه، والناس تتعلق بالأشكال وتهوى الأجساد ولا تناشد أي حقيقة أبعد من هذه الأبعاد، وهكذا لا تزال الناس تؤمن بأن الشرائع في يومنا هذا حيّة وبأن نهر الحياة لم يجفّ فيها بعد أن أصبحت حبراً على ورق.
نحن الآن نحيا زمن بقايا الأديان... زمن المعابد العامرة بالبنيان والقلوب الخالية من الإيمان... زمن علماؤهم شر علماء منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود. هذا ما تبقى لنا من الشرائع، وهذا هو الجسد بعد أن فارقته الحياة... بقيت الواجبات والطقوس والنصوص بين أيدينا وضاع منّا المفتاح الذي يحوّل ويُحيي ويطهّر النفوس. الطقوس لا تلامس النفوس ولا تبني كيان إنسان نقي، مُحب ورحيم في ميزان الأكوان. هي جيدة لإبقاء الإنسان بعيداً عن تدمير ذاته وتدمير الآخرين قدر الإمكان... لإبقائه مهذباً محترماً في ميزان مجتمعه دون أن يتعدى حدوده مع نفسه ومع غيره. هي اجتماعية أكثر منها روحية. ومنذ عصور خلت وحتى يومنا هذا، هي سياسية أكثر منها دينية. السياسة ترتدي الدين قناعاً لها لتحقيق أهدافها.
المستنير هو النور الإلهي الذي به يحيا جسد الدين ويتنفّس، ومتى ترك الله شيئاً تملّكه الشيطان.... استولى عليه الشر وأصبح وسيلة لتحقيق أهداف خبيثة، ولسان يستخدم الحق لخدمة الباطل. الجسد الميت هو بوابة يدخل الشر من خلالها إلى العالم ويزرع أفكاره بين الناس. السياسي هو ذلك الشيطان... هو هذا الشر يجد الدين وسيلة يعبّر بها عن نفسه. كثيرون لن يروا الشر خلف الستار... كيف يرونه وهو يرتدي ستار الدين؟ فالناس لا تهتم سوى بالشكل، بالمظهر الذي يغشي العيون عن رؤية الجوهر المكنون. ومتى رأت الحشود أحدهم يتحدث باسم الدين غاب عن وعيها أن الدين الذي يتحدث عنه مجرد كلمة على اللسان، وأن خطبته ووعظته كلمات تدخل الآذان ولا تلامس قلب ولا وجدان. بل على العكس... فهذه الكلمات تلبس قناع الدين لتخفي وراءه قبح النوايا، والله أعلم بما في الصدور من مؤامرات وخفايا.
الإنسان هو المسؤول... هو من سمح للفكر الماكر باحتلال وعيه وتغييبه حتى أصبح اللاوعي حالة جماعية دفعت بالناس إلى أن تسلّم أمرها ومسؤوليتها للحكام وأتباعهم من رجال الدين، دون أن يعلموا أنهم سلّموا معها حريتهم وحقهم في الحياة أيضاً. الإنسان هو المسؤول لأنه لا يهتم إلا بالشكل، بالكتب وعذب الكلام. والكلام العذب قد يخفي بين حروفه حقيقة مرة. لنتفكّر معا... نحن نقابل الناس في الحياة، نعاشرهم، نحبهم ونعيش معهم... ماذا نرى في الناس سوى الوجوه؟ هل نعرف شيئاً عن النفوس؟ نحن نهتم بالأسماء، بالعائلات والألقاب... وكل هذه الأشياء لا تعبّر عن الإنسان، بل لا علاقة لها بحقيقة الإنسان وذاته الإلهية. هذه معلومات على الهوية تعبّر عن الشخصية، والإنسان كيان وفردية متفردة مميزة تتجاوز الاسم والعائلة والطائفة واللقب.
علاقتنا بمن نحب، بأطفالنا هي علاقة أنا والشيء... جسد بجسد... كل ما نعرفه عن بعضنا هو الأشكال... ومعرفتنا سطحية مزيفة. الشكل الخارجي غير الحقيقة الداخلية... الجسد المادي الفاني غير النور الخالد الأبدي لدرجة أنه إذا زارك حبيبك بروحه لا جسده لن تتعرف عليه وستخاف منه. كيف تتعرف على ما تجهله؟ كيف تؤمن بأن جسد من تحبه يحوي روحاً أبدية وأنت ترى نفسك وتعاملها كجسد؟ الوجود مرآة لك وكما ترى نفسك تراني. وأنت لا ترى نفسك سوى في مرآتك، فترى وجهك وتتأمله دون أن تعرف أن بداخلك وجهاً لا وجه له.
تخيّل معي لو أننا نحيا في عالم لا مرايا فيه، هل سنعرف أنفسنا إذا أتوا لنا برؤوسنا وأهدوها لنا؟ لا، لن نعرفها لأننا لا نعرف من نحن... نحن نؤمن بما تقوله لنا المرآة لا بما أهدانا إياه الله والحياة. من هنا لا يحق لمن حدّه جسده معرفة ما هو أبعد من جسد الدين، من الشريعة. حين يمشي المسيح أو النبي محمد أنت تراقبه وهو يمشي، يأكل، يجلس، يتكلم، يلبس ويعبّر.
مجموع هذه الأشياء يخلق ما تسميه شريعة... محاولة لتقليد السيد المستنير والتصرف مثله... مجموع هذه الأشياء نخلق منه قواعد وأحكام نحاول أن نتقيد بها وننفذها دون أن نضع في الحسبان أنها فيض من قلب الإنسان وأنها متى كانت تقليداً أصبحت زوراً وبهتان. هذا هو البعد الأول للدين وهو الشريعة.
على هذا المستوى تحيا بقايا الأديان في يومنا هذا دون استثناء. الناس تؤمن بالشريعة... الناس تهوى أن تسلك الدرب القصير... تهوى التقليد لأنها لا ترى سوى الأشكال. لا ترى ما الذي جعل المسيح أو النبي محمد يمشي وحوله هالة نور تنير القلوب وتشفيها من آلامها وشقائها. الناس لا تريد أن تشرب من نفس النبع الذي تحمّل النبي وكل مستنير مشقة عمر مديد حتى شرب منه وارتوى... لا فالناس لا ترى سوى الأفعال... نرى الجيوب لا القلوب وهذا أصل النفاق. لهذا لن تتمكن من إيجاد مجتمع متدين. كل الحشود والمجتمعات تجهل ما هو التدين الحق، وتبقى سياسية لا متدينة. الفرد يصل للتدين لا الجماعات، وكيف للفرد أن يكون سياسياً منافقاً في وحدته وتوحدّه؟ من سينافق؟ من سيجامل؟ ومن سيساوم؟
وحدتك ووحشتك وإحساسك بغربتك بين الناس وبالألفة والمحبة بين أحضان ذاتك والطبيعة، وتحت السماء هي السبيل إلى توحّدك وتديّنك. أنت لا تتبع أحد ولا تهتف باسم أحد فكيف تكون سياسياً؟ أنت تحيا في خلوة وجلوة داخل قلبك وفي قلب ربك وهذا هو درب توحّدك... الآخر ضرورة حتمية لولادة السياسة من رحم المجاملة بينك وبينه. السياسة تحتاج الجمعة، الحشد والشعوب لتخرج إلى الحياة بينما الدين لا يحتاج سوى أنت. وحدتك وخلوتك مع نفسك هي جسرك ومعبرك وخلاصك. لهذا تجد الأنبياء والحكماء فروا إلى الجبال وابتعدوا عن الحشود واختلوا بأنفسهم وأضاؤوا شمعتهم بنور وحدتهم.
الحشود تهمها المظاهر لأنها تحيا حياة مزيفة قائمة على المظاهر، ومتى أصبح الدين مظهراً لا جوهراً تحوّل إلى نفاق ظاهر لا يراه سوى قلب طاهر. ترى الحشود تسأل المستنير والنبي والحكيم عن ما يأكل وكيف ينام وماذا يفعل صباحاً وظهراً ومساءاً... هل هذا كل ما يهمنا؟... تصرّف الإنسان لا يساوي كيانه ولا يعبر عنه.. ما يأكله المستنير ليس بالمهم، ما يلبسه أو ما يفعله في حال من الأحوال... ما يهم هو أن يلامس نور جوهرته نافذة كيانك، فتفتح أبوابها لترى نور جوهرتك أيضاً. مراقبة أفعال المستنير تعني ولادة الشريعة... أنت تردد كلامه وأفعاله وأقواله... وهذا جيد طالما أن النبي والحكيم لا يزال في جسده، فحضوره ينير الحروف بنوره الذي يتعدى كل الحروف... لكن ماذا ستفعل حين يرحل؟ ما الذي فعلناه بعد رحيل الأنبياء والأولياء؟ عبدنا أجسادهم وكلماتهم وقامت الحروب لأجلها ولا زالت. حروب بدأت باسم الشرائع ولم تنتهِ بعد ولم نلحظ أن النور قد رحل مع رحيل الأنبياء والأولياء وما تبقى لنا هو ظلام وكلام.
2)     الطريقة
هي البعد الثاني للدين. والكلمة مستمدة من الطريق، من الدرب الذي نسلكه في رحلة عودتنا من الخارج إلى الداخل، في رحلة حجنا من العالم إلى أنفسنا. الطريقة هي جناح يطير بنا من الاعتقاد إلى الرؤية، من التفكير إلى الفعل، ومن الحلم إلى الحقيقة. هي الجسر الذي نعبر عليه للوصول من الشريعة إلى الحقيقة.
والطريقة هي التقنية التي تساعد الإنسان في التعرف على ذاته وعلى الأكوان. إنها قادرة على تحويل الإنسان ورفع منزلته في ميزان الأكوان. إنها تحرر الفكر من المعتقد فلا تبدله بآخر، بل تتجاوز الفكر وتنتقل بصاحبها إلى حالة الذكر... اختبر بنفسك دون أن تسأل وتفكر وتعتقد... لا تسأل أين هو الله وما هو الله وإلى أين سأذهب بعد الموت... الطريقة والتقنية أمامك. استعملها ولا تدعها تستعملك... منها وبها سترى بنفسك وتختبر وستعلم دون أن تفكر وتسأل وتعتقد. لا فائدة من كل الكلام، تعال واختبر.. لا فائدة من الكلام فكيف سأقنعك بوجود السماء إذا كنت تجلس في غرفة مغلقة؟ كيف أقنعك بوجود النور إن أطفأت شمعتك وملأت العتمة وعيك.
3)     الحقيقة
هي البعد الثالث للدين. والكلمة مستمدة من الحق، أي الحقيقة صافية شفافة دون تلويث أو تحريف. وهي روح الدين. أولاً الشريعة ومن خلالها تجد المجتمع والسياسة والأوامر والنواهي والأخلاق... بسبب الشريعة نجد في كلام الأنبياء العديد من القواعد والأحكام التي تنظم المجتمع. لكن من يبحث عن الجواهر بين الكلمات وعن صمت النفوس بين النصوص، لا بد له من أن يجده وسوف يجده. المجتمع لن يجده. وحده الفرد الحر المشتاق للحق هو من يجد الحقيقة.
4)     المعرفة
ويتردد في أوساط الصوفية والباحثين في التصوف أن ذا النون المصري يعد أول منفرق بين المعرفة والعلم وذلك ليفصل بين وسيلة الحقائق وطبيعتها التي يصل إليها الصوفي، وبين طريقة علماء الظاهر أو علماء الرسوم كما يسميهم الصوفية، ويشير سهل التستري،  إلى فرق غامض بين العلم والمعرفة فيقول: "العلم يثبت بالمعرفة، والعقل يثبت بالعلم، وأما المعرفة فإنها تثبت بذاتها.  ويشرح الكلاباذي، هذا النص بما يلي: "إن الله تعالى إذا عرف عبداً نفسه فعرف الله تعالى بتعرفه إليه أحدث له بعد ذلك علماً، وأدرك العلم بالمعرفة وقام العقل فيه بالعلم.( الذي أحدثه فيه.
ومما يحسن ذكره هنا أنه على الرغم من محاولة القشيري وضع إطار عام للمعرفة الصوفية في النص السابق إلا أنه من الصعوبة بمكان تحديد تعريف للمعرفة يمكن أن يتفق عليه أكثر الصوفية، لأن المعرفة الصوفية حالة يشكل العنصر النفسي والذاتي أساساً لها، وترتبط بوقته وبمجهوده بمن الله وفضله. ومعنى ذلك أن المعرفة الصوفية ليست حالة مبنية على أسس منطقية عقلية بحيث يمكننا أن نصوغ لها تعريفاً معيناً يجمع خصائصها ويبين معالمها، بل هي حالة مقامة على التجربة الخاصة لكل صوفي، والدرجة المعرفية التي بلغها كل منهم، ويظل كل ما جرى على ألسنتهم بشأنها تعبيرات عن مضمون تلك المعرفة، وإشارات إلى ما يعتبره كل صوفي مقوماً لحياته الصوفية، ولهذا كانت هذه التعريفات شخصية إلى أبعد حد، وفي هذا السياق يقول القشيري: "وقد تكلم المشايخ في المعرفة، فكل نطق بما وقع له، وأشار إلى ما وجده في وقته، لذا فقد وردت الكثير من التعريفات للمعرفة جرت على ألسنة المتصوفة أو سطرتها أقلامهم كل حسب حاله ووقته الذي هو فيه، فذو النون المصري مثلاً قال فيها: "المعرفة إطلاع الخلق على الأسرار بمواصلة لطائف الأنوار( وقال الشبلي) المعرفة دوام الحيرة، وقال أبو يزيد البسطامي: (المعرفة أن تعرف أن حركات الخلق وسكناتهم بالله"(
والواقع أن المتأمل للنصوص التي جرت على ألسنة الصوفية في تحديد المعرفة، يلاحظ أن عباراتهم تكاد تتفق على أن المعرفة تكون وهبية وكسبية بمعنى أن الصوفي قد يجاهد ويقدم العبادة ولا يصل إلى شيء من حقائق هذه المعرفة لعدم التأييد من الله سبحانه، ومن العبارات التي تشير إشارة جلية إلى تلازم الطريقين عبارة أبي سعيد الخراز التي تتمثل في قوله: "المعرفة تأتي من الجود وبذل المجهود، وتظهر العلاقة بين عين الجود وبذل المجهود واضحة جلية في قول المحاسبي، إن أول المحبة الطاعة، وهي منتزعة من حب السيد عز وجل إذا كان هوالمبتدئ، وذلك أنه ع رفهم نفسه ودلهم على طاعته وتحبب إليهم، على غناه عنهم، فجعل المحبة له ودائع في قلوب محبيه.
وذلك أن الجود والمجهود كليهما عنده من تفضل الله على عبده، فالطاعة التي من بذل المجهود أساسها المحبة الإلهية التي هي من عين الجود، ولذا لما سئل ذو النون المصري بم عرفت ربك؟ قال: "عرفت ربي بربي، ولولا ربي لما عرفت ربي، ومن العبارات التي تؤكد هذه الصلة أيضاً ما نقله الكلاباذي عن بعضهم قوله: "على العباد بذل المجهود في أداء ما كَلَّف وإتيان ما ندب إليه بعد التكليف وبعد إتيانها وإيفاء ما عليه تكون المشاهدات، واستدل على ذلك بقوله تعالى:(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وبقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون، وبقوله صلى الله عليه وسلم). من عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم، وقد أشار إلى هذه العلاقة أيضاً يحي بن معاذ، بقوله: "(لن يصل إلى قلبك.(  روح المعرفة وله عليك حق لم تؤ ويسهب الصوفية في بذل المجهود الذي ينبغي أن يزين به السالك ظاهره حتى يحسن الله سرائره،  بالمشاهدة، وهو تلك المجاهدة التي إن لم يكن السالك ملازماً لها لم يجد في هذه الطريقة شمة( 43 بمعنى أن طريق المجاهدة هي الطريق المؤدي في النهاية إلى التنور بأنوار العلم والمعرفة التي يغدق الله بها على عباده المقربين، وقد أوجز ذلك الغزالي بقوله: "الطريق تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، ومهما حصل ذلك كان الله هو المتولي لقلب عبده والمتكفل له بتنويره بأنوار العلم. "فبتلك المقامات والمجاهدات التي ينتقل بينها العبد، وبقدر صدق حاله، وبقدر عناية الله السابقة فيه، يحصد الثمار المتمثلة في كنز لطائف المعارف، التي تقع في قلب العارف ومن الجدير بالذكر أن من خصائص هذا العلم الموهوب أنه علم لا يمكن التنبؤ بالوقت الذي يحدث فيه، أو الكيفية التي يرد عليها، وهو كذلك ذو طبيعة غلابة وقاهرة، بمعنى أنه من عرف الله انقطع عن كل الأشياء وخرس عن كل العبارات، وهذا ما عناه الواسطي بعد عندما قال: من عرف الله تعالى انقطع، بل خرس وانقمع. وهذه في الحقيقة يشير إشارة واضحة إلى أن المعرفة الصوفية هي أوسع من أن تحيط بها العبارات، فهي معرفة "لا صلة لها بمدلول لفظ معرفة في معاجم اللغة، كما أنها ليست معرفة مقابل المعرفة الفلسفية أو العقلية بشكل عام، ولكن أطلق الصوفية على تجربتهم هذه لفظ المعرفة لقصور اللغة عن الوفاء بكل ما هنالك، ومن ثم سيظل حديث الصوفية عنها غامضاً ورمزياً متبعين في ذلك سبيل الإشارة، وهذا ما عبر عنه النفري، عندما قال: " كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة". وحتى لا تكون هذه المعرفة مرتعاً لكل سائمة، وباباً مفتوحاً للمدعين، فقد وضع الصوفية علامات وأمارات للعارف الصادق صاحب المعرفة المبتغاة، إذ قد جرت الكثير من العبارات على ألسنة المتصوفة تبين تلك الأمارات وتلك الأشراط، ولعل من أهمها ما رواه كل من الطوسي والقشيري عن ذي النون المصري، وهو قوله "علامة العارف ثلاثة: لا يطفئ نور معرفته نور ورعه، ولا يعتقد باطناً من العلم ينقض عليه ظاهراً من الحكم، ولا يحمله كثرة نعم الله تعالى وكرامته على هتك أستار محارم الله تعالى"، ويقول الجنيد) مشيراً إلى الأخلاق التي يكون عليها العارف): "لا يكون العارف عارفاً حتى يكون،( كالأرض يطؤه البر والفاجر، وكالسحاب يظل كل شيء، وكالمطر يسقي ما يحب وما لا يحب، ويقول يحي بن معاذ مبيناً الحال التي يكون عليها العارف: "يخرج العارف من الدنيا ولا يقضي وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه وثناؤه على ربه عز وجل. ومن الشروط التي ينبغي توافرها في العارف، أن يكون على علم بالكتاب والسنة بحيث يمكنه أن يعرض مواجيده وأذواقه عليهما، ليتم له التبين ما إذا كانت هذه الأذواق أو المشاهدات التي تظهر له إيمانية فيتمسك بها أم هي شيطانية، فيخرجها من دائرة تفكيره، وفي ذلك يقول التستري: "كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فباطل.
ويقول الداراني: ربما تنكث الحقيقة في قلبي أربعين يوماً فلا آذن لها أن تدخل قلبي إلا بشاهدين من الكتاب والسنة، وهذا يؤكد مدى تمسك الصوفية بالشريعة وحرصهم على اتباعها، وأنها هي المقياس عندهم لمعارفهم وأذواقهم وفي ذلك يقول علي الخواص، إذا صح كشف الولي فلا يكون إلا موافقاً للشريعة ومؤيداً بها. فإن ادعى شخص الكشف وأتى بما يخالف الشريعة رددناه عليه، وجعلنا الخطأ أتى إليه عن طريق كشفه، وذلك لأن سائر علوم الأولياء لا تكون إلا من باطن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ومن دائرة علمه. ومن المحال أن يوحي الحق تعالى إلى قلب. وليه عن طريق الإلهام شيئاً يخالف شريعة محمد صلى الله عليه وسل أما غاية ما تصل إليه تلك المعرفة فهي الحيرة والدهشة، وهذا ما عبر عنه سهل التستري بقوله: "المعرفة غايتها شيئان، الدهش والحيرة، ويقول ذو النون المصري في ذلك أيضاً: "أعرف الناس بالله تعالى أشدهم تحيراً فيه، وشرح الهجويري معنى الحيرة في قول الشبلي: "المعرفة دوام الحيرة"، وذلك بقوله: "الحيرة نوعان حيرة في الذات، وحيرة في الصفات، فالأولى كفر وشرك، لأن العارف لا يمكنه أن يشك أبداً في وجود الذات الإلهية، أما الحيرة الثانية: فهي المعرفة لأن صفات الله تعالى بعيدة عن تصور العقول، لذلك فقد قال بعضهم: "يا دليل المتحيرين زدني تحيراً" ففي البداية أثبت وجود الله سبحانه وتعالى وكمال صفاته ووضح أنه هو مقصد الناس، مجيب الدعوات، وأنه ليس للمتحيرين تحير إلا فيه حينذاك طلب منه زيادة الحيرة، واعلم أن للعقل حين الطلب حيرة واضطراباً بين الشك والوقوف؛ لأنه متى عرف الإنسان ربه وأنه القاهر عرف نفسه أنه مقهور بالقهر الإلهي فتلك المعرفة إذاً تنتهي بصاحبها إلى الحيرة والعجز التام عن معرفة الكنه والحقيقة. ولذلك كان أكثرهم معرفة بربه أشدهم تحيراً فيه. ويكفيهم في هذا المقام اعترافهم بالعجز عن الإدراك والمعرفة كما قال الشبلي: "حقيقة المعرفة العجز عن المعرفة، وكثيراً ما يتمثلون بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "العجز عن الإدراك إدراك والبحث في ذات الله إشراك وفي نهاية المطاف يمكن القول إن المعرفة الصوفية هي غاية تلك الرحلة الشاقة من المجاهدات والترقي في المقامات، لا يعني ذلك كله أن المتصوفة قد استغنوا بالمعرفة أو ما يسمى بالعلم اللدني الحاصل من سلوك تلك المقامات عن العلم الكسبي، بل نجدهم في كثير من نصوصهم التي وردت عنهم يحثون على طلب العلم وتحصيله، وخير دليل على ذلك اعتراف ابن الجوزي بذلك على الرغم من انتقاده الشديد للصوفية الذي أظهره في كتابه تلبيس إبليس، حيث أشار إلى أن المتقدمين من الصوفية كانوا رؤساء في علوم القرآن والفقه والحديث والتفسير وإن الامتناع عن طلب العلم أو ذمه. إنما كان فعل طائفة من المندسين بين طوائف الصوفية.

 

‌ي)    التخلي والتحلي والتجلي

علم أن في علم التصوف و الطريقة مصطلاحت متعددة ومنها ما يتعلق بجهاد النفس وليس ميادينه العبادات ولا المكابدات ولا كثرة الأذكار .. إنما أساسه التخلي والتحلي .. التخلي عن الأخلاق المذمومة ..  والتحلي بأخلاق سيد الأولين والآخرين – محمد صلى الله عليه وآله وسلم.  إن المؤمن إذا تخلى تحلى .. وإذا تحلى تجلى وإذا تجلى تملى .. فالتخلي بعده التحلي وبعده التجلي وبعده التملي.

1)    التخلي
كل فرد منا لديه من الأفكار والتوجهات الكثير وتختلف هذه الأفكار ويختلف الحكم عليها أكانت سلبية أم إيجابية فعلينا أن نتخلى عن كل افكارنا السلبية ونضعها جانببا لنكتشف أنفسنا من جديد علينا أن نتخلى عن مظاهر السوء  علينا أن نتخلى عن مواقع الزلل "فالتخلي" فإنه أشق تلك المراحل وأصعبها، وأشدها وأكثرها ثقلاً على النفس لأنه مخالفة، وجراحة، واستئصال للتشوهات النفسية وتنقية من الشوائب التي صارت النفس تألفها وتعتادها وتعيش بها سنوات طويلة.
بالتخلي والتحلي.
 يفيض الله على تلك النفس أنوار معرفته، وينظر إليها نظر الرحمة واللطف. ويجعل الله تعالى تلك النفس كرياض الجنان. اتساعاً، وطهراً، وإقبالاً على الله. وتزكية، وسمواً، ورقياً، وعرفاناً، نوراً، وبصيرة.
2)    التحلي
بما يسهل علينا التعايش مع أنفسنا ومع غيرنا، نتحلى بصفات الفرد القبول عند الآخرين و نتحلى بحسن الظن في غيرنا و نتحلى بالصبر وقت الكرب و نتحلى بأدوات النجاح والبحث عنه
3)    التجلي
في سماء الإبداع بما ملكناه من خبرات في حياتنا ونكسب كل من حولنا وقبل هذا وذاك نكسب أنفسنا ولكن أين ؟وكيف ؟ ومتى ؟ ولأن العقل يقول .. كيف أن أقوم بملأ وعاء ولازال مليء ... ؟
هناك من يزال يقبع داخل قواقع قناعاته السابقة على أي شكل تكون .. حينها سنرآآه مثلما هو .. لم يتغير فيه شيء .. حتى لو حضر كل دورات الدنيا في تطوير الذات ..  فيكون لا قدمت ولا أخرت تلك الشهااااادات شيء .. فالإبداع والتجلي لا يكون إلا بعد التخلي ومن ثم التحلي.. اشتهر رجل بالحكمة البالغة فقرر أحد الباحثين عن تطوير نفسه بالذهاب إليه
وبعد وصول الرجل .. قرع الباب ففتح الحارس الباب وطلب ان يقابل الحكيم أخبر الحارس الحكيم بالرجل  فقال الحكيم : أدخله واجعله ينتظرن حتى آتي إليه بقي الرجل لوحده في غرفة ما يقارب الثلاث ساعات حتى ضاق ذرعا من هذا الحكيم ! دخل الحكيم على الرجل وسلم عليه وجلس بجواره فقا له الرجل : أنا فلان أتيت إليك من البلاد الفلانية وقد ذهبت لفلان وتدربت عند فلان  وسافرت لفلان .. وأكثر الرجل من الحديث عن نفسه فقاطعه الحكيم وقال : يا غلام أحضر الشاي ! ( أخذ الرجل يكلم نفسه : هل هذا الحكيم الذي يقولون عنه يقاطع حديثي ؟!!!!! ) وأكمل الرجل الحديث عن نفسه وفي هذه الأثناء دخل الغلام بالشاي والرجل لازال يتحدث عن نفسه وطلب الحكيم من الرجل الإمساك بكوب الشاي والحكيم يسكب الشاي في الكوب ولازال الرجل يتحدث عن نفسه .. امتلأ الكوب وبدأ الشاي يتدفق من الكوب والحكيم لازال يسكب الشاي حتى ضاق ذرعا الرجل ورمى بالكوب من يده وقال للحكيم أخطأت في حقي ثلاثة أخطاء الأول تركتني لوحدي ثلاث ساعات الثانية قاطعت حديثي وكلمت غلامك والثالثة سكبت الشاي حتى فاض من الكوب فقال له الحكيم : يابني مهما سكبنا في الكوب من شاي وهو ممتلئ فلن يفيد كالعقول التي تحمل الأفكار البالية والقديمة مهما وضعنا فيها من علم جديد فلن يفيد تخلص من أفكارك القديمة وأملأ عقلك بالجديد النافع .

‌ب.     تحليل البحث

          يعتقد المنتسبون لهذه الطريقة أن المؤسس الأول لها والواضع لأسسها ومبادئها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بالرغم من أن أبا بكر لا يعرف اسم هذه الطريقة.

وزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر»

وجرى الصوفية على ربط أنفسهم باسم صحابي، لكي يكتسبوا به صبغة شرعية. فأغلب الطرق الصوفية تلتصق بعلي وسلمان الفارسي رضي الله عنهم. وكل منها تدعي تلقي العلوم المكتومة الباطنة من طريق علي الذي أوتي علم الباطن عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه محاذاة لطريق الروافض.
وعجبا للسرهندي كيف يدعي بأنه « كما أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأخذ العلوم من الوحي فكذلك هؤلاء الأكابر (مشايخ الصوفية) يأخذونها بطريق الإلهام من الأصل». أي من الله مباشرة. مع أن أبا بكر لم يزعم أنه يأتيه كشف، ولا غيره من الصحابة.
كان ابن تيمية يرى أن القرآن والسنة أشار إلى المقدمات العقلية التي تهدي إلى سواء السبيل ، وأنه يجب أن يكون العقل تبعا للنقل لا متبوعا كالمتكلمين في المنهج السلفي فهو يرفض الثقة المطلقة بالعقل.
أن الشريعة أصلها القرآن وقد فسره محمد صلى الله عليه وسلم بالسنة، كان ابن تيمية يرجع إلى الكتاب والسنة ويدعوا إلى التحاكم إلى أهل القرون الثلاثة الأولى أي الصحابة والتابعين وتابع التابعين لهم بإحسان.

‌ج.      الخلاصة
من خلال ما سبق عرض طريق النقشبندية يمكن أن نستخلص ما يلي:
سلامة عقيدة ومنهج سلف الصوفية وأئمتهم المتقدمين، وذلك في أمور كثيرة من أهمها: التوحيد ونبذ الشرك، والحرص على العلم والتعلم، وتوحيد مصدر التلقي بالكتاب والسنَّة، والحرص على متابعة السنَّة والبعد عن البدع والمحدثات.
إن التحوّل في المنهج الصوفي قد ظهر بوادره في القرن الرابع هجري، وتكلم أئمة الصوفية محذرين من هذا التحول نحو هجر العلم، والتعبد بالبدع والمحدثات، وألفوا في ذلك كتباً تبيِّن طريقة المتقدمين منهم.
 أهم أسباب هذا التحول في التصوف الإسلامي هو البعد عن العلم والعلماء.
    نشأة الطريقة النقشبندية في القرن الثامن كان أثراً من آثار هذا التحول في التصوف.
    ظهور التباين الواضح والجلي بين أئمة الصوفية المتقدمين وبين أئمة الطريقة النقشبندية في أصول الدين كالتوحيد والاتباع، فضلاً عن فروعه.
الطريقة النقشبندية تقوم على تصورات خاطئة مخالفة للكتاب والسنَّة.
        الأصل هو الذي تدور حوله نصوص الشرعية، ولا يحل للإنسان أن يؤصل أصلا يطوع نصوص الشريعة لموافقته، ولاحرج في اعتبارنا أصول الدعوة السلفية ثلاثة أو أكثر، فالمهم أن تكون صحيحة موافقة لنصوص الكتاب والسنة





قائمة مصادر البحث

أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (790هـ/1388م)، الاعتصام، ت: د.محمد بن عبد الله الشقير، الدمام، دار ابن الجوزي، ط1.
أبو القاسم القشيري، عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري (465هـ/1073م)، الرسالة القشيرية، ت: د.عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف، القاهرة، دار المعارف.
أديب نصر الله.1997. جامع الأصول الطرق الصوفية. الإنتشار العربي :بيروت : الطبعة الأولى .
أحمد بن محمّد بناني . 1986 م . موقف الإمام ابن تيمية من التصوّف والصوفية .شركة دار العلم للطباعة والنثر:الطبعة الأولى.
أحمد ضياء الدين الكمشخاتلي النقشبندي المجددي الخالدي، جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأوصافهم وأصول كل طريق ومهمات المريد وشروط الشيخ وكلمات الصوفية واصطلاحاتهم وأنواع التصوف، القاهرة، مطبعة الجمالية، ط1، 1328/1910.
  أحمد الفاروقي السرهندي (1034هـ/1625م)، المكتوبات الشريفة الموسوم بـ«الدرر    المكنونات النفيسة»، بيروت، دار الكتب العلمية.
أحمد ورصان منور. 1997 م. فاموس المنوّر، Progressif Pustaka  .الطبعة الثانية. وكجاكرتا .
حسين الدوسري النقشبندي، «الرحمة الهابطة في تحقيق الرابطة» بهامش « المكتوبات الشريفة المرسوم بالدرر المكنونات النفيسة»، بيروت، دار     الكتب العلمية.
سعيد عبد العظيم، منهج شيخ الإسلام ابن تيمية (التجديدي السلفي ودعوته الإصلاحية)، دار الإيمان: إسكندارية.
عبد الله الدهلوي النقشبندي (1240هـ/1824م)، شفاء العليل ترجمة القول الجميل، لاهور، إسلامي أكادمي.
علي بن حسين الواعظ الهروي ، رشحات عين الحياة، ترجمة: محمد مراد بن عبد الله القزاني، ديار بكر، المكتبة الإسلامية،، ص213.
عبد المجيد بن محمد الخاني الخالدي النقشبندي (1318هـ/1900م)، الأنوار القدسية في مناقب السادة النقشبندية، ت: محمد محمد الرخاوي، القاهرة، مطبعة السعادة.
محمد أحمد درنيقة. 1987 م الطريقة النقشبندية وأعلامها .طرابلس .
محمد أسعد النقشبندي، محمد أسعد صاحب زاده النقشبندي الخالدي العثماني، نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان، د.م، المطبعة     العلمية، ط1، 1311/1893.
محمد أمين فتح زاده الكردي الأربلي النقشبندي .1329/1911. المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية، القاهرة، مطبعة السعادة، ط1.
محمد الحسيني الزبيدي ، اتحاف السادة المتقين شرح احياء علوم الدين
محمد بن عبد الله الخاني الخالدي النقشبندي (1279هـ/1862م)، البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية، تركيا، مكتبة الحقية.
محمد أمين الكردي الإربي 1416 هـ. تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب 539 ط: دار الكتاب العلمية. بيورت .
يوسف زيدان، 1986. المقدمة في التصوف وحقيقته .مكتبة الكليات الأزهرية :        الإسكندارية .


[1]  أحمد ورصان منور، فاموس المنوّر، Progressif Pustaka  (الطبعة الثانية: جوكجاكرتا :1997 م) ص.804
[2] أحمد بن محمّد بناني ،موقف الإمام ابن تيمية من التصوّف والصوفية (شركة دار العلم للطباعة والنثر:الطبعة الأولى :1986 م) ص. 73
[3]  نفس المرجع ، ص. 74
[4] يوسف زيدان، المقدمة في التصوف وحقيقته (مكتبة الكليات الأزهرية : الإسكندارية : 1986) صز 6-7
[5]  أحمد بن محمّد بناني ،المرجع السابق ، ص. 76
[6]  نفس المرجع ، ص.77
[7] محمد بن عبد الله الخاني الخالدي النقشبندي (1279هـ/1862م)، البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية، تركيا، مكتبة الحقيقة، ص 35.
[8]  محمد الحسيني الزبيدي ، اتحاف السادة المتقين شرح احياء علوم الدين 7/248.
[9] محمد أمين الكردي الإربي. تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب 539 ط: دار الكتاب العلمية. بيورت. 1416 هـ .ص 539 
[10] محمد أحمد درنيقة، الطريقة النقشبندية وأعلامها (طرابلس : 1987 م) ص. 11
[11]  نفس المرجع،  ص. 11
[12] نفس المرجع،  ص. 12
[13]  أديب نصر الله، المرجع السابق، ص29 
[14]  أحمد الفاروقي السرهندي (1034هـ/1625م)، المكتوبات الشريفة الموسوم بـ«الدرر المكنونات النفيسة»، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، ص211.
[15] حسين الدوسري النقشبندي، «الرحمة الهابطة في تحقيق الرابطة» بهامش « المكتوبات الشريفة المرسوم بالدرر المكنونات النفيسة»، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، ص309.
[16] نفس المرجع، ص309
[17] أحمد الفاروقي السرهندي، المرجع السابق، ص56.
[18] نفس المرجع، ص 56.
[19] عبد المجيد بن محمد الخاني الخالدي النقشبندي (1318هـ/1900م)، الأنوار القدسية في مناقب السادة النقشبندية، ت: محمد محمد الرخاوي، القاهرة، مطبعة السعادة،، ص181.
[20] الواعظ الهروي، علي بن حسين الواعظ الهروي ، رشحات عين الحياة، ترجمة: محمد مراد بن عبد الله القزاني، ديار بكر، المكتبة الإسلامية،، ص213.
[21] أحمد الفاروقي السرهندي، المرجع السابق، ص349.
[22] عبد المجيد الخاني، المرجع السابق، ص195.
[23] أحمد ضياء الدين الكمشخاتلي النقشبندي المجددي الخالدي، جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم وأوصافهم وأصول كل طريق ومهمات المريد وشروط الشيخ وكلمات الصوفية واصطلاحاتهم وأنواع التصوف، القاهرة، مطبعة الجمالية، ط1، 1328/1910، ص131.
[24] محمد أسعد النقشبندي، محمد أسعد صاحب زاده النقشبندي الخالدي العثماني، نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان، د.م، المطبعة العلمية، ط1، 1311/1893، ص38.
[25] محمد أمين فتح زاده الكردي الأربلي النقشبندي، المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية، القاهرة، مطبعة السعادة، ط1، 1329/1911، ص113.
[26] محمد أسعد النقشبندي،المرجع السابق، ص41.
[27] أبو القاسم القشيري، عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري (465هـ/1073م)، الرسالة القشيرية، ت: د.عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف، القاهرة، دار المعارف، ص57.
[28] أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (790هـ/1388م)، الاعتصام، ت: د.محمد بن عبد الله الشقير، الدمام، دار ابن الجوزي، ط1، 1429/2008، ص160.
[29] محمد أسعد النقشبندي، المرجع السابق، ص41
[30] أحمد الفاروقي السرهندي ، المرجع السابق، ص349.
[31] محمد أسعد النقشبندي، المرجع السابق، ص59.
[32] نفس المرجع، ص59.
[33] محمد بن عبد الله الخاني الخالدي النقشبندي،  المرجع السابق، ص6.
[34] عبد الله الدهلوي النقشبندي (1240هـ/1824م)، شفاء العليل ترجمة القول الجميل، لاهور، إسلامي أكادمي، ص104.
[35]   سعيد عبد العظيم، منهج شيخ الإسلام ابن تيمية (التجديدي السلفي ودعوته الإصلاحية)، دار الإيمان : إسكندارية. ص 41.
http://syangar.bodo.blogspot.co.cc