دروس في اللسانيات الحديثة
الدرس الأول
مبدأ التعميم
في نظرية النحو التوليدي التحويلي
يفهم من صفة التعميم في منهج المدرسة التوليدية أنّها لا تقصر الوصف والتفسير اللسانيين على لغة خاصّة، بل تجعل النظرية الواصفة المفسّرة معمّمَة على الظّاهرة اللغويّة البشريّة، في كافّة اللغات وتدعى النظرية اللسانية الواصفة والمفسرة، للغة البشرية قاطبةً، بنظرية النحو الكلّيّ (Universal Grammar)
والقول بقواعد النحو الكلي هو قول بظاهرة التعميم أي تعميم مجموعة من المبادئ العامّة على سائر الأنحاء الخاصة، وهو قول بأن اللغات الخاصة التي توصف بتلك الأنحاء الخاصة، تحكمها قواعد عامة كلّيّة، هي قواعد النحو الكليّ، ولا بدّ من ظاهرة التّعميم (Generalization) في جسم النظرية حتى يصحّ نعتُها بأنها نظرية لسانسة عامّة أو كلّيّة تقوم على وجود ثوابت عميقة تحكم الظواهر اللغوية – أصواتها، وتراكيبها ، ومعجمها ، وصرفها ، ودلالاتها – وقواعد لغوية ترتد إليها الأجزاء والآحاد ،و لا بدّ لكي تتحقق صفة التعميم والكلّيّة في النظريّة من اطراح عوامل الاختلاف والتنوع في اللغات، التي هي عناصر محلية لا انتساب لها إلى المبادئ والقواعد الكلية ، وإنما هي محكومة بقواعد أخرى تؤول المختلفات وتفسرها بمتغيرات القاعدة الكلية الواحدة وتنوع أوجهها، وتسمى هذه المتغيّرات التي تفسر الخصوصيات بالوسائط أو الباراميترات (Parameters)
قواعد النحو الكلّيّ قواعد كلية مستقرة في مخزون المتكلمين قاطبة ،الذين لا يفزعون إلى هذه القواعد إلا لانتقاء ما يناسب لغاتهم ، ويوسّطون في الانتقاء وسائط لتثبيت القيم المناسبة ، تنتهي بالمستعمل اللغوي إلى تنزيل مبادئ النحو الكلي ومقاييسه على لغته الخاصة، فيتم الانتقال من الكليات إلى الجزئيات والأنواع
انظر:
- من قضايا الأشباه والنّظائر بين اللغويات العربية والدّرس اللساني المعاصر، د. عبد الرحمن بودرع، نشر: حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، الرسالة:227، الحوليّة:25، مارس2005
- نظرية النحو الكلي والتراكيب اللغوية العربية دراسات تطبيقية، د. حسام البهنساوي، مكتبة الثقافة الدّينية، 1998
- Formal Parameters of Generative Grammar, I: Yearbook 1985 by Ger de Haan, Wim Zonneveld, Author(s) of Review: Thomas F. Shannon
********, Vol. 62, No. 4 (Dec., 1986)

الدرس الثاني ::
نظرية القوالب في المدرسة التوليدية التحويلية
القولبة أو القالبية نظرية يُفهَم منها معنى التعدد؛ ينصرف مفهوم القالبيّة أو القولبة إلى إفادة معنى التّعدّد في جسم النظريّة اللغوية، وقد جاءت المدرسة التوليدية التحويليّة بتصور جديد هو تصور التعدّد أو القولبة، فخالفت بهذا التّصوّر مبادئَ اللسانيات السابقة كالمدرسة البنيوية التي كانت تقوم على فكرة الثنائيات وليس التعدّد؛ كالثنائية بين الدّالّ والمدلول، والسمعي والذّهني، والمتكلّم والمستمع...
جاءت المدرسة التوليدية بمفهوم جديد هو التعدّد أو القولبة أو القالبية، و هذا اصطلاح غير مألوف في الأدبيات اللسانية:
القولبة (Modularity) مفهوم يتعلق بتعدد القوالب في جسم النظرية اللغوية، أي إن النظرية اللغوية التي تُعنى بوصف البنيات اللغوية وتفسيرها تقوم على تعدد الأنسقة أو تعدّد الأنظمة التي تنضوي تحت النظرية العامة. وهذا أمر جديد في التصوّر اللّساني . ويذهبُ النحو التوليدي إلى أن النظرية اللسانية العامة تخصص مجموعة من الأنحاء الممكنة لوصف اللغة، وهذه الأنحاء عبارة عن عدد من الأنساق الفرعية التي تتفاعل فيما بينها، فأما المكونات الفرعية للنحو فهي:
1- المعجم (lexicon)
2- التّركيب (Syntax)
3- المكوّن الصّواتي (Phonological Component)
4- المكوّن الدّلالي/المنطقي (Logical form)
وأما الأنساق الفرعية أو القوالب (Moduls) فهي:
1- نظرية العامل (Government theory)
2- نظرية الحالات الإعرابية (theory Case)
3- نظريّة العُقَد الفاصلة (theory bounding)
4- نظرية الربط الإحالي (theory binding)
5- نظرية المراقبة (theory Control)
فوصف ظاهرة لغوية ما يقتضي اللجوء إلى أنساق مختلفة من القواعد تضبطها مبادئ مختلفة وبسيطة، ولكنّ الواصف يحتاج إليها مجتمعةً. وقد دُعِيَ هذا الاتّجاه في تصوّر العلاقة بين مكوّنات النّظريّة اللغوية والطّريقة التي تعمل بها، بالقولبَة (Modularity)
وأريد أن أضيف–إلى مفهوم التعدّد التّعدّد في الملَكَة اللغوية، أي علاقة المَلَكة اللغوية ببقية الملكات الذهنية المتعدّدة، فالذهن مكون من مجموعة قوالب متفاعلة أثناء الإنجاز اللغوي ومن بينها:
- قالب النحو، وهو الجهاز الذي يصدر الجمل ويولّدها
- قالب التصورات والمفاهيم والاعتقادات التي يحملها الإنسان عن العالم
- القالب التداول الذي يضع الخطاب اللغوي في سياق المتكلم والمخاطب .

انظر في هذا المعنى:
N.CHOMSKY, Lectures On government and Binding, Dordrecht

اللسانيات واللغة العربية، نماذج تركيبية ودلالية، د.عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر، البيضاء، ط.1، 1985، الجزء 1

الدرس الثالث::
قضايا اللسانيات التّداوليّة (Pragmatic Linguistics)
اشتغلت التداوليات بمجموعة من الإشكالات والقضايا التي تعدّ من صميم موضوعها، مثل: ماذا نفعل عندما نتكلم؟ ماذا نقول عندما نتكلم؟ من يتكلم؟ ومَن يُكلّم المتكلّمُ؟ ولماذا يتكلم على هذا النّحو؟ كيف يمكن أن يُخالِفَ كلامُنا مقاصِدَنا؟ ما هي أوجه الاستخدام الممكنة للغة؟...
أجابت التداوليات عن هذه الأسئلة بطريقة تتناسبُ والطابعَ المتجدد لهذا الحقل اللساني باعتباره حقلا يعيد النظر في المبادىء التي تتأسس عليها الأبحاث اللسانية السابقة، وهي:
- أولوية الاستعمال الوصفي والتمثيلي للغة.
- أولوية النسق والبنية على الاستعمال.
- أولوية القدرة على الإنجاز.
- أولوية اللسان على الكلام
Armengaud, Françoise, La pragmatique, Que-sais-je?,
PUF, 1985, p:7

من هذا المنطلق، يمكن القول إن التداوليات حقل لساني يهتم بالبعد الاستعمالي أو الإنجازي للكلام ويأخذ بعين الاعتبار المتكلم والسياق.

أما المعنى التّداولي أو المعنى البراغماتي :
فهو المعنى الذي يتعلّق بوظيفة الكلام، وهي الرّبط بين بنية اللسان الطّبيعيّ ووظيفتِه الأساس، هذه الوظيفة الأساس هي التّواصل داخل مجموعة لغويّة محدّدة، واللسانيات التداولية تدرس علاقات البنية اللغوية بالمتكلم والمُخاطَب. أي المعاني التي تدور في فَلَكِ الحوار ودائرة المُحادَثات أو التّواصُل الكلاميّ بين أطرافِ الكلام.
إنّ اللسانيات التّداولية تركّزعلى البعد العملي للمعنى أي معنى المحاورة بين أطراف الكلام.
وتعمل التداوليات بحكم كونها لسانيات ذات اهتمامات عمليّة براغماتيّة، على وصف فعل المحادثة وتفسيرها؛ مستخدمةً في ذلك مجموعة من المبادئ والمفاهيم الوصفية، كمبدإ التعاون ومبدإ الاحترام ، وغيرها من المبادئ التي تضبط سير المحادثات بين المتكلِّمين
ملاحظة: تم رفع هذه الدروس لتعميم الفائدة فقط مع عدم وجود صاحبها او الجهة التي قدمت بها اللغة العربية قبل عصر التدوين
اللغة ظاهرة بشرية ووسيلة اتصال وتبادل المشاعر والأفكار وهي مجموعة رموز صوتية منطوقة ومسموعة متفق عليها – بعدما كانت محاكاة – لأداء هذه المشاعر والأفكار ، وهذه الرموز تجتمع فيما بينها فتكون مقاطع ومفردات وجملا تؤدي عاني شتى حسب ما يريدها الباث للرسالة اللغوية ، وفهم المتلقي يعني إدراك العلاقات التي تقوم بين الأصوات ومدلولاتها ، وبين الكلمات بعضها ببعض . وهذه المواضعة هي "الأمر الأساسي الذي تستمد منه الكلمة مقومات دلالتها ، يضاف إليها بعد ذلك سياق الكلام والمقام الذي يقال فيه"
اللغة العربية من اللغات السامية، لم تولد كاملة، فقد مرت كغيرها من اللغات لأطوار لم يدركها عصر التدوين، والمهم أنها نمت نموا طبيعيا بعد زمن طويل، والشواهد ترجع وجود كتابتها إلى القرن الثاني الميلادي، وقد ظهرت فيها نهضات نوعية بسبب احتكاك الأفكار بالاختلاط الذي كان يتم أثناء مواسم الحج، أضف إلى هذا أثر الهجرة التي اقتضتها عوامل الطبيعة، وبذلك تعرضت لكثير من الطوارئ قبل أن تدون وتضبط في القرن الثاني للهجرة . وهكذا لم يصل إلينا – حسب كثير من الأقوال – إلا لغة الحجاز، وقد وجدت مجموعة كبيرة من اللغات التي تعرف آنذاك باللهجات .
وفي القرن الأول، والثاني قبل الإسلام، حدثت نهضة لغوية بنزول الأحباش والفرس في اليمن على اثر استبداد ذي يزن ملك اليمن ولما فتح الفرس اليمن، أقاموا فيها واختلطوا بأهلها، وكانوا يحجون إلى الكعبة ، وأهل الكعبة يتاجرون في اليمن، وسبب هذا في ظهور اختلاط في اللسان .
ومهما يكن فإن كثيرا من المصادر تشير إلى أن العربية مثلها مثل اللغات الأخرى ، عرفت طفولة ، فقد مرت بعدة أطوار قبل لأن ينزل بها القرآن الكريم ، وهذه الأطوار هي :
أطوار اللغة العربية
الطور الأول : كانت فيه مزيجا من اللهجات ، والبداية تعود إلى لهجتين: لهجة قبائل بني عدنان في شمال الجزيرة العربية ، ولهجة قحطان الحميرية ، وقد أفادت العدنانية من الحميرية وصارعها حتى تغلبت عليها.

الطور الثاني : بدأت عند اجتماع القبائل ، واختلاط بعضها ببعض في الحروب والحج والأسواق، وهنا كان لقريش السيادة الدينية ، حيث كانت تأخذ من لغات الشام واليمن وفارس والحبشة، ما تدخله في لغتها بعد تهذيب متقن ، وزادت ثروتها اللغوية

الطور الثالث : بدأت بنزول القرآن الكريم ، فأتم لهذه اللغة سيادتها وشرفها ، فكانت شيئا مهما ، وكان للحديث النبوي الشريف أثر واضح في تهذيبها ، وهنا اتسعت أغراض هذه اللغة بتأثير الدين ، ودخلتها الألفاظ الجديدة ، وتغيرت معاني بعض الألفاظ حسب طبيعة تطور المجتمع المدني آنذاك

في هذا الوقت بدأ اللحن يظهر عند العرب بفعل احتكاكهم بالمستعمرين ، وشاع في بداية العصر الأموي41-132 هـ الموافق لـ 661-749هـ ، واستنكر العرب هذه الظاهرة ، فانبرى أبو الأسود الدؤلي وتلامذته لوضع رسم إعراب القرآن عن طريق النقط، والشكل ، ووضع قواعد النحو ، وتواصل العمل في العصر العباسي 132-656 هـ الموافق لـــ : 750 -1258 هـ ، بشكل مكثف نظرا لاستعانة الحكام العباسيين بالفرس ، وازدياد انتشار الإسلام ، وكان من نتائج ذلك تأثير واضح في اللغة ، حيث ظهر الاعتماد على القياس والتعليل ، واعتماد مناهج جديدة في اللغة، ونسجل هنا ظهور علماء أفذاذ في اللغة مثل أبو عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر الثقفي ، والخليل بن أحمد ، وسيبويه ، والكسائي ... فكانت كتبهم النواة الأولى لتأسيس لغة عربية لها مقوماتها التي تقوم عليها أية لغة من منهج ، قواعد ، تراث ... وزاد اختلاف العلماء فيما بينهم في أمور اللغة إلى إنشاء مدارس لغوية ، لكل منها مناهجها ، وطريقتها ، وهذا كله أدى إلى ضرورة الاعتماد على التدوين
جمع اللغة والأسباب الباعثة على ذلك :

لم يكن المجتمع الجاهلي في حاجو إلى دراسة أو روايتها ، حيث كانت على لسان العربي فطرة ، وكان صدره وعاءا لها ، وكانت الوسيلة التي بها كان يفاخر بأمجاد قبيلته ويحي عصبيته . ولما جاءت الدعوة المحمدية ، التف الناس حولها لفهم رسالة الإسلام التي نلت باللسان العربي المبين ، وكان عجزهم وتحدي القرآن لهم مدعاة إلى البحث فيه لفهم أسراره ، والعمل على نشره
نشأة الرواية اللغوية :
لقد كان المجتمع الجاهلي مجتمعا أميا لا يأخذ اللغة إلا بالحس " وكانت القبائل كأنها سجل زمني في إحصاء الأخبار والآثار" ومع ظهور الدين الإسلامي ، كانت اللغة ذات أوجه ومستويات كثيرة ، وكان ذلك دافعا لنشاط لغوي وافر بسبب إعجازه

تفسير القرآن :
لقد ورد في القرآن من الغريب ما وجد تعزيزا في التراث الشعري الجاهلي ، فكانت العودة إلى هذا الأثر مستمرة وذلك من أجل دعم مضمون الآية، انطلاقا من اللفظة الغريبة. كما جاء في القرآن من المجاز ما كان يبعث على البحث المستمر في الشعر القديم للتأكد من عدم الخروج عن الاستعمالات الحقيقية أو المجازية التي الفتها العرب في كلامها ، إلى جانب بعض التراكيب القرآنية المختلفة كالتقديم والتأخير والحذف والإضمار ... ولقد كان الشعر الجاهلي قمة ما وصلت إليه العرب من قوة الأسلوب، وروعة التعبير ، غير أنه كان يقف فاشلا أمام أسلوب القرآن الكريم ، فكان الإبقاء عليه لتأكيد إعجاز هذا القرآن عن طريق الموازنة ، وبذا كان كتاب الله الداعي الأول لرواية اللغة إلى جانب النزعات القومية التي ظهرت فيما بعد

تيقظ النزعات القومية :
لقد كانت دولة الأمويين كما يقول الجاحظ تـ 254/868 م دولة أعرابية ، نظرا لعصبيتهم للعرق العربي واتخذت هذه العصبية ألوانا شتى، حيث كانت الرواية اللغوية وسيلة لها إذ حاول الأمويون إبراز محاسن العرب ردا على الفرس، فدرسوا اللغة وتفننوا فيها، حتى أصبحت تطلب غاية في حد ذاتها ، بعدما كانت تطلب لفهم القرآن الكريم
وهكذا كانت دوافع جمع اللغة لا تخرج عن ثلاثة عوامل هي :

1- الخوف من القرآن من اللحن
2- الرغبة في ضبط اللسان العربي وحفظه من اللحن
3- التفاخر في التراث

الأخذ عن الإعراب :
لقد شافه أهل البصرة أعرب البادية للأخذ عنهم، وتعد لغة البادية أوثق نص لغوي وصل العرب ، وهي مثال جيد لتدوين اللغة وجمعها، وذلك لبعدهم عن بلاد العجم من جميع جهاتهم ونقلوا عنهم كثيرا من الشاذ والدخيل والمتروك، هذا يعني أنهم كانوا يدونون اللغة انطلاقا من المجموعة اللغوية الناطقة بها ، وفي محيطها الطبيعي ، وهذا يستلزم بالضرورة أن المدونة كانت أمينة وصادقة في تحديدها للحيز المكاني ، وتحديد البيئة أمر جدير بالتقدير ، وكان الرواة يجمعون ما يسمعون من القبائل المختلفة اللهجات، فكان من الضروري أن يوجد في اللغة الترادف والمشترك والأضداد . وإن جمع اللغة من "عوامل نمو اللغة وإثراء ألفاظها نظرا لما كان في لهجات القبائل من اختلاف في اللفظ ومدلولاتها، فجمع الرواة ما جمعوا من هذه اللهجات وبهذا ظهر واضحا أن اختلاف لهجات القبائل على أنواعها أدى إلى وجود ألفاظ ومعان مغايرة مستعملة عند قبيلة أخرى" ومع ذلك فاللغة لا تؤخذ إلا من الرواة الثقات ذوي الصدق والأمانة ويتقى المظنون . وقد بقيت لغة البادية على صفائها إلى آخر القرن الرابع الهجري

الرحلة إلى البادية :
لقد كان أهل البصرة والكوفة عربا كلهم في القرن الأول، إلا الموالي منهم ، وكان أولئك العرب من قبائل مختلفة وكلهم باق على فطرته ، فلم يكن الرواة في حاجة إلى البادية لأنهم لم يكونوا قد بلغوا الغاية في تعليل النحو وتفريعه ، ومن أقدم الذين رحلوا إلى البادية : الخليل بن احمد تـ 170 هـ/786 م ، وخلف الأحمر تـ 180 هـ/796 م ، يونس بن حبيب الضبي تـ 182 هـ/798 م ...
ولا شك أن ذهاب المجموعة إلى البادية كان سببه تفشي اللحن في الحضر والألتجاء إلى الأعراب الذين لم يظهر على ألسنتهم اثر الاحتكاك بالأعاجم فأخذوا عن قيس ، تميم ، وأسد ، وهؤلاء هم الذين أخذ عنهم الكثير ، وعليهم اعتمد في الغريب وفي الإعراب والتصريف ، وتأتي بعد هذه القبائل هذيل ، وبعض كنانة ، وبعض الطائيين ، ولم يؤخذ عن غيرهم . وفي الحق أن هذا التحديد المكاني والزماني كان من الضرورة أن يكون من الجاهلية إلى نهاية القرن الرابع لتكون المدونة واسعة ، إلا أن هذا التحديد يحتاج إلى دقة أكثر ، وينبغي دراسة مستويات اللهجات على حدة لكل قبيلة لكي لا يقع الخلط بين القبائل الستة ، ولكي لا يؤدي ذلك إلى الفوضى اللغوية ، ومجافاة روح البحث العلمي ، وبعد هذه الطبقة ، وهي الطبقة الثالثة من النحاة تأتي الطبقة الرابعة ، ومن أقدمهم النضر بن شميل تـ 818 هـ ، وقد أخذ عن الخليل وعن بعض الأعراب الذين أخذت عنهم الطبقة الثالثة ، وأقام في البادية أربعين سنة، ثم الكسائي تـ 189هـ وقد خرج إلى بوادي الحجاز ونجد وتهامة ، وقد أخذ أيضا عن الخليل واستمرت الرحلة إلى البادية حتى نهاية القرن الرابع ، ثم فسدت سليقة العرب ، وانقطعت المادة اللغوية اكتفاءا بالتوارث عن كتب الأسلاف

بعض وجوه نشاط الرواة :
كانت المواضيع التي كتب فيها الرواة القدماء مما يقع تحت بصر العربي ، وهم في كتاباتهم هذه لا يخرجون عن نطاق جمع اللغة، ولقد كانت موضوعاتهم في التبويب والتصنيف شاملة ، حيث أنها تتناول ما يوجد في الطبيعة من حشرات ونبات وإنسان وهناك كتب الصيغ التي كانت كتب تصنيف وبحث ، والى جانب كتب لجمع اللغة . فكتبوا في المؤنث والمذكر ، وفي المقصور والممدود و وغير ذلك

نشاط الرواية في البصرة :
لقد كان علماء البصرة يأخذون اللغة عن الأعراب ، وقد كانوا يضعون لهم أسئلة بطريقة خاصة ليمتحنوا سليقتهم ، وقد كان جلهم يتشدد في اختيار ما يصدر عن الشعراء مخافة ظاهرة اللحن ، فلقد حدد عبد الله بن أبي اسحق الحضرمي تـ 117 هـ الفصاحة بانتقاء اللغة التي يدرسونها ، والقبائل التي يأخذون عنها هذه اللغة، وبحكم نشأته غير بعيد عن السليقة العربية ، دفعه للرحلة إلى البادية فسن هذه السنة ، ومن تلاميذه يونس بن حبيب وعيسى بن عمر تـ 149 هـ، وقد رحل هذا الأخير لمشافهة الأعراب الفصحاء فلقد كانت حلقة البصرة يحضرها الأعراب ، وطلاب العلم أمثال سيبويه ، وهكذا تشدد البصريون في تحديد رقعة الفصاحة ، والقبائل الفصيحة على خلاف الكوفيين الذي يعتدون بلغات عربية كثيرة

نشأة الرواية في الكوفة :
لقد كانت الرواية فيها مقصورة على الشعر ، لإشباع نزوع العنصر العربي من الشعر ، فرحل علماؤها إلى البادية للسماع عن الشعراء ، والرواة ، ومن أقدم رواتهم : الخثعمي أبو البلاد الكوفي ،ثم حماد الراوية ، والمفضل الضبي 170هـ/ 786 م والكسائي ، وأبو عمر الشيباني تـ 206 هـ/ 821م .
ورأى كثير من اللغويين أن الشعر بالكوفة أكثر وأجمع منه بالبصرة ، إلا أن أكثره مصنوع ومنسوب إلى من لم يقله. وإن أكثر آثار الرواة تحاول جمع الثروة الأدبية في صميم المجتمع الكوفي، فيقال في حماد الراوية أنه جمع السبع الطوال، واختار المفضل مجموعة كبيرة من الشعر عرفت باسم المفضليات ، كما وضع كتابا في الأمثال ، وعمل الأصمعي كتابا على شاكلة المفضليات سماه الأصمعيات وهي سبع وسبعون قصيدة ... ومهما يكن من أمر، فإن الكوفيين أكثر توسعا في الرواية، ومن آثار الرواية عندهم: النوادر ، ومعاني القرآن ...

ويمكن أن نجمل ما قلناه في مسألة جمع اللغة أنها مرت بهذه المراحل :
1- مرحلة جمع أوائل العلماء الشواهد كيفما كانت ونظموها على شكل رسائل صغيرة في موضوع صغير
2- مرحلة تأليف الكتب في الموضوع كفعل سيبويه في النحو
3- مرحلة تأليف الكتب الضخمة الشاملة الجامعة للموضوع أو شرح الكتب السابقة
إذن اختصت المرحلة الأولى بجمع الكلمات، تدوين كل شيء والمرحلة الثانية جمع الكلمات المتعلقة بموضوع ما ، والمرحلة الثالثة كانت على شكل معجم شامل، يشمل الكلمات على نمط خاص
وفي الحقيقة أنه نشأت الرواية اللغوية من العلوم العربية الأخرى وكانت مرتبطة بعلوم الدين ، حيث كان الالتفات إلى فهم القرآن الكريم الداعي الأول للبحث اللغوي ، ثم استقل بعد ذلك، ونضج على يد البصريين والكوفيين ، رغم الاختلافات في طريقة رواية اللغة ، حيث نجد أن مدونة الكوفة أكثر توسعا من البصرية ، ولكن البصرية أكثر منطقية وتحكما في الأسلوب العلمي الدقيق . غير أن هذا النشاط يمكن اعتباره جهدا قيما في مرحلة معينة ، وفي إطار تاريخي واجتماعي وسياسي خاص ، كان من الأحرى أن يتطور هذا الجهد ، لتترقي به اللغة

تعرف اللغة العربية التي نتحدث بها حاليا باللغة الباقية ، وقد نشأت هذه اللغة ببلاد الحجاز ، ثم انتشرت في كثير من المناطق التي كانت تشغلها من قبل أخواتها السامية والحامية وإن طفولة هذه اللغة مجهولة في كثير من جوانبها ، وأقدم ما وصل هي بعض النقوش والأمارات التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي ، وأقدم ما وصل من آثارها الراقية الشعر والنثر الجاهليين ، وجمعا في القرن الأول للهجرة ويمثلان اكتمال هذه اللغة ، التي تغلبت لهجة من لهجاتها واستأثرت بميادين الأدب في مختلف القبائل مع فروق دقيقة ، لأنه متى انتشرت اللغة في مساحة واسعة وتكلم بها الناس استحال عليها الاحتفاظ بوحدتها الأولى ، فلا تلبث أن يحدث فيها تغيير .

نص كثير من المصادر على أن قوانين التغلب اللغوي ساد في الجزيرة العربية ، فبعد صراع اللهجات المحلية، كانت لغة قريش مهيأة للتغلب على اللهجات الأخرى، وقد ساعدها على ذلك العامل الديني، لأنه كان لقريش السلطان الديني على بقية القبائل الأخرى وبجانب ذلك كان هناك سلطان اقتصادي ، حيث كانت التجارة في يد القرشيين الذي كانوا يتنقلون بتجارتهم في مختلف بقاع الجزيرة العربية من الشام شمالا إلى أقاصي اليمن جنوبا ، وأشهر تبك الرحلات التجارية رحلات الشتاء والصيف ، وبفضل هذين العاملين تحقق للغتها النفوذ الاستعمالي ، والتغلب اللهجي على باقي اللهجات الأخرى ، ومن المقر أن اللهجة التي يتاح لها التغلب تصبح آجلا لغة الآداب فتصطنع وحدها في الكتابة والتأليف والأدب شعره ونثره . ومن المصادر التي جمعت عنها اللغة، وقننت على ضوئها هي :
1- القرآن الكريم :
نزل القرآن بلسان عربي مبين ، في الوقت الذي استفحل فيه اللسان القرشي ، ولم يعد للهجات الأخرى سلطان على الآداب . ومن هنا يمكن أن نقول على أن اللسان العربي المبين يعد ذلك اللسان الذي تنطقه الجماعة الكبيرة من أهل الجزيرة العربية . وهكذا كان لنزول القرآن بهذا اللسان تقوية وتدعيم سلطانها على الألسنة، أضف إلى ذلك تنقيحها ، والنهوض بها إلى أرفع المستويات الأدبية .

وقد اتسعت العربية بفضل القرآن أيما اتساع ، وذلك في الأغراض والمعاني والأخيلة والأساليب والألفاظ ، و قد فتح القرآن أبوابا كثيرة من فنون القول لم يكن العرب يعرفونها – رغم أنهم قوم بلاغة – وما تحديه لهم إلا من باب تلك الأساليب الجديدة التي لم يألفها العرب سابقا، "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا" الإسراء 88 "وإن كنتم في ريب مما نولنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين" البقرة 23 ، والقرآن معجز في الجديد الذي أتى به ، فلم يكن معجزا في ألفاظه ، وقد نزل بلغتهم إنما الإعجاز في نظمه وطريقة أساليبه وهكذا كان الثر واضحا ، فقد تجردت كثرا من الألفاظ من معانيها العامة ، وأصبحت تدل على معان خاصة ، أضف إلى ذلك قضاؤه التام على كثير من الألفاظ العربية الجاهلية التي تدل على نظم حرمها الإسلام ، مثل:المرباع / الصفايا / النشيط /الفضول ...

والقرآن أضاف إلى العربية أغراضا كثيرة، عملت على ارتقائها لتتبوأ المكانة الكبيرة التي شرفها بها ، ومن ذلك غدا القرآن المدونة الصحيحة التي يرجع إليها في جمع اللغة لنع منزه عن الخطأ ، وقد نزل بلسان عربي مبين. وهند جمع اللغة أضحت الضرورة قصوى للاحتجاج به في صحة أو فساد قاعدة لغوية، وقد ألفت حوله كثير من الدراسات اللغوية في معانيه وغريبه ، وأوجد لها علماء اللغة التخريجات المختلفة لما ورد فيه مخالفا للمألوف ، وقد اتخذتها مدرسة الكوفة دليلا لمخالفتها رأي البصرة في بعض الآراء النحوية ، وقاست عليها على أن ما ورد في القرآن بمختلف قراءاته حجة ولا يطعن فيه
ومن هنا عد القرآن المصدر الأساس أثناء جمع اللغة ، فكلما يقع خلاف يرجعون إلى القرآن للفصل فيه

2- الشعر القديم :
إن الأدب الجاهلي لم يدون إلا بعد الإسلام بأكثر من مائة عام وظل مدة طويلة يروى شفويا ، وغني عن التذكير أن ما يروى شفهيا يأتي زمن يناله التحريف، ويندس فيه ما لم يكن منه. ونذكر بعض المصادر أن كثيرا من الأعراب يخلقون القصائد وينسبونها لشعراء الجاهلية ، إرضاء لرغبة اللغويين - الموردون - الذين كانوا يلحون عليهم ويطلبون المزيد ، وذكروا أن حمادا الراوية كان ينحل وأن خلف الأحمر وغيره اخترعوا من الشعر ما لم يكن له وجود وكذبوا على الشعراء .
ومهما يكن الأمر فإن المنحول من ذلك الشعر ، لا يقل أهمية عن الصحيح لأن قائليه كانوا قريبي عهد بالعصر الجاهلي ، فجاء ذلك الشعر يحاكي أنماط الشعر الجاهلي في كل أحواله .
وهكذا عد الشعر القديم النواة الأولى أو المصدر الأساس للغة العربية ، والذي حفل بهذا الكنز الضخم الذي لا نقل خصائص اللغة ومقوماتها العامة . وقد كان الأنموذج الذي يحتذى ، وبه يستشهد عند إشكال أمر من الأمور ، لأنه الوثيقة الرسمية الذي حمل اللسان العربي الصحيح ، وكل خروج عن أنماطه يعد شذوذا أو خرقا للقاعدة ، وزاد من صحة ذلك الشعر نزول القرآن الكريم بمعظم قوالبه، ونظمه
ولما جاء عصر التدوين تهافت جماع اللغة للنزول إلى البادية - الوبر- على أن ملكتهم مازالت بها السليقة العربية ، وأن العربي يمتلك اللغة الصحيحة التي ينطق بها سليقة ، وما يقوله لا يحتمل على الخطأ لأنه رضع لغته من محيطه الأصلي . وقد اتحذت على أساس أنها النموذج الصحيح ، وعليها القياس ، وقد عدت لغة العرب في البادية كلها صحيحة إلى نهاية القرن الرابع الهجري ، وبعده لم تبق الفصاحة في الجزيرة العربية بفعل عوامل الاختلاط ، وتطور المجتمع العربي وبفعل الإسلام الذي دخلت أقوام فير عربية اللسان. والذي يهمنا في هذا المقام أن لسان العربي في ذلك العصر حجة ، وثقة ، وأنه لا ينطق الا الصحيح من لغته، وتأبى عيه نفسه النطق الخطأ ، وقد حاول بعض النحاة أن يصطنعوا بعض الأخطاء، وأعطوها للعرب الذي تؤخذ عنهم اللغة فرفضوها بدعوى أنها ليست من لسانهم. ومهما يكن من أمر فإن اللسان العربي عد أنموذجا يحتذى أثناء جمع اللغة، واليه يرجع في القياس والاحتجاج اللغوي ، وما ورد على لسانهم فهو منه وكان الشعر والنثر الجاهليين النماذج التي يرجع إليها ، لأنهما المادة اللغوية الباقية على لغة ذلك العصر

3- الحديث النبوي الشريف :
لقد تحرج اللغويون الأوائل من الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف على أساس أن بعضا منه روي بالمعنى، وبعضه انقطع سنده وبعضه طعن في رواته ... ومن ذلك لم يحتج بالحديث النبوي الشريف إلى غاية القرن الخامس الهجري ، حيث استشهد الزمخشري بها وواصل ابن مالك الاحتجاج بع في ألفيته في القرن السباع ... على أن هذا التحرج كان من قبل النحاة واللغويين الأوائل خوفا مما اصطبغه الرواة على الحديث من تحريف وما وضعته كثير من الفرق الإسلامية للتشيع للمواقف التي تخدم أغراضها الخاصة ... ومهما يكن من أمر فإن هذا مدعاة إلى الاحتياط والتريث في الأمر والتحقق من مدى صدق الراوي، وثقته والتمييز بين الحديث الصحيح والمشكوك فيه ، لأن الحديث دون متأخرا والرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من دون عنب شيئا فليمحه ) ، وهو الذي قال كذلك : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) ، على أن التحرج صدر منه، ومن هنا تحرج النحاة واللغويين كثير من الاحتجاج بالحديث خوف ما يطرأ عليها من تحريف . فكان طبيعيا هذا التشدد وكله من أجل بقاء اللغة الفصيحة لا تشوبها شائبة.

ومع كل ذلك أعيد النظر في الأمر ، ورأى النحاة واللغويون الذين جاؤوا من بعد أن الحديث النبوي الشريف يحمل ثروة لغوية هامة كان من الأحرى الرجوع إليه والاستفادة منه على أساس أنه لسان عربي مبين وكيف وهو الذي صدر عن الرسول الذي لا ينطق عن الهوى ، وكيف يكون الاحتجاج بأولئك الأعراب الذين يبولون على أعقابهم ولا يحتج بحديث الرسول المعصوم ... وقد وقع في العصر الحاضر البت في هذه المسألة على أن ما ورد في الكتب الصحاح يحتج بها دون جدال

إن القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف أضافا إلى رصيد العربية ثروة هائلة من المصطلحات ، فنجم عن ذلك اتساعها في الأغراض والاتقاء في المعاني والأخيلة والأساليب ، فقويت على تجلية المعاني الدقيقة، واستخدمت فيها الحجج العقلية والبراهين الفلسفية ودخلت فيها عناصر جديدة للخيال والتشبيه ، وتهذيب أساليبها وتشكلت في صورة الأساليب العلمية . ومن هنا عدا من المصادر الثلاثة التي جمعت منها اللغة - بعد الشعر الجاهلي
تعريف المعجم لغة واصطلاحا
النص :
يقول ابن جني : " اعلم أن عجم وقعت في كلام العرب للإبهام والإخفاء وضد البيان والإفصاح ، فالعجمة الحبسة في اللسان ، ومن ذلك رجل أعجم وامرأة عجماء ، إذا كانا لا يفصحان ولا يبينان كلامهما ، والأعجم الأخرس ، والعجم و العجمي غير العرب لعدم إبانتهم أصلا ، واستعجم العربي القراءة ، لم يقدر عليها لغلبة النعاس عليه ، والعجماء البهيمة لأنها لا توضح ما في نفسها ، واستعجم الرجل : سكت ، واستعجمت الدار عن جواب سائلها سكتت ...
اعلم أن أعجمت وزنه أفعلت و أفعلت هذه وان كانت في غالب أمرها تأتي للإثبات والإيجاب نحو أكرمت زيدا أي أوجبت له الكرامة ، فقد تأتي أفعلت أيضا ويراد بها السلب والنفي ، وذلك نحو أشكيت زيدا أي أزلت له ما يشكوه ، وكذلك قولنا أعجمت الكتاب أي أزلت عنه استعجامه " .
ابن جني : سر صناعة الإعراب . ج 1 ص 40
التحليل

يتضح لنا من استعمال مشتقات كلمة عجم أنها لا تفيد الوضوح إنما تدل على الغموض ، فكيف يكون المعجم من مشتقاتها ؟ والمعروف أن من أهدافه الأساسية التيسير والتسهيل؟
جمع ابن جني في هذا النص مشتقات كلمة عجم محددا معانيها بـ:
عجم : وقعت في كلام العرب للإبهام والإخفاء و ضد البيان والإفصاح
العجمة : الحبسة في اللسان
رجل أعجم ، امرأة عجماء : إذا كان لا يفصحان لا يبينان كلامهما
الأعجم : الأخرس
العجم ، العجمي : غير العرب لعدم إبانتهم أصلا
استعجم القراءة : لم يقدر عليها لغلبة النعاس عليه
العجماء : البهيمة لأنها لا توضح ما بنفسها
استعجم الرجل : سكت
استعجمت الدار عن جواب سائلها : سكتت
فباستقرائنا لمعاني كل هذه الكلمات يتبين لنا أنها تدل على :
عدم البيان والفصاحة ، على عدم القدرة ، على السكوت ، عدم التوضيح . وكلها إذن تشترك في دلالتها على عدم الوضوح أي على الغموض ، فكيف يكون المعجم من مشتقاتها ، مع العلم أننا نستعمل المعجم لتوضيح معاني الكلمات ؟
لكن ابن جني يوضح لنا في الجزء الثاني من النص أن أعجمت على وزن أفعلت التي تدل على معنى :
أ ـ الإثبات: أكرمت زيدا أي أوجبت له الكرامة
ب ـ النفي : أشكيت زيدا أي أزلت له ما يشكوه
أعجمت الكتاب أي أزلت عنه استعجامه
المعنى الاصطلاحي لكلمة المعجم :
هو كتاب يضم أكبر عدد من مفردات اللغة مقرونة بشرح معناها واشتقاقها وطريقة نطقها وشواهد تبين مواضع استعمالها
حصة تطبيقية حول تحليل مادة معجمية
يحلل المعجم معنى الكلمات بالنظر إلى مستوياتها اللغوية المختلفة وهي مستويات تمثل مجموعة من المعلومات التي يتوقع أي طالب أن يقدمها له المعجم :
أ ـ المعلومات الصوتية: وهو تمثل صوتي دقيق يمثل الحرف في الكتابة رمزا كتابيا واحدا مستقلا كأن تصف حركات الكلمة و مدها واعجام الحروف وإهمالها .
ب ـ المعلومات الصرفية : يقدم المعجم تحديد المبنى الصرفي للكلمة إذا كانت اسما أو صفة أو فعلا ، وهذا غالبا ما يحدث في صيغ صرفية محايدة مثل فاعل ( بكسر العين ) تقال لصفة فاعل والأمر من فاعل نحو قاتل .
ج ـ المعلومات النحوية: حينما يسوق المعجمي شواهد الكلمة عادة ما يورد بعض الإشارات النحوية، وذلك بعرض بعض القواعد النحوية وذكر معناها الوظيفي في فهم المعنى.
د ـ المعلومات الدلالية : يكون شرح المعنى بذكر المعاني المتعددة التي يصلح كل واحدة منها لسياق معين ، وذلك :
ـ بعرض الأشكال التي تستعمل في عصر واحد مثل : بكة ومكة
ـ تخصيص مدخل لكل اشتقاق من اشتقاقات المادة
ـ يتجنب الشرح بالمرادف .
ـ الاستشهاد على كل معنى من المعاني التي يوردها المعجم للكلمة إذ يساعد في تركيبها

نموذج تطبيقي على معجم تاج اللغة وصحاح العربية :
ينتمي إلى معاجم الألفاظ ، ويمثل المدارس التي اعتمدت على نظام القافية ، أي الترتيب الألفبائي للكلمات مع اعتبار أواخر الأصول
مؤلفه هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري المتوفي سنة 400ه . تتلمذ على يد أبي علي الفارسي ، وأبي سعيد السيرافي . ويدلنا عنوان المعجم على أن صاحبه قصد إلى أرقى الألفاظ والصحيح منها بصفة خاصة. يقول في مقدمته: "أودعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة التي شرف الله تعالى منزلتها"
ترك الجوهري نظام ترتيب الحروف على المخارج ، ونظام ترتيبها على الألف باء . وابتدع نظاما جديدا
منهج المعجم
راعى فيه ترتيب الألفاظ حسب أواخرها ، فالمعجم عنده ينقسم إلى ثمانية وعشرين بابا ، كل واحد منها يتناول الألفاظ المتحدة الحرف الأخير ، فباب لما آخره همزة ، وباب لما آخره باء ، وباب لما آخره تاء ، وهكذا تتوالى الأبواب إلى آخر الحروف .
ثم قسم كل باب من هذه الأبواب إلى فصول معتمدا على الحرف الأول من الكلمة ومرتبا لها على الألف باء أيضا . فباب الهمزة مثلا يحوي فصل الهمزة ، ففصل الباء ... إلى آخر الحروف والفصول، وهذه الفصول تحوي جميع الألفاظ الثنائية والثلاثية والرباعية.

سار على طريقة الصحاح معاجم كثيرة ، أشهرها :
1 ـ لسان العرب لابن منظور ت سنة 711ه
2 ـ القاموس المحيط للفيروز آبادي ت سنة 817ه
3 ـ تاج العروس للزبيدي سنة 1205ه

كيفية استخدامه : إذا أردنا مثلا البحث عن معنى كلمة استكتب : جردناها من الحروف الزائدة وهي همزة الوصل والسين والتاء ، فيكون أصلها كتب ، فنبحث عنها في باب الباء فصل الكاف .
نموذج من المعجم
مادة عق ( باب القاف فصل العين )
العقيقة : صوف الجذع . وشعر كل مولود من الناس و البهائم الذي يولد عليه : عقيقة وعقيق وعقة أيضا بالكسر . قال ابن الرقاع يصف حمارا :
تحسرت عقة عنه فأنسلها
واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا
ومنه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه : عقيقة . وقال أبو عبيد : العقة في الناس والحمر ولم نسمعه في غيرهما
وعقيقة البرق : ما انعق منه ، أي تضرب في السحاب وبه شبه السيف . قال عنترة :
وسيفي كالعقيقة فهو كمعي
سلاحي لا أفل ولا فطارا
وكل انشقاق فهو انعقاق . وكل شق وخرق في الرمل وغيره فهو عق . ويقال انعقت السحاب ، إذا تبعجت بالماء .
والعقيق ، ضرب من الفصوص . والعقيق واد بظاهر المدينة . وكل مسيل شقه ماء السيل فوسعه فهو عقيق والجمع أعقة .

وعق بالسهم إذا رمى به نحو السماء ، وينشد للهذلي :

عقوا بسهم ثم قالوا صالحوا
ياليتني في القوم إذا مسحوا اللحى

وذلك السهم يسمى عقيقة ، وهو سهم الاعتذار وكانوا يفعلونه في الجاهلية . فان رجع السهم ملطخا بالدم لم يرضوا إلا بالقوة، و إن رجع نقيا مسحوا لحاهم وصالحوا على الدية . وكان مسح اللحى علامة للصلح، قال ابن الأعرابي: لم يرجع ذلك السهم إلا نقيا. ويروي عقوا بسهم، بفتح القاف، وهو من باب المعتل وينشد:

عقوا بسهم فلم يشعر به أحد
ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح
وعق عن ولده يعق : إذا ذبح عنه يوم أسبوعه ، وكذلك إذا حلق عقيقته . وعق والده يعق عقوقا ومعقة فهو عاق وعقق ، مثل عامر وعمر ، والجمع عققة مثل كفرة . وفي الحديث ( ذق عقق) أي ذق جزاء فعلك
يا عاق .
أعق فلان : إذا جاء بالعقوق . أعقت الفرس : أي حملت فهي عقوق ، ولا يقال معق إلا في لغة رديئة، وهو من النوادر ، والجمع عقق مثل لرسول رسل .

ونوى العقوق : نوى رخو تعلفه الإبل العقق ، وربما سموا تلك النواة عقيقة .
والعقاق الحوامل من كل حافر ، وهو جمع عقق مثل قلص وقلاص وسلب وسلاب . والعقاق بالفتح : الحمل ، يقال أظهرت الأتان عقاقا وكذلك العقق ...

المطلوب : حدد المعلومات التي ذكرها الجوهري لمادة ( عق ) .
الإجابة : لقد شرح الجوهري المادة ( عق ) بذكره لمجموعة من المعلومات نفصلها بـ:
أ ـ المعلومات الصوتية : أورد الجوهري طريقة نطق بعض الكلمات مثل قوله : عقة أيضا بالكسر وعقوا بسهم بفتح القاف ، العقاق بالفتح .
ب ـ المعلومات الصرفية : قدم لنا مجموعة من اشتقاقات الجذر ( عقق ) ، ابتداء من الفعل الماضي عق في قوله: عق بالسهم ، أعق ، العقاق ، العقوق إضافة لذكر بعض الجموع مثل الجمع عقق وعققة. وبعض أبواب الفعل في قوله : عقوا بسهم هو من باب الفعل المعتل .
ج ـ المعلومات الدلالية : شرح الجوهري معاني الكلمات المشتقة من الفعل ( عقق)، كتعريفه للعقيق : بأنها ضرب من الفصوص والعقاق : الحوامل من كل حافر.
الشواهد : استعان مؤلف المعجم لتحديد معاني بعض الكلمات بمجموعة من الأبيات الشعرية لشعراء يعتد بفصاحتهم اللغوية .


تمرين :
1 ـ رتب هذه الكلمات على حسب طريقة عرضها في معجم الصحاح :
أ ـ ندم ، علم، سلم، وهم، قدم، ردم، ثلم
ب ـ عنف ، عكف ، عفف ، عاف ، عقف ، عسف ، عرف

2 ـ اقرأ سورة القارعة :

"باسم الله الرحمان الرحيم. القارعة ، ما القارعة. وما أدراك ما القارعة، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، وتكون الجبال كالعهن المنفوش. فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية، وما أدراك ماهيه ، نار حامية ".
المطلوب :
استخرج معاني المفردات التالية من معجم الصحاح أواللسان ، أو تاج العروس ، أوالقاموس المحيط ، مبينا نوع المعلومات التي يقدمها كل معجم : القارعة، المبثوث، العهن، المنفوش، هاوية
المعاجم العربية

( تقدم هنا فكرة موجزة عن أبرز المعاجم العربية المشهورة مع الإشارة إلى المصادر والمراجع التي اقتبسنا منها هذه المعلومات وخاصة مؤلفي الدكتور حلمي خليل : المولد قبل الإسلام ، والمولد بعد الإسلام )
1- المعجم الكبير الذي وضعه المجمع اللغوي بمصر:
رتب المادة اللغوية حسب المعاني الكبرى متدرجا بها من المولد الحسي إلى المدلولات المجردة ، فاستشهد على ذلك بنصوص من الشعر و النثر على اختلاف العصور، دون التقيد بعصر معين.
2- المعجم الوسيط : صدرت الطبعة الأولى للمعجم الوسيط سنة 1961 و الثانية 1972.
في مقدمة الطبعة الأولى عرف المولد بأنه : المحدث من كل شيء... ومن الكلام كل لفظ عربي الأصل غيرته العامة... وما استخدمه العرب و لم يكن من كلامهم فيما مضى
حلمي خليل – الحديث ص182 - الوسيط ج/68 ط 1
وفي مقدمة الطبعة الثانية قالوا: المولد المحدث من كل شيء ... ومن الكلام كل لفظ عربي الأصل، ثم تغير في الاستعمال واللفظ العربي الذي يستعمله الناس بعد عصر الرواية .
الوسيط ج/56 ط1

3- لسان العرب :
نعلم أن المادة اللغوية التي ضمها معجم لسان العرب المؤلف في القرن الثامن الهجري قد أخذت من معاجم سبق تأليفها في مراحل سابقة، و هذه المعاجم بدورها أخذت مادتها من الرسائل اللغوية التي أسفرت عنها معركة جمع اللغة في البادية منذ أواخر القرن الهجري الأول و أوائل القرن الهجري الثاني ثم على امتداد القرن الثالث كله ، ومن ثم فمادة اللسان مادة بدوية تمثل العربية وهي في داخل الجزيرة وقبل انتشارها مع المسلمين عقب الفتح الإسلامي. خ ح ص 189-190
ملاحظة : هذا الرمز (خ ح ) أينما ورد يعني : خليل حلمي
4- معجم دوزي : يزيد إلى المعاجم القديمة ألفاظ الحضارة الإسلامية التي دخلت العربية بعد الفتح ترجمتهم للعلوم والمعارف المختلفة والتي اعتبرتها المعاجم القديمة من المولد فأهملتها .
خ ح ص 191 - دوزي ملحق المعاجم العربية ص 8- ص13
5- المعجم الوسيط يعكس ما أثبت من ألفاظ مولدة ومستخدمة في صورة العربية الحديثة ويحذف كثيرا
من الألفاظ التي ماتت بفعل التطور .. خ ح ص191

6- يرى الدكتور خليل أنه من الضروري وجود مجمع لغوي واحد لوضع مسميات موحدة وخاصة للآلات والأدوات الحديثة على أن نكثر هذه المسميات وتتعدد بتعدد اللهجات والأقطار العربية .. خ ح ص230

7- نتيجة ... يجب أن نفرق بين المصطلحات المولدة والألفاظ العامة... حتى يسهل علينا وضع معجم مستقل لمصطلحات كل علم من العلوم بعد ذلك .. خ ح ص 239

8- من حصيلة هذين المصدرين [قراءة المعاجم الغربية القديمة ومعاجم المصطلحات قراءة دقيقة والاتجاه إلى النصوص الأدبية و التاريخية و العلمية في التراث العربي وحديثا على أن نقسم النصوص تاريخيا ...] يمكن ترتيب هذه المادة اللغوية واستكمال المعجم المنشود للألفاظ المولدة .. خ ح ص 239

9- خصص الرازي المتوفي 322 لهذا اللون من الألفاظ التي جاء بها الإسلام معجما كاملا سماه كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية العربية .. خ. المولد بعد الإسلام ص67 - الزينة ج1 ص6.

10- شهدت هذه الفترة ( عصر النهضة ) حركة التأليف في المعاجم اللغوية التي كانت قد توقفت منذ أن أخرج الزبيدي (ت 1205) معجمه تاج العروس فظهر أول معجم عربي حديث هو محيط المحيط لبطرس البستاني 1866 تبعه بقطر المحيط وهو مختصر لهذا المعجم ثم ظهر أقرب الموارد 1889. ثم معجم الطالب لجرجس همام الشويري 1907 ثم المنجد 1908 للأب لويس المعلوف.
وقد اعتنت هذه المعاجم جميعا بالمصطلحات و الألفاظ المولدة و أكثر من فعل ذلك بطرس البستاني في محيط المحيط .. خ ح ص46

11- وشهدت هذه المرحلة (عصر النهضة) ظهور مجموعة من المعاجم العلمية من أشهرها معجم الدكتور محمد شريف بالانجليزية والعربية في العلوم الطبيعية والكيمياء والطبيعة والنبات ومعجم الحيوان والمعجم الفلكي لامين المعلوف ومعجم أسماء النباتات للدكتور احمد عيسى ومعجم الألفاظ الزراعية للأمير مصطفى الشهابي كما نشرت صحف ومجلات هذه المرحلة بحوثا في الكثير من المصطلحات العلمية والمعربة. ح خ ص55 .. مصطفى الشهابي- المصطلحات العلمية.


12- ولسد هذا النقص وضع مصطفى الشهابي معجمه في الألفاظ الزراعية في الزراعة العامة والبساتين و يضم هذا المعجم حوالي عشرة آلاف مصطلح كان للمولد نصيب كبير فيها.

والغرض من هذا المعجم أن يجد العلماء و الأدباء و أساتذة الجامعات و المدارس الزراعية والثانوية وأرباب الزراعة و المتأدبون أصلح الكلمات العربية التي يمكن استعمالها في زبدة العلوم الزراعية الحديثة و في زبدة علوم المواليد من نبات وحيوان و جماد.
.. ح خ ص119 - الشهابي معجم الألفاظ الزراعية- المقدمة- ص2.

13- ولذلك فكر الكرملي في وضع معجم لسد هذا النقص في مفردات العربية يذكر فيه ما أغفلته المعاجم من الألفاظ و سمى معجمه هذا ذيل لسان العرب ثم عدل عن هذه النسبة و أطلق عليه (المساعد)
.. ح خ 87 و ما بعدها
مجلة لغة العرب 7/883 نقلا عن د. إبراهيم - الأب انستاس الكرملي و آراؤه اللغوية ص111.

14- وقد نتج عن هذه القطيعة إسقاط ألاف من الألفاظ – المصطلحات من المعجم العربي العام، وقد اقتفى المحدثون إلا من رزقه الله التسامح – أثار اللغويين القدماء في هذه القطيعة فكانت المعاجم العامة الحديثة – في الغالب – صورا مشذبة متفرعة من المعاجم القديمة .
دراسات في المعجم العربي - إبراهيم مراد ص5

15- ظهر في اللغة العربية خلافا لبقية لغات العالم الحية – مستويان مستقلان منفصلان للرصيد المعجمي العربي – توقيفي ومنظور وقد حظي الأول بالتدوين وهمش الثاني. وتهميش هذا المستوى قد أحدث في المعجم العربي انفصاما بين مستويات اللغة.
دراسات في المعجم العربي - إبراهيم مراد ص8
16- معجم العين للفراهيدي (ت175-791) في اللغة العامة
- في أواخر القرن الثاني و بداية الثالث ظهرت مؤلفات معجمية كثيرة و لكنها لم تكن معاجم حقيقية ومعظمها إما في غريب القرآن و الحديث أو في مظاهر لغوية معجمية مثل الأضداد والمعلقات هو في صفات الإبداع و هي الأكثر عددا لهذه المعاجم مثل: الرسائل في المطر واللبن .....والنبات وخلق الانسان ، أو أكثر المعجميين المؤلفين لهذه المعاجم .

- النضر بن شميل (203-818م) - قطرب بن المستنير (206-821) وأبو عبيدة معمر بن المثنى (210-825) و أبو زيد الأنصاري (215-830) وأبو سعيد عبد الملك الأصمعي (214-828) وأبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (223-839) وكتاب الغريب المصنف أهم مدونة معجمية بعد كتاب العين، وقد رتب فيه الألفاظ اللغوية التي جمعت من المؤلفات السابقة بحسب مجالاتها ..
دراسات في المعجم العربي – بن مراد ص9

17- في النصف الأول من القرن الثالث ظهر في اللغة العربية معجمان علميان مختصان إلا أنهما ليسا من وضع علماء عرب بل هما معجمان مترجمان من اللغة اليونانية هما:

1- معجم المقالات الخمس من القرن الأول الميلادي أو كتاب [الحشاشين] للعالم اليوناني ديوسفيريدس العين زربي من القرن الأول الميلادي، من نقل اسطفن بن بسيل (من القرن الثالث) وإصلاح حنين إسحاق (260-873م))
2- كتاب الأدوية المفردة للعالم اليوناني جالينوس البرغامي 199م. من نقل حنين بن إسحاق.
- وآخر كتاب عربي ألف في الأدوية المفردة على طريقة القدامى هو[كشف الرموز] لعبد الرزاق بن حمّادوش الجزائري المتوفي (1168ه – 1754م)
- كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري (282/895)
- الرحلة المشرقية لأبي العباس النباتي الاشبيلي (637-1239) وهو معجم في النبات.
- معجم البلدان لياقوت الحموي (ت620-1229م)
- كشاف اصطلاحات الفنون لمحمد بن علي التهانوي الذي انتهى من تأليفه (1158-1745) .. دراسات في المعجم العربي ص9 وما بعدها

18- أول معجم علمي مختص يؤلف في اللغة العربية هو كتاب الأدوية المفردة لإسحق بن عمران بالقيروان وهو مفقود... وقد أخذ منه ابن البيطار في كتابه الجامع في النبات و المداواة 22 مفردة وفي النبات 30
دراسات في المعجم العربي ص13.

19- لسان العرب لابن منظور [جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرّم ابن منظور (630هـ-711ه) (1232م- 1311) في مستوى الجمع كان تابعا لأعمال سابقيه لأنه لم يتسع إلى استيعاب الرصيد المعجمي العربي كله، من مختلف مظانه، بل تعمد الانحصار في خمسة مصادر فضلها على كل ماعداها واعتبرها كافية وهي:

- التهذيب للأزهري (ت370 ه /980 م)، الصحاح للجوهري (ت393ه/1003م) والمحكم لابن سيدة (ت458ه/1066م) والحواشي لابن بري(ت582 ه/1187م) والنهاية لابن الاثير(ت606ه / 1210م).

ومن مزايا هذه المصادر أنها:

* تنتمي إلى عصور مختلفة، ما بين النصف الأول من القرن الرابع إلى نهاية القرن السادس الهجريين
* كما تنتمي إلى بيئات مختلفة.
* ومن حيث الاختصاص تنتمي تلك المصادر إلى مجالي المعجمية وعلم الحديث (ابن الأثير)
ـ كانت غاية ابن منظور استيعاب لسان العرب و الإحاطة به.
- ومن منهجيته أنه لم يكن يتقيد بالنقل الحرفي دائما عن مصادره فكان ذا موقف و منهج في الأخذ فكانت مدونته معبرة عن شخصيته العلمية.
- كان موقفه متحيزا ضد العجمة و ذلك دفاعا عن العربية التي كانت في حالة جزر. حيث فشت العجمة و استفحلت .
- أفقد العجمة ألفاظا كثيرة. حيث دون مداخل أعجمية كثيرة و لكنه اعتبرها عربية خالصة ولم يشر إلى عجمتها مثل البوارج و الابريز و الأنزيم و بندق و البستان .......... و البطيخ.
- اعتمد في اثبات العجمة لبعض الألفاظ على أراء عدد كبير من العلماء.
- اقتصر في أخذ المقترضات اللغوية على إثبات ما اعترف به أئمة اللغة من المقترضات و دونوه في متونهم و خاصة المعرب العلمي.
- كان يخضع الأعجمي لجذور عربية فوضع الإستبرق تحت برق كما اشتق جذور وهمية من ألفاظ أعجمية مثل بطرك الذي وضع للبطريك.
- أطلق مصطلحات مختلفة على الأعجمي مثل (المعرب – الدخيل – الأعجمي – المولد.......)
ونسب الأعجمي إلى لغات مختلفة مثل (الفارسية – النبطية- العبرانية (البعير) – الرومية وأهمل كثيرا من نسبة الألفاظ إلى لغاتها.
دراسات في المعجم العربي 157 إلى 191 - لسان العرب لابن منظور.

20- من الكتب ذات الأهمية التي اعتمدها المعجميون العرب في تعريف المادة النباتية (كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري).
دراسات في المعجم العربي ص182

21- مستدرك دوزي : دوزي هو المستشرق الهولندي رينحارت دوزي المتوفي 1883 و هو مجمع لمستدركات متعددة لخصها في المستدرك على المعاجم العربية – صدرت طبعته الأولى في لندن 1881.
- جمع مادته من المصادر التي استقرأها و التي بلغت 450 مصدرا ينتمي معظمها إلى ما بين القرن الرابع و العاشر الهجريين.
- حاول تدوين المولد و المستحدث من الألفاظ و العبارات الجديدة التي طرأت في مختلف الأعصار الإسلامية، خلافا لمن سبقوه الذين اكتفوا بتدوين الفصيح فقط في حدود الجزيرة العربية و بعض التخوم ونهاية عصر الاحتجاج (ق 3 ه)
- ومع ذلك فكان في مدونة دوزي بعض مصادر النقص إذ لم يستقرأ كل المصادر و خاصة التي كانت قبل عصر الاحتجاج مع وجود مؤلفات كثيرة في العلوم و خاصة في القرن الثالث وفيها ألفاظ لم تدون في المعاجم العربية.
- رتب معجمه ألفبائيا بحسب الجذور معراة من الزوائد (و هذا من السلبيات).
- كان معجم دوزي ثنائي (عربي / فرنسي) اللفظ بالعربي و الشرح بالفرنسي.
- كان لديه في كثير من الأحيان ظاهرة الحشو بتكرار تعاريف بعض المداخل و خاصة المركبة.
- كان المدخل المركب تارة حسب الجزء الأول و تارة حسب الثاني و أخرى حسب
- يعتبر معجم دوزي أول معجم يقر بلغة الأمصار الإسلامية من دور في إثراء اللغة العربية
وينطلق من مبدأ أن الفصاحة فصاحات.
دراسات في المعجم العربي ص199 وما بعدها

22- كتاب الجامع لابن البيطار ومعالجة المصطلح النباتي والصيدلي :
ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المعروف بالعشاب و النباتي ولد في مالقة بالأندلس في النصف الثاني من القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) و توفي في دمشق 646/ 1248م

أهم كتبه التي وصلت:

- المغني من الأدوية المفردة
- تفسير كتاب دياسفاريدوس
- الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام.
- الجامع لمفردات الأغذية للأدوية.
- المصطلحات النباتية والصيدلية: احتوى كتاب الجامع على 3000 مصطلح علمي منها القديم ومنها الحديث الذي اختص به ابن البيطار.

واعتمد في منهجه على 1- استقراء المصادر القديمة. 2- البحث الميداني. 3- اعتماد المخبرين.

وجد في الاقتراض اللغوي وسيلة هامة لانماء معجمه اللغوي وتوسيعه إذ يلاحظ تفتح المؤلف على معجم اللهجات العامية في عصره و على معجم اللغات الأعجمية فقام بدور العالم المصطلحي والمعجمي، كان يكتب المصطلح حسب نطقه بلغته الأم فبدأ بالساكن مثل (سطوبي )
إن عمل ابن البيطار العلمي والمعجمي منهج يحتذى به وطريقة لا تزال صالحة.
دراسات في المعجم العربي 271 – 293 - ابن بيطار – الجامع – 1/3 و 3/14

23- أهم المعاجم المتخصصة في العصر الحديث ( خلال القرن العشرين ) :

1- معجم العلوم الطبية و الطبيعية لمحمد شرف الصادر في القاهرة 1926
2- معجم أسماء النبات لأحمد عيسى الصادر في القاهرة 1930 (لاتيني- فرنسي – انجليزي عربي).
3- معجم الحيوان لأمين المعلوف الصادر في القاهرة 1932.
4- معجم الألفاظ الزراعية للأمير مصطفى الشهابي دمشق 1943 (فرنسي – عربي)
5- معجم المصطلحات الطبية الكثير اللغات الذي صدر في دمشق 1956 للأساتذة مرشد خاطر – أحمد حمدي الخياط – محمد صلاح الدين الكواكبي.
6- مجموعة المصطلحات العلمية و الفنية الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة في ستة أجزاء بين 957 و 964
7- الموسوعة في علوم الطبيعة لادوارد غالب الصادر في بيروت 965 – ثلاثة أجزاء.
8- المعجم الطبي الموحد الصادر في بغداد 1973عن اتحاد الأطباء العرب.
9- المعجم الموحد للمصطلحات العلمية في مراحل التعليم العام الصادر عن المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم ممثلة في مكتب تنسيق التعريب بالرباط في دمشق . وبغداد بين-1976 ـ1978 في ستة أجزاء هي الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الحيوان، النبات، الجيولوجيا.
والسمة الأساسية في كل هذه المعاجم المتخصصة هي الترجمة، فهي جميعا ثنائية اللغة
أو متعددة اللغات.
وقد رتبت مداخلها المعجمية على حروف المعجم الأعجمية عدا الموسوعة في علوم الطبيعة.
دراسات في المعجم العربي ص295.

24 - معجم مصطلحات علم النبات دمشق 1978 – عدد مداخله الأصلية 4237 مادة.
- اعتبرت في ترتيب مداخله المصطلحات الانجليزية أصولا ثم اتبعت بالفرنسية و قوبلت جميعها بالعربية.
- وكان ترتيب المعجم من حيث الصفات عربيا (من اليسار إلى اليمين) خاص بقسم النبات.
- هذا المعجم مؤهل لأن يكون أحسن ما ألف المحدثون في مصطلحات علم النبات وذلك لتوفر أربع خصائص:

أ- لأنه تتويج للأبحاث العربية في علم النبات.
ب- لأنه ثمرة عمل جماعي و مر بثلاث مراحل – فقد أعد مادته الأولى مكتب تنسيق التعريب، ثم أعادت النظر فيه لجنة علمية في الجزائر 1973 ، ثم أعادت مراجعته لجنة علمية متخصصة 1974.
ج- انه معجم موحد بمعنى أن تحظى مصطلحا ته بنوع من الإجماع العربي.
د- انه موجه إلى جمهور التعليم العام.
المعجم الموحد - دراسات في المعجم 295 إلى 298.

25- ومع المزايا الايجابية فان معجم النبات لا يخلو من بعض السلبيات مثل:

1- أنه خال من التعريف ويكتفي بذكر المقابل العربي فيعرف المصطلح بمصطلح آخر وكأنه معجم لغة عامة مع أنه معجم مصطلحات علمية
2- هناك نوع من التسيب المنهجي في وضع المصطلحات ومن مظاهر ذلك عدم التقيد بمنهج دقيق في معالجة السوابق و اللواحق كترجمة اللاحقة oide ذات الأصل اليوناني بست طرق مختلفة، والاضطراب في تعريب الأصوات الأعجمية مثل v. G بالإضافة إلى تحريف مصطلحات عربية كانت اللغة اللاتينية قد اقترضتها في القرون الوسطى مثل مصطلح سماق الذي جاءت محرفة سماك.
هذا بالإضافة إلى القطيعة بين واضعي هذا المعجم والعلماء السابقين من القدماء والمحدثين
دراسات في المعجم العربي ص299-203

26- من ناحية أخرى يلاحظ تزايد ظهور المعاجم الفنية التخصصية في كثير من مجالات العلوم بفضل جهود مؤسسات التعريب ومجامع اللغة العربية في عدة أقطار عربية في المشرق والمغرب.
تجديد النهضة باكتساب الذات وتقدمها - محمد جابر الأنصاري

27- من المعاجم الحديثة : الجاسوس على القاموس لأحمد فارس الشدياق (1804-1887 ينتقد فيه القاموس المحيط للفيروز أبادي.
كنز الرغائب 1/205 - خ ح 75

29- البرقيات لأحمد تيمور (1871-1930) وهو معجم صغير كان هدفه احياء بعض الكلمات العربية القديمة - خ ح ص101.
الترادف


إن كثيرا مما قيل عن المشترك يقال عن الترادف و لكن في وضع معكوس بالنسبة للمفهوم .
فالترادف لغة هو التتابع ، وهو مصدر ترادف الذي يدل على الحدث دون الدلالة على الزمان وهذا المصدر مادته ردف الذي يدخل ضمن دلالتها الدلالة على التبعية و الخلافة ومن ذلك الردف الراكب خلف الراكب التابع . ( ينظر : فريد عوض حيدر ، كتاب علم الدلالة دراسة نظرية وتطبيقية ، كلية دار العلوم جامعة القاهرة ، فرع الفيوم )
- رَدَفَه ورَدف له رَدْفًا تبعه وركب خلفه وصار له .
- وكل ما تبع شيئا فهو ردْفُه .
- ترادفت الكلمات تشابهت في المعنى .

وأما اصطلاحا فالمترادف هو ما اختلف لفظه واتفق معناه أو هو إطلاق عدة كلمات على مدلول واحد كالأسد و السبع و الليث التي تعني مسمى واحدا
- وهو أيضا كما عرفه الإمام الرازي : الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد. على أية حال فالترادف هو من مجالات دراسة المعنى، إذ أن لفظين أو عدد من الألفاظ تحمل دلالة واحدة أو تدل على معنى واحد أو متقارب بوجود بعض الفروق كما سيتبين .

• موقف الباحثين من ظاهرة الترادف في العربية :

لقد ظهر الخلاف بين القدامى كما ظهر بين المحدثين العرب والغربيين حول ظاهرة الترادف بين معترف بوجودها ومنكر لذلك.

ولقد تعرض كثير من الدارسين لهذه الظاهرة من وجهة نظر القدامى ولكن قل منهم من تناولها من وجهة النظر اللغوية الحديثة، ورأينا أن نتعرض أولا إلى موقف القدامى من هذه الظاهرة ثم نتعرض بعدها لموقف المحدثين منها.

• موقف القدامى من الترادف :

اختلف اللغويون العرب القدامى اختلاف واسعا في إثبات هذه الظاهرة أو إنكار وجودها في اللغة العربية حيث كانت هذه الظاهرة إحدى القضايا التي تناولها الباحثون واللغويون القدامى.

• الفريق الأول :

يثبت الترادف ويغالي في إثباته ويتوسع فيه ومن هؤلاء ابن خالويه ( ت 370 هـ ) ويظهر رأيه من خلال تلك الرواية التي تذكر الخلاف الذي وقع بينه وبين أبي علي الفارسي حول أسماء السيف. وتعد هذه الرواية من أشهر الروايات حول الخلاف في ظاهرة الترادف في العربية ، حيث يروى أن أبا علي الفارسي قال " كنت بمجلس سيف الدولة بحلب وبحضرة جماعة من أهل اللغة ومنهم ابن خالويه فقال ابن خالويه أحفظ للسيف خمسين اسما فتبسم أبو علي الفارسي وقال : ما أحفظ له إلا اسما واحدا وهو السيف .
قال ابن خالويه : فأين المهند و الصارم وكذا وكذا ، فقال أبو علي هذه صفات.

- تدل هذه الحادثة على أن ابن خالويه يثبت ظاهرة الترادف وأبو علي الفارسي ينكرها.
- ولقد ألف ابن خالويه كتابين في الترادف أحدهما في أسماء الأسد و الثاني في أسماء الحية.
ومن الذين أثبتوا الترادف أيضا مجد الدين الفيروزبادي صاحب القاموس المحيط الذي ألف كتابا في الترادف[ أسماه الروض المسلوف فيما له أسمان إلى ألوف ] .

ومن هذا الفريق أيضا ابن جني حيث عبر عن ذلك في باب في استعمال الحروف بعضها مكان بعض واستدل على ذلك بوقوع الترادف فقال " وجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به "
وفيه موضع يشهد على من أنكر أن يكون في اللغة لفظتان بمعنى واحد من تكلف لذلك أن يوجد فرقا بين قعد وجلس وبين ذراع وساعد . ( ينظر فريد عوض حيدر ،علم الدلالة . دراسة نظرية تطبيقية ، مكتبة النهضة المصرية ص121)

• الفريق الثاني :

وهو الذي ينكر الترادف ويرفضه رفضا تاما ومن هؤلاء أبو علي الفارسي وذلك لما كان بمجلس سيف الدولة وكان بحضرة المجلس ابن خالويه عندما رد عليه كما ذكر آنفا .

وكذلك كان أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي وأبو العباس أحمد بن يحي ثعلب وأبو محمد عبد الله بن جعفر درستويه .

قال ابن درستويه : كذلك ذهب ابن فارس مذهب معلمه ثعلب فأنكر وقوع الترادف قائلا : " ويسمى الشيء الواحد بالأسماء المختلفة نحو السيف و المهند و الحسام و الذي نقوله في هذا أن الاسم واحد هو السيف وما بعده من الألقاب صفات ( ينظر إميل بديع يعقوب . فقه اللغة العربية وخصائصها ص177) .

ومن المنكرين أيضا للترادف أبو هلال العسكري ( توفى سنة 395 هـ ) حيث قال : "فأما في لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظ و المعنى واحد، كما ظن كثير من النحويين واللغويين ، وهو يقول أيضا : "الشاهد على أن اختلاف العبارات و الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم كلمة تدل على المعنى دلالة الإشارة، وإذا أشير إلى الشيء مرة واحدة فإن معرفة الإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة ويؤيد ذلك ثعلب الذي يرى أن ما يظن من المترادفات هو من المتباينات ، كما يرى ابن فارس أن كل صفة من الصفات لها معنى خاص فالأفعال "مضى ، ذهب ، انطلق ، ليست بمعنى واحد "

ورغم أن أبا هلال العسكري كان من هذا الفريق الرافض للترادف المبالغ في رفضه في كتابه الفروق غير أنه في كتابين آخرين له نسي هذا المبدأ الألفاظ المترادفة بلا اعتراض عليها أو محاولة التفريق بينها.

ويبدو أن كلا من الفريقين أسرف فيما ذهب إليه فالأول أسرف في إثبات الظاهرة والثاني أسرف في البحث عن الفروق الدلالية بين الألفاظ

أما الباحثون المحدثون فيمكن إيجاز موقفهم فيما يلي :

أولا : المثبتون للترادف من العرب المحدثين :

يجمع المحدثون من علماء اللغات على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر بل إن الواقع المشاهد أن كل لغة تشمل على بعض تلك الكلمات المترادفة، ولكنهم يشترطون شروطا معينة لا بد من تحققها حتى يمكن أن يقال أن بين الكلمتين ترادفا وهذه الشروط هي :

1 - الاتفاق في المعنى بين الكلمتين اتفاقا تاما على الأقل في ذهن الكثرة الغالبة لأفراد البيئة الواحدة … فإذا تبين لنا بدليل قوي أن العربي كان حقا يفهم من الكلمة جلس شيئا لا يستفيده من كلمة قعد قلنا حينئذ ليس بينهما ترادف .

2 - الاتحاد في البيئة اللغوية أي أن تكون الكلمتان تنتميان إلى لهجة واحدة ومجموعة منسجمة من اللهجات وبذلك يجب ألا نلتمس الترادف من لهجات العرب المتباينة فالترادف بمعناه الدقيق هو أن يكون للرجل الواحد في البيئة الواحدة الحرية في استعمال كلمتين أو أكثر في معنى واحد يختار هذه حينا ويختار تلك حينا آخر وفي كلتا الحالتين لا يكاد يشعر بفرق بينهما إلا بمقدار ما يسمح به مجال القول (ينظر إبراهيم أنيس في اللهجات العربية ص177)

ولم يتفطن المغالون في الترادف إلى مثل هذا الشرط بل اعتبروا كل اللهجات وحدة متماسكة وعدوا كل الجزيرة العربية بيئة واحدة. ولكنا نعتبر اللغة النموذجية الأدبية بيئة واحدة ونعتبر كل لهجة أو مجموعة منسجمة من اللهجات بيئة واحدة

3 - الاتحاد في العصر فالمحدثون حين ينظرون إلى المترادفات ينظرون إليها في عهد خاص وزمن معين وهي تلك النظرة التي يعبرون عنها بالنظرة الوصفية لا تلك النظرة التاريخية التي تتبع الكلمات المستعملة في عصور مختلفة ثم تتخذ منها مترادفات
فإذا طبقت هذه الشروط على اللغة العربية اتضح لنا أن الترادف لا يكاد يوجد في اللهجات العربية القديمة، إنما يمكن أن يلتمس في اللغة النموذجية الأدبية .

أما المنكرون للترادف من المحدثين العرب فمنهم الدكتور السيد خليل والدكتور محمود فهمي حجازي وله رأي معتدل حيث يقول : يندر أن تكون هناك كلمات تتفق في ظلال معانيها اتفاقا كاملا ومن الممكن أن تتقارب الدلالات لا أكثر ولا أقل …

وأما المحدثون الغربيون فقد عرّفوا الترادف بأنه الحالة التي يكون فيها لصيغتين أو أكثر المعنى نفسه ، ومن أول المنكرين للترادف من الغربيين أرسطو " ويبدو ذلك من النص الذي نقله الدكتور إبراهيم سلامة من كتاب الخطابة لأرسطو حيث يقول : وكذلك الكلمة يمكن مقارنتها بالكلمة الأخرى ويختلف معنى كل منهما

ومن الذين أنكروا وجود الترادف من علماء اللغة الغربيين المحدثين " بلومفيلد " حيث يقول ليس هناك ترادف حقيقي .

وبعد النظر في هذه المواقف و الآراء المختلفة لدى الباحثين القدامى و المحدثين العرب والغربيين نرى أنه من التعسف الشديد إنكار وجود الترادف في العربية وإيجاد معنى لكل اسم من أسماء الأسد أو السيف ، وغيرها مختلف عن غيره في بعض الصفات أو التفاصيل

فالترادف ظاهرة لغوية طبيعية في كل لغة نشأت من عدة لهجات متباينة في المفردات والدلالة ،وليس من الطبيعي أن تسمي كل القبائل العربية الشيء الواحد باسم واحد وعليه نرى أن الترادف واقع في اللغة العربية الفصحى التي كانت مشتركة بين قبائل العرب في الجاهلية وكان من الطبيعي أن نقع على بعض الكلمات في القرآن الكريم لنزوله بهذه اللغة المشتركة (ينظر اميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية و خصائصها ص 175)

ولا بأس أن نذكر أو نذكّر أخيرا بأن هناك رأيا ظل سائدا قديما وحديثا وهو أن لا ترادف في العربية وأن هناك فروقا بين المعاني للألفاظ التي تبدو مترادفة ذكرها العلماء في مؤلفاتهم وأوردوا لها أمثلة ،من ذلك ما جاء في كتاب فقه اللغة للثعالبي (ارجع إلى هذا الكتاب) فهو يرى أن هزال الرجل على مراحل ، فالرجل هزيل ثم أعجف ثم ضامر ثم ناحل .

وقد يدل على درجات الحالات النفسية المتفاوتة ، فالهلع أشد من الفزع ، والبث أشد من الحزن ، والنصب أشد من التعب و الحسرة أشد من الندامة .

كما أورد أبو هلال العسكري في كتابه الفروق في اللغة ( ارجع إلى هذا الكتاب) أمثلة كثيرة ومتنوعة لهذه الفروق نذكر منها قوله :

- الفرق بين الصفة و النعت : أن النعت لما يتغير من الصفات، و الصفة لما يتغير ولا يتغير.
- والفرق بين اللذة و الشهوة : أن الشهوة توقان النفس إلى ما يلذ، و اللذة ما تاقت إليه النفس .
- الفرق بين الغضب والغيظ و السخط والاشتياط : أن الغضب يكون على الآخرين وليس على النفس ، و الغيظ يكون من النفس ، و السخط هو الغضب من الكبير على الصغير وليس العكس ، أما الاشتياط: فهو تلك الخفة التي تلحق الإنسان عند الغضب

- الفرق بين القد و القط : أن القد الشق طولا و القط هو الشق عرضا

- الفرق بين البخل و الشح : أن الشح هو بإضافة الحرص على البخل أي البخيل يبخل على الآخرين أما الشحيح فهو يبخل على الآخرين وعلى نفسه

- الفرق بين السرعة والعجلة: أن السرعة التقدم فيما ينبغي وهي محمودة، ونقيضها الإبطاء وهو مذموم
والعجلة : التقدم فيما لا ينبغي ونقيضها الأناة، و الأناة محمودة ( في التأني السلامة و في العجلة الندامة )
- الفرق بين الفوز و النجاة: أن النجاة هي الخلاص من المكروه، والفوز هو الخلاص من المكروه و الوصول إلى المحبوب

ويمكن تلخيص أهم أسباب الترادف حسب رأي الباحثين بما يلي (وهذا يخص اللغة العربية دون غيرها)

1 - انتقال كثير من مفردات اللهجات العربية إلى لهجة قريش بفعل طول الاحتكاك بينهما وكان بين هذه المفردات كثير من الألفاظ التي لم تكن قريش بحاجة إليها لوجود نظائرها في لغتها مما أدى إلى نشوء الترادف في الأوصاف و الأسماء و الصيغ .

2 - أخذ واضعي المعجمات عن لهجات قبائل متعددة كانت مختلفة في بعض مظاهر المفردات، فكان من جراء ذلك أن اشتملت المعجمات على مفردات غير مستخدمة في لغة قريش ويوجد لمعظمها مترادفات في متن هذه اللغة .

3 - تدوين واضعي المعجمات كلمات كثيرة كانت مهجورة في الاستعمال ومستبدلاتها ( مفردات أخرى).

4 - عدم تمييز واضعي المعجمات بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي فكثير من المترادفات لم توضع في الأصل لمعانيها بل كانت تستخدم في هذه المعاني استخداما مجازيا (ينظر اميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية و خصائصها ص 177) .

5 - انتقال كثير من نعوت المسمى الواحد من معنى النعت إلى معنى الاسم الذي تصفه فالمهند
و الحسام و اليماني من أسماء السيف يدل كل منها على وصف خاص للسيف مغاير لما يدل عليه الآخر .

6 - إن كثيرا من المترادفات ليس في الحقيقة كذلك، بل يدل كل منها على حالة خاصة من المدلول تختلف بعض الاختلاف عن الحالة التي يدل عليها غيره، فقد يعبر كل منها عن حالة خاصة للنظر تختلف عن الحالات التي تدل عليها الألفاظ الأخرى ف(رمق ) يدل على النظر بمجامع العين و"لحظ " على النظر من جانب الأذن و " حَدَجه " معناه رماه ببصره مع حدة و"شفن" يدل على نظر المتعجب الكاره و"رنا" يفيد إدامة النظر في سكون وهكذا ...

7 - انتقال كثير من الألفاظ السامية و المولدة و الموضوعة و المشكوك في عربيتها إلى العربية وكان لكثير من هذه الألفاظ نظائر في متن العربية

8 - كثرة التصحيف في الكتب العربية القديمة وبخاصة عند ما كان الخط العربي مجردا من الإعجام و الشكل (نفسه ص176/177)

9 - تعدد الواضع أو توسع دائرة التعبير وتكثير وسائله، وهو المسمى عند أهل البيان بالافتنان
أو تسهيل مجال النظم و النثر وأنواع البديع، فإنه قد يصلح أحد اللفظين المترادفين للقافية أو الوزن أو السجع دون الآخر وقد يحصل التحسين والتقابل و المطابقة ونحو ذلك بهذا دون الآخر

10 - استخدام دلالات متعددة للمدلول الواحد على سبيل المجاز

11 - أصل الحدث أي الفعل الذي يقع في محدث ما يقع من غيره . فيرمز الأول باسم غير الثاني فالهمس .

مثلا من الإنسان، و الهيس أيضا صوت أخفاف الإبل . والهسهسة عام في كل شيء . وقد يكون الحدث واحدا في الحالات المختلفة ، فالخرير صوت الماء الجاري أما إذا كان تحت ورق فهو قسيب ، فإذا دخل في مضيق فهو فقيق ،فإذا تردد في جرة فهو بقبقة
العلاقات الدلالية


مما لا شك فيه أن الأصل أن يكون لكل لفظ ( كلمة ) دلالة ( معنى ) واحدة محددة ، ولكن كما لاحظنا عند حديثنا عن تطور الدلالة أن الدلالات تتغير وتنتقل ، وتتشابك بحيث أنه قد تجتمع عدة دلالات على اللفظ الواحد، حتى تلك الدلالات التي تبدو متباعدة المجالات ، وقد تصل إلى درجة التضاد الذي يوحي بعدم منطقية اللغة، كما أن حركية الدلالات قد تجعل عددا من الألفاظ لها جميعها دلالة واحدة. ومن هنا ظهر في اللغة ما يسمى بظواهر : الترادف ، والاشتراك ، والتضاد ...

إن هذه الظواهر ظاهرة عامة في كل اللغات ، وان هناك من يرى أنها في العربية أكثر ظهورا حتى عدت من خصائص العربية [مع شيء من التحفظ].

وأن البحث الدلالي يقتضي الوقوف عند هذه الظواهر التي تتعلق بالمستوى الدلالي للغة. إنما سنحاول

– هنا – الإيجاز قدر الإمكان لأن هذه الموضوعات تدرس أيضا في سياق دراسة فقه اللغة. وسيكون اهتمامنا منصبا على هذه الظواهر في اللغة العربية لاسيما فيما نسوقه من أمثلة.


المشترك اللفظي :
اهتم القدماء من علماء العربية بهذه الظاهرة و كانت هناك مؤلفات عديدة لمعالجتها سواء فيما يتعلق بالقرآن الكريم أو الحديث الشريف أو اللغة العربية بشكل عام.
ووصل إلينا عدد من العناوين مثل ( الأشباه و النظائر ) ،أو ( الوجوه والنظائر ) ، أو عنوان ( ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد ) للمبرد.

وربما كان من أشهر المؤلفات القديمة في هذا الموضوع هو الذي وضعه كراع ( علي بن حسن الهنائي ت 310هـ ) الذي عنوانه ( المنجد في اللغة ).
و بشكل عام كان تعريف المشترك هو ( ما اتفق لفظه و اختلف معناه ) أو بعبارة أخرى ( اتحاد الصورة واختلاف المعنى ) ، وقد ذكر سيبويه في ( الكتاب ) ذلك فقال "اعلم أن من كلامهم اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين) (ينظر الكتاب ج/1 ص 7).

وقد كان هناك من القدماء من ضيّق مفهوم المشترك حتى كاد أن ينكر وقوعه مثل ( ابن درستويه )، وهناك من أكد وجوده و ربما بالغ في ذلك مثل ابن فارس و ابن خالويه وهناك منهم من اعتدل فلم ينكر و لم يبالغ بل أقرّ بأن هناك بعض المشترك اللفظي في اللغة، إذ أن ذلك لا ينافي المنطق بل أنه قد يكون سنة لغوية إن لم يكن ضرورة ، ولا يقتصر وجوده على العربية بل هو في كل اللغات، والشواهد على ذلك كثيرة.


وفيما يروى من الشواهد في ذلك قول الشاعر:

يا ويح قلبي من دواعي الهوى
إذا رحل الجيران عند الغروب

اتبعتهم طرفي وقد أزمعوا
ودمع عيني كفيض الغروب

كانوا وفيهم طفلة حرة
تفتر عن مثل أقاصي الغروب


فالغروب الأولى غروب الشمس ، والغروب الثانية جمع غرب ، وهو الدلو الكبيرة المملوءة والثالثة جمع غرب وهي الوهاد المنخفضة (المزهر ج/1/381).

وقد عزا اللغويون وقوع المشترك إلى عدد من الأسباب من أهمها:

1- تداخل اللهجات
2- التطور الصوتي لبعض الكلمات حتى تتطابق لفظتان في لفظة تدل على المعنيين لكل منهما أو يحدث فيهما أو في أحدهما قلب مكاني .
3- التطور المعنوي أي تغيير المعنى عن طريق المشابهة والاستعارة والمجاز. من ذلك توسيع المعنى، أو تضييقه أو السببية فكلمة ( الإثم ) كان معناها الذنب، ثم أصبحت تطلق على الخمر لأنها سبب في الإثم

أما المحدثون فقد بلوروا أنواع المشترك بما يلي:

1- معنى مركزي للفظ تدور في فلكه عدة معان فرعية.
2- تعدد المعنى نتيجة استعمال اللفظ في مواقف مختلفة.
3- دلالة الكلمة الواحدة على أكثر من معنى بسبب تطور المعنى.
4- وجود كلمتين تدل كل واحدة منهما على معنى ثم اتحاد صورتي الكلمتين في كلمة واحدة.

وربما يتقارب النوعان الأول والثاني ، ونمثل لهما بكلمة (عنق) فالمعنى المركزي هو(الرقبة) ومن المعاني الهامشية عنق الزجاجة وعنق الوادي ...

أما النوع الثالث فقد سماه اللغويون ( البوليزيمي ) أو( كلمة واحدة ـ معنى متعدد ) فكلمة ( عملية ) لا يفهم لها معنى محدد منعزلة عن السياق ويحدد لها معنى من المعاني حسب السياق أو الحقل فتكون عملية جراحية أو عسكرية أو اقتصادية

أما النوع الرابع ويسمى ( الهومونيمي ) فيمكن أن يمثل له بكلمة (قال) الفعل الماضي الذي يدل على معنى القول، أو الإقالة ويحدد ذلك صيغة المضارع، قال يقول أو قال يقيل .

وقد يصعب الفصل أحيانا، في التفريق فيما إذا كان لدينا معنى مركزي تدور حوله معان أخرى، أو أن لدينا عدد من المعاني لكلمة واحدة مثال كلمة( يد ) التي ترد في عدد من الاستعمالات:

- كسرت يد فلان
- يد الفأس
- يد الطائر ( جناحه )
- طويل اليد ( سمح جواد أو سارق )
- يد الرجل ( قومه أو أنصاره )

وللملاحظة:
هناك نوعان من المجاز، أو لهما المجاز الحي الذي نشعر به و نلاحظه كقولنا أسد عن الرجل الشجاع و المجاز الميت أو الذي تنوسيت علاقته و انتقاله من الحقيقة فأصبح كأنه حقيقة مثل الكتابة لمعنى النسخ و أصل معناها الجمع، إذ هي جمع للحروف والكلمات

نماذج من المشترك اللفظي من كتب بعض اللغويين القدماء (ينظر أحمد مختار عمرص153)

عن كراع:
العين: مطر يدوم خمسة أيام لا يقلع.
عين كل شيء : خياره
وعين القوم : ربيئتهم الناظر لهم
وعين الرجل : شاهده
والعين : عين الشمس
عن أبي عبيدة:
العين : الذهب
العين : عين الماء
العين : نفس الشيء
العين : النقد
العين : التي يبصر بها
عن أبي العميثل :
العين : النقد من دنانير ودراهم
العين : عين البئر وهو مخرج مائها
والعين : ما عن يمين القبلة
والعين : عين الميزان

وأخيرا هناك من يرى أن المشترك كظاهرة هو مزية ايجابية في اللغة فهو :

1- يعد من خواص الأسلوب و يساعد الأدباء والشعراء في فنهم.
2- أنه يخفف من حفظ الكلمات الكثيرة لجميع المعاني إذ يعبر بكلمة واحدة عن أكثر من معنى . ولكن ذلك ينقضه وجود الترادف

ومن الآثار السلبية للمشترك :
1- ما يؤدي إليه من الغموض و عدم الدقة و تعمية الفهم.


الأضداد


يمكن اعتبار التضاد نوعا من المشترك اللفظي يصل فيه اختلاف المعنى للفظ الواحد إلى درجة الضدية
وتعريفه هو استخدام اللفظ الواحد في معنيين متضادين

وقد اهتم علماء العربية قديما بهذه الظاهرة ووضعوا فيها كثيرا من المؤلفات، من أشهرها:

- الأضداد لابن الانباري (ت 328هـ)
- الأضداد للأصمعي 216 هـ
- الأضداد لابن السكيت 244 هـ

وكما كان بالنسبة للمشترك فقد اختلف العلماء قديما بين مثبت ومنكر ومتوسط
ومن المنكرين ابن درستويه ( 347هـ ) الذي وضع كتابا في إبطال الأضداد، كما فعل بالنسبة للمشترك ، وكذلك الجواليقي.
وكان مما علل به المنكرون موقفهم أن وجود الأضداد ينافي الحكمة، وواضع اللغة لا بد أنه كان حكيما.
أما الذين يقرون بوجود الأضداد فهم كثر منهم :

ابن الانباري ، وابن فارس، الذي قال "وأنكر ناس هذا المذهب، وأن العرب تأتي باسم واحد للشيء وضده ... " ( ينظر الصاحبي ص98 )

على أية حال هناك من توسع في التضاد فأدخل فيه ما ليس منه، وهناك من ضيق فاعتبر أن بعضه لغات وليس من الأضداد

بل هناك من بالغ كثيرا مثل : قطرب وابن الانباري
معجم التعابير الاصطلاحية في العربية المعاصرة*
مدخل:

التعابير الاصطلاحية (Idioms) ظاهرة معجمية موجودة في كل اللغات الطبيعية ، وإن اختلفت درجة الوعي بهذه الظاهرة ، وتفاوتت درجات العناية بها: درسا وتحليلا وتوثيقا لها في معاجم تلك اللغات.

ويمكن تعريف التعبير الاصطلاحي بأنه : تجمع لفظي (أكثر من وحدة معجمية بسيطة) ، يقع في الاستعمال اللغوي باطراد، وله دلالة ثابتة لا تنتج من تجميع دلالات مفرداته المكونة له.

لذا فإن التعبير الاصطلاحي ، باعتباره ذا دلالة لا يمكن استنتاجها من خلال مفرداته ، يُعَدّ في العمل المعجمي الحديث وحدة معجمية. و يخصص له في المعجمات العامة مداخل فرعية ، كما تفرد له معظم اللغات الحية معاجم مستقلة ، يخصص له فيها المداخل الرئيسية.

واللغة العربية – التراثية والحديثة – تزخر بالتعابير الاصطلاحية ، وكان اهتمام المعجميين العرب بها بوصفها عبارات أو تراكيب تقع فيها الكلمة (المفردة) ، وظلت هذه النظرة التي ترى مركزية الوحدة المعجمية المفردة متحكمة في طريقة عرض التعابير الاصطلاحية في المعجم العام جمعا لمادتها، وإدراجا في بناء المعجم، وتحريرا وإخراجا طباعيا.

وفي العصر الحديث – ونتيجة للاحتكاك بالفكر اللغوي الغربي ، والصناعة المعجمية الغربية – برز اهتمام بالتعبير الاصطلاحي: تحديدا للمفهوم والمصطلح ، ثم بدأ الاهتمام بالتأليف فيه ، فظهر ثلاثة من معاجم التعابير الاصطلاحية، في الفترة الزمنية بين 1987 ، 2003

أهداف المعجم:

1. تغطية التعابيرالاصطلاحية الموجودة في العربية الحديثة.
2. المعالجة المعجمية الموسعة للتعابير الاصطلاحية.
3. خدمة الترجمة البشرية وبرامج الترجمة الآلية.

طبيعة المعجم / تصنيفه:

معجم مختص للتعابير الاصطلاحية في العربية الحديثة والمعاصرة ، أحادي اللغة ، مبني على مدوَّنة نصوص موسعة ( Corpus d )، يضم ما يقرب من 4000 تعبير اصطلاحي.

مادته:

بنيت مادة المعجم من خلال مدونة نصوص لغوية تمثل اللغة العربية الحديثة والمعاصرة في مجالات مختلفة : [ الأدب باختلاف أجناسه : ( روايات وقصص ومسرحيات عربية و مترجمة للناشئين والكبار) – فنون – علوم - رياضة – اجتماعيات – سياسة – اقتصاد- دوريات علمية ، ومجلات أدبية ونقدية، وسياسية ، وتربوية ، واجتماعية ، وثقافية فكرية، ونسائية ، تصدر في كل من مصر والكويت والإمارات والسعودية وسوريا ولبنان ولندن..إلخ ].

حجم المعجم:

يصل حجم المعجم إلى حوالي 500 صفحة .

بنية المعجم:

- البنية الكبرى:
قائمة مبنينة بالتعابيرالاصطلاحية في العربية الحديثة، كما أظهرتها مدونة النصوص.

- البنية الصغرى:
وتعرض فيها المعلومات الآتية لكل مدخل معجمي:
1. المدخل : التعبير وتنوعاته (Entry).
2. الشرح أو التعريف.
3. الأمثلة والاقتباسات من المدونة الحية (Corpus d).
4. المعلومات الصرفية (اشتقاقية وتصريفية).
5. المعلومات النحوية (تركيبية وإعرابية).
6. معلومات الاستعمال.
7. المعلومات التأثيلية ( Etymological information).
8. معلومات الهجاء.

الجديد في هذا المعجم:

* على المستوى التنظيري
1. تدقيق المفهوم ووضع معايير تحديد التعبير الاصطلاحي، وتحديد التنوعات الشكلية للتعبير الواحد.
2. بناء مدونة النصوص اللغوية وطرائق التحليل.

* على مستوى تقنيات الصناعة المعجمية
1. تقنيات جمع المادة:
- بالاعتماد – اعتمادا أساسيا – على مدونة نصوص طبيعية ، وعدم النقل عن المصادر المعجمية السابقة ، وإنما تنحصر الاستعانة بها في التوثيق.
- الاستعانة في الجمع اليدوي للمادة بمجموعة من الباحثين ، ( من طلبة الماجستير والدكتوراه).
2. تقنيات البناء:
- رُتِّبَت البنية الكبرى للمعجم حسب الترتيب الألفبائي لحروف التعبير كاملا ؛ باعتباره الوحدة المعجمية.
- تم الربط بين تنوعات التعبير الواحد عن طريق الإحالات المعترضة Cross references.
- حرصت الباحثة على إحكام بنية المعجم على المستوى الدلالي بالربط بين الحقول الدلالية، وتجلية العلاقات الدلالية بين التعابير.
3. تقنيات التحرير:
- توخي البساطة في شرح التعابير، وتنويع وسائل الشرح.
- تقديم معلومات موسعة نسبيا عن التعابير: تأثيلها واستعمالها.
4. تقنيات الإخراج الطباعي:
- تتميم ضبط متن المعجم ، عن طريق ضبط كل كلماته ضبطا كاملا بالشكل.
- محاولة ضبط البنية على مستوى الإخراج الطباعي ، بتنميط طرق التعامل مع الأشباه والنظائر.

المستهدَفون من المعجم / المستفيدون منه:

1. ابن اللغة.
2. متعلم اللغة من غير أبنائها.
3. برامج معالجة اللغات الطبيعية (قواعد البيانات المعجمية – برامج الترجمة الآلية).

مشكلات المحاولات السابقة:

1. عدم تحدد المفهوم في ذهن صانعي معظم هذه المعاجم تحددا كاملا؛ مما أدى إلى الخلط بين التعابير الاصطلاحية وظواهر لغوية أخرى: ( بقية التجمعات اللفظية مثل الوحدة المعجمية المركبة، والمصطلحات متعددة الكلمات...إلخ ).
2. ضعف الاستيعاب ؛ لاعتماد معظمها على تقليدية المقاربة.
3.فوضى تقنيات المعالجة.
4. الخلط بين التنوعات المختلفة للتعبير الواحد ، ومعاملتها في كثير من الأحوال باعتبارها تعابير مختلفة ، وهو ما يؤثر في تمثيل المعجم.
5. غياب الصياغة البنيوية للمعجم.
6. النقل والتقليد.

فريق العمل:

ـ قامت الباحثة بإعداد فريق عمل عدده 15 باحثا ، اشترك في الجمع اليدوي لمادة المعجم ، بعد تدريب أفراده على تمييز التعابير الاصطلاحية من خلال ورش العمل ، وتكليفهم برصد التعابير، وتحديد مواضعها في المدونة ، وكتابة الجمل التي وردت فيها هذه التعابير على نماذج خاصة مطبوعة أعدتها لهذا الغرض.

ـ واشتركت الباحثة مع أفراد هذا الفريق في جمع مادة المعجم يدويا على مدى أربع سنوات، ثم قامت بمراجعة المادة التي جمعها الباحثون ؛ لتدقيقها ، وحذف ما لا يندرج في إطار التعابير الاصطلاحية. واختيار الأمثلة التي توضح السياقات التي يستعمل فيها كل تعبير اصطلاحي ، ثم بدأت في تحرير مادة المعجم.

ـ وفي مراحل التدقيق أضافت ما يفيد في توضيح المعنى، بشرح الكلمات الصعبة أو الغامضة ، وتحديد خصوصية استعمال التعبير: إن كان مختصا بالأشخاص أو غيرهم ، أو مرتبطا بصيغ صرفية أو نحوية بعينها. كما رصدت معلومات الاستعمال ، والتأثيل ، والإحالات ... الخ.

ـ حين وجدت للتعبير أكثر من معنى رصدت كلا من هذه المعاني، وأتبعته بالأمثلة التي توضح السياق الذي يستعمل فيه.

ـ وحين وجدت الباحثة بالمدونة بعض التعابير الاصطلاحية المعاصرة من اللهجات العامية ، حرصت على تحديد مواضع هذه التعابير في المدونة، بالإشارة إلى صفحات الكتب والمطبوعات التي جمعت منها المادة.

والمعجم يعد إضافة للمعاجم العربية ، في مجال التعبير الاصطلاحي ، الذي يندر فيه المعاجم العربية ، التي تتبع التقنيات الحديثة للعمل المعجمي ، فضلا عن المعاجم التي ترصد مادتها من خلال مدونة حية.
نشأة اللغة الانسانية الأولى : أهم النظريات أو الفرضيات


اختلف الباحثون قديما وحديثا في موضوع نشأة اللغة الانسانية الأولى ، ومدى نجاعة دراسة مثل هذا الموضوع بين معارضين للبحث فيه الى درجة التحريم ، باعتباره موضوعا غير ظني لا يمكن التحقق من صحة وقائعه ، و بين مؤيدين بل ومصرين على مثل هذه البحوث اللغوية التي تنبع من التراث المعرفي الذي يصب في صميم الدراسات اللغوية و ما يتعلق بها .

ولكن عندما ظهر ما يسمى بالدراسات اللسانية الحديثة ( المدارس اللسانية ) كان هناك انفصال بين علمين توأمين أحدهما يسمى (فقه اللغة ) والثاني (علم اللغة ).

كما مر معنا سابقا ، وصار من السهل اخراج مثل هذا الموضوع من الأبحاث والدراسات التي تدخل تحت عنوان (علم اللغة ) و ادراجه في الدراسات التي تسمى ( فقه اللغة ).

لذلك أدرجنا هذا الموضوع ضمن مادة ( فقه اللغة) ، بغض النظر عما تتضمنه هذه المادة من موضوعات يمكن أن تدرج في ( علم اللغة ) متابعة للبحوث و الدراسات والأعمال العربية التي جاءت تحت عنوان (فقه اللغة ) و لكنها كانت أقرب الى فقه اللغة حسب المفاهيم والآراء الحديثة لهذا العلم .

و قد تعددت الآراء والفرضيات التي تفسر نشأة اللغة الانسانية الأولى ، من اعتماد المعقول والمنقول .

ومن أهم هذه النظريات ( الفرضيات ) ، النظريات الآتية :

1ـ نظرية الالهام و الوحي والتوقيف :

تذهب هذه النظرية الى أن الله الخالق أوحى الى الانسان الأول وأوقفه على أسماء الأشياء بعد أن علمه النطق . وقدذهب الى هذا الرأي في العصور القديمة الفيلسوف اليوناني هيراقليط ( ت : 480 ق . م ) ، و في العصور الحديثة طائفة من العلماء على رأسها لامي والفيلسوف دونالد . ومن علماء المسلمين في العصور الوسطى : أبو عثمان الجاحظ (ت 255 ه) و أبو الحسن الأشعري (ت 324 ه) ، و أحمد بن فارس (ت 395ه ) ، الذي يرى أن لغة العرب توقيفية .

ويبدو من قول ابن فارس أن اللغة العربية هي لغة آدم عليه السلام ، لأنه ذكر أن أول من كتب الكتاب العربي والسرياني و الكتب كلها آدم ـ عليه السلام ـ قبل موته ب300سنة . وقد ذكر السيوطي عن ابن عساكر في التاريخ عن ابن عباس ، أن آدم (عليه السلام ) كانت لغته في الجنة العربية .

قال عبد الملك بن حبيب : " كان اللسان الأول الذي نزل به آ دم من الجنة عربيا . إلا أن بعد العهد و طال صار سريانيا ، وكان يشاكل اللسان العربي الا أنه محرف .... وبقي اللسان في ولد أرفشذ بن سام الى أن وصل الى يشجب بن قحطان من ذريته وكان باليمن ، فنزل بنو اسماعيل ، فتعلم منهم بنو قحطان اللسان العربي .

ويرى علماء العبرانية وتابعهم كثير من مشاهير علماء النصرانية وغيرهم : أن اللغة العبرانية هي اللغة التي فتق الله بها لسان آدم ـ عليه السلام ـ في ولده شيث حتى انتهت الى ابراهيم عن طريق عابر بن سام ويستدلون على ذلك بعدد من الأسماء الواردة في حديث الخلق وما بعده الى الطوفان مثل آدم وعدن و فيشون وجيجون وغيرها أسماء عبرانية .

أدلة أصحاب التوقيف

يعتمد علماء الغرب المؤيدون لهذه النظرية على ما ورد بهذا الصدد في العهد القديم من الانجيل" و الله خلق من طين جميع حيوانات الحقول ، و جميع طيور السماء ، ثم دعا آدم ليرى كيف يسميها . وليحمل كل منها الاسم الذي يضعه له الانسان . فوضع آدم أسماء لجميع الحيوانات المستأنسة ، ولطيور السماء و دواب الحقول "

وهذا النص لايدل على شيء مما يقوله أصحاب هذه النظرية بل يكاد يكون دليلا على عكس النظرية .

ويرى الدكتور توفيق شاهين أن أبا عثمان الجاحظ ارتضى هذه النظرية حيث قرر أن الله سبحانه و تعالى أنطق نبيه اسماعيل بالعربية دون سابق تمهيد أو تعليم وأنه ـتعالىـ فطره على الفصاحة على غير النشوء والتمرين .

و يضيف القائلون بالتوقيف الى ذلك ثلاثة وجوه :

1 ـ أنه سبحانه وتعالى ذم قوما في اطلاقهم أسماء غير توقيفية في قوله تعالى :" ان هي الا أسماء سميتموها أنتم ..." وذلك يقتضي كون البواقي توقيفية

2 ـ قوله تعالى :" ومن آياته خلق السماوات والأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم " و الألسنة اللحمانية غير مرادة لعدم اختلافها . و لأن بدائع الصنع في غيرها أكثر . فالمراد هي اللغات

3 ـ وهو عقلي : فلو كانت اللغات اصطلاحية لاحتيج في التخاطب بوضعها الى اصطلاح آخر من لغة أو كتابة ، يعود اليه الكلام ،و يلزم اما الدور أو التسلسل في الأوضاع و هو محال فلا بد من الانتهاء الى التوقيف .

وبناء على كلام أهل التوقيف ، لا يجوز قلب اللغة مطلقا : فلا يجوز تسمية الثوب فرسا مثلا

وقدم ابن جني تفسيرا آخر هو أن الله تبارك وتعالى : علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات :العربية والسريانية و الفارسية والعبرانية و الرومية وغير ذلك من سائر اللغات . فكان هو و ولده يتكلمون بها ،ثم ان ولده تفرقوا في الدنيا وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات ، فغلبت عليه و اضمحل عنه ما سواها عهدهم بها

أما الخفاجي فيذهب الى أن التوقيف الالهي مستند الى لغة سابقة له يفهم بها المقصود بافتراض أن المواضعة تقدمت بين آدم والملائكة .


2ـ نظرية محاكاة أصوات الطبيعة :

تذهب الى أن أصل اللغة محاكاة أصوات الطبيعة ،كأصوات الحيوانات وأصوات مظاهر الطبيعة ، والتي تحدثها الأفعال عند وقوعها ، ثم تطورت الألفاظ الدالة على المحاكاة ، وارتقت بفعل ارتقاء العقلية الانسانية وتقدم الحضارة .

وذهب الى هذه النظرية " ابن جني" قديما ، و "ويتني " حديثا في القرن التاسع عشر.
وليست هذه النظرية من اختراع "ماكس ميلر " ، كما أشار بعضهم بل عرفها العلامة ابن جني . وذكر أنه نقله عمن سبقه ، مما يدل أنه كان مذهبا شائعا و مقررا حيث يقول : وذهب بعضهم الى أن أصل اللغات كلها ، انما هو الأصوات المسموعات كدوي البحر وحنين الرعد ، وخرير الماء ، و شحيح الحمار ونعيق الغراب ... ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد"

وقد كان ابن جني معجبا بهذه النظرية ،حيث أفرد لها بابا في كتاب الخصائص سماه
( باب في امساس الألفاظ أشباه المعاني ) ، قال فيه " و لو لم يتنبه على ذلك الا بما جاء عنهم من تسميتهم الأشياء بأصواتها ،كالخازبار لصوته ، و البط لصوته و نحو ذلك قولهم حاحيت ،و عاعيت ، هاهيت ، اذا قلت حاء ، عاء ، هاء ، وقولهم : بسملت ،هللت ، حوقلت . كل ذلك أشباهه انما يرجع اشتقاقه الى الأصوات و الأمر أوسع "

والواقع أن لهذا النظرية ما يؤيدها . فالطائر المسمى في الانجليزية CUOKOO الى جانب الهرة المسماة "مو " في المصرية القديمة

ويذهب بعض الباحثين الى أن هذه النظرية هي أقرب النظريات الى الصحة و الى
المعقول ، وأكثرها اتفاقا مع طبيعة الأمور وسنن النشوء .

ومن أهم أدلتها :

1 ـ أن المراحل التي تقررها بصدد اللغة الانسانية ، تتفق في كثير من وجوهها ، مع مراحل الارتقاء اللغوي عند الطفل :فقد ثبت أن الطفل في المرحلة السابقة لمرحلة الكلام ، يلجأ في تعبيره الارادي الى محاكاة أصوات الطبيعة ، فيحاكي الصوت قاصدا التعبير عن مصدره ، أو عن أمر يتصل به .
وثبت كذلك أنه في هذه المرحلة ـ و في بدأ مرحلة الكلام ـ يعتمد اعتمادا جوهريا في توضيح تعبيره الصوتي ، على الاشارات اليدوية والجسمية

نقد النظرية :

وجه الى هذه النظرية انتقاد أساسي، فهي من جهة تعجز عن تفسير مبدأ كيفية(حكاية الأصوات ) ، في آلاف الكلمات التي لا نرى الآن أية علاقة بين معناها وصوتها . فما العلاقة بين لفظ الكتاب و معناه ،مثلا ؟





3 ـ نظرية الاتفاق والمواضعة والاصطلاح

تقرر هذه النظرية أن اللغة ابتدعت و استحدثت بالتواضع ، و الاتفاق و ارتجلت ألفاظها ارتجالا . ومال كثير من العلماء والمفكرين الى هذه النظرية ،منهم : الفيلسوف اليوناني ديموكريط و أرسطو والمعتزلة .

وقال بها من المحدثين أيضا : آدم سميث الانجليزي .

وليس لهذه النظرية أي سند عقلي او نقلي أو تاريخي بل أن ما تقرره يتعارض مع النواميس العامة التي تسير عليها النظم الاجتماعية ، وعهدنا بهذه النظم ، أنها لا تخلق خلقا ، بل تتكون بالتدريج من تلقاء نفسها . اضافة الى ذلك فالتواضع على التسمية يتوقف في كثير من مظاهره على لغة صوتية يتفاهم بها المتواضعون فبأي لغة تواصل هؤلاء ؟
هذه النظريات هي أشهر النظريات و هناك نظريات أخرى نكتفي بذكرها دون تفصيل ومنها :

1 ـ نظرية الأصوات التعجبية العاطفية : نظرية pooh _ pooh

2 ـ نظرية الاستجابة الصوتية للحركة العضلية : نظرية yo _he –ho

3ـ نظرية جسبرسن الذي طالب بدراسة وافية للغة الطفل ، ولغات القبائل البدائية ، ودراسة تاريخية للتطور اللغوي . كل ذلك من أجل التوصل الى معرفة كيفية نشأة اللغة الانسانية الأولى وفق منهج علمي

4 ـ نظرية فندريس : الذي يرى أن اللغة كانت لدى الانسان الأولى انفعالية محضة
5ـ نظرية النشوء والتناسل : و ترى هذه النظرية أن اللغة نشأت بالطفرة و بشكل تلقائي ، فتفترض أن اللغة نشأت متكاملة في لحظة معينة ثم أعقبها التوالد والتكاثر.

نرى كما يرى عدد من الباحثين ، أنه لاتوجد نظرية واحدة يمكن أن تفسر نشأة اللغة الانسانية و أن ثلاث نظريات متكاملة يمكن أن تفسرذلك . فالله سبحانه وتعالى أهل الانسان وأعطاه القدرات الخاصة ، فألهمه لكي ينطق وينشئ اللغة .

بهذه القدرة استطاع الانسان الأول أن يضع كلماته وجمله الأولى ، بالاصغاء والملاحظة والتقليد ، لما يوجد حوله في الكون. ولما تقدم الانسان ، وارتقى في التفكير ، بدأ بوضع كلمات جديدة بالتواطؤ و الاصطلاح الذي ما زال مستمرا الى يومنا هذا ، بل الى قيام الساعة




إعداد الدكتور أحمد شامية





Introduction à la linguistique: la sémiologie

Plan des notions présentées en sémiologie:
2.0
Définition de la sémiologie
2.1
La boucle de la communication
2.2
Le schéma de la communication de Jakobson
2.3
Les fonctions du langage
2.4
Critique du schéma
2.5
Signe linguistique
2.6
Caractéristiques du signe linguistique
2.7
Distinction signe - indice
2.8
Distinction signe - symbole - icone
2.9
Double articulation du langage
2.10
Commentaire supplémentaire
2.11
Spécificités de la communication humaine
2.12
Principales différences entre la communication humaine et animale
2.13
Exercices sur la sémiologie


2.0
Définition de la sémiologie

La discipline scientifique qui étudie les systèmes de communication se nomme la sémiologie (du grec "semeion", qui signifie "signe"). Comme la définition provenant de la racine hellénique le suggère, ces systèmes de signification sont développés autours de la notion de signe, dont nous parlerons plus bas.

C’est Ferdinand de Saussure, linguiste genevois, qui a été le fondateur européen de la sémiologie. Selon lui, la meilleure façon d'étudier la nature de la langue est d'étudier ses caractéristiques communes avec les autres systèmes de signe. De plus, considérant que la langue sert d’abord et avant tout à communiquer avec ses pairs, il est donc logique, que, dans le but de décrire son fonctionnement, nous fassions des rapprochements plus ou moins nombreux avec les autres systèmes de communication développés par l’homme. Saussure prétend également que la sémiologie devrait avoir pour objet d'étude "la vie des signes au sein de la vie sociale". Les langues naturelles seront donc étudiées en tant que système de communication au même titre que les systèmes de communication des sourds-muets, les rites symboliques, les formes de politesses, la pantomime, la mode, les signaux visuels maritimes, les coutumes, etc.

Les études sémiologiques sont divisées entre deux branches distinctes de la sémiologie: l'une, la sémiologie de la signification (Rolad Barthes et ses disciples), et l'autre la sémiologie de la communication (Luis J. Prieto, Georges Mounin, Jeanne Martinet).

Avant de continuer, une précision terminologique s’impose. Le terme "sémiotique" a été proposé par Charles S. Peirce qui, à la même époque où Saussure tentait de fonder la sémiologie, a tenté aux États-Unis de proposer une théorie générale des signes. Son disciple, Charles Morris, a adopté le même projet qu'il a nommé Sémiotics (publié dans Signs, Langage and Behavior 1946). Ce terme est ensuite pénétré en France pour en venir à désigner un ensemble du domaine sémiologique (la sémiotique du code de la route par exemple). Finalement, en 1969, un comité international qui a donné naissance à l'Association internationale de sémiotique a proposé d'adopter les deux appellations recouvrant toutes les acceptions des deux termes.

Les deux types de sémiologie se distinguent par leur objectif général: dans la sémiologie de la communication, la communication doit être au centre de la sémiologie (la langue est fondamentalement un instrument de communication). En comparaison, dans la sémiologie de la signification, la sémiologie devient une partie de la linguistique à cause du fait que les objets, les images ou les comportements ne peuvent jamais signifier de façon autonome, sans l'utilisation de langage.

Nous reviendrons sur les propositions de Saussure lorsque nous aborderons l'étude du signe linguistique.

Retour au haut de la page

2.1
La boucle de la communication
Les linguistes se sont évidemment intéressés à la transmission de sens entre deux individus. Cette étude a d'abord été schématisée à l'aide de la "boucle de la communication", qui présente les principaux éléments impliqués dans une interaction:

a) production d'un message (encodage)
b) la transmission d'un message
c) la réception d'un message (décodage)

Si les étapes ci-dessus sont respectées non seulement par l'émetteur mais également par le récepteur, on obtient ainsi la boucle de la communication, qui inclut une communication bidirectionnelle:





Les linguistes ont ensuite essayé d'élargir ce schéma en éclaircissant certaines de ses fonctions et en essayant d'incorporer le rôle de certains autres facteurs.

Retour au haut de la page


2.2
Le schéma de la communication de Jakobson
Ce schéma permet d'identifier tous les intervenants et tous les facteurs intervenant dans une communication entre personnes. Tous les facteurs identifiés dans ce schéma ont un rôle à jouer dans le cas d'un interaction et ils influencent tous le message qui est transmis d'une certaine façon.



DESTINATEUR ~ DESTINATAIRE: correspondent respectivement à l'émetteur et au récepteur. Dans le cas d'une interaction normale, la communication est bidirectionnelle alors que deux personnes interagissent de façon courante. Dans les cas où la communication est institutionnalisée (implique une institution comme une administration publique, une télévision, une université, etc.), la communication est unidirectionnelle alors que l'interaction implique l'intervention verbale d'une seule personne alors que l'autre écoute. Une hiérarchie plus ou moins rigide s'impose lors de ces interactions, comme c'est le cas dans la salle de classe, où le professeur enseigne et où vous écoutez.

MESSAGE: le matériel transmis par l'interlocuteur, l'information transmise. Ce message varie énormément dans sa durée, sa forme et son contenu. Dans les interactions individualisées, le message est généralement adapté à l'interlocuteur. Dans des communication institutionnalisées, le message est plutôt rigide et standard.

le CONTACT (canal): canal physique et psychologique qui relie le destinateur et le destinataire. La nature du canal conditionne aussi le message. Un canal direct (locuteurs en face à face) implique une réponse directe dans le même médium, qui est l'air ambiant dans ce cas.
Le canal peut être modifié pour vaincre en particulier l'effet du temps: l'écriture sur du papier (livres, journaux, magazines, etc.), bandes magnétiques, disques, support magnétique utilisant même le courrier électronique, etc.

CONE: la situation à laquelle renvoie le message, ce dont il est question. Le cone de situation, lui, réfère aux informations communes aux deux locuteurs sur la situation au moment de la communication. Ces informations sont sous-entendues et elles n'ont pas besoin d'être répétées à chaque fois que l'on débute une interaction.

le CODE: "un code est un ensemble conventionnel de signes, soit sonores ou écrits, soit linguistiques ou non linguistiques (visuels ou autre), communs en totalité ou en partie au destinateur et au destinataire." (Leclerc 1989:24) Code doit être compris par les deux locuteurs pour permettre la transmission du message. Dans certains cas, le message peut mettre en oeuvre plusieurs codes en même temps. Dans ces cas, redondance, complémentarité ou contraste peuvent être mis en jeu.

Retour au haut de la page


2.3
Les fonctions du langage

À ces facteurs de la communication correspond une fonction linguistique bien précise (en caractères gras dans le tableau ci-dessous):





fonction RÉFÉRENTIELLE: l'une des trois fonctions de (avec expressive et incitative). Correspond à la fonction première du langage qui est d'informer, d'expliquer, de renseigner. Elle renvoie au référent, à la personne dont on parle (utilisation de la 3e personne très souvent). Intimement relié à la véracité du message en question.

fonction EXPRESSIVE: centrée sur le destinateur qui manifeste ses émotions, son affectivité. Elle suppose l'acquisition d'un style, d'une façon bien personnelle de s'exprimer. Les onomatopées, les jurons, les formes exclamatives en général, les adjectifs à valeur expressive, etc. Les traits non linguistiques du genre mimique, intonation (?), les gestes, le débit, les silences, ont aussi une fonction expressive.

fonction INCITATIVE: axée sur le destinataire, donc sur le tu. On vise ici à modifier le comportement du destinataire, pour ordonner, pour interdire, pour inciter. Pensons seulement à la publicité qui incite à acheter, aux politiciens qui incitent à voter, etc.

fonction POÉTIQUE (ou esthétique): fonction où l'accent est mis sur le message dont la forme importe autant que le fond. La rime, la métaphore, l'antithèse, l'ironie, les jeux de mots font partie des procédés qui ont une fonction esthétique et qui font que le message comporte plus d'information que le message lui-même.
ex.: "Tu as les yeux bleus comme un ciel d'azur!" dit par un amoureux à son amoureuse, contient bien plus d'information que le seul fait de comparer ses yeux au ciel.

fonction RELATIONNELLE (phatique): permet de maintenir et de développer des contacts entre individus.
ex.: on parle à quelqu'un au téléphone pendant 30 minutes à tous les soirs sans vraiment rien se dire, juste pour garder le contact, juste pour être sûr que nous sommes toujours en phase. C'est le cas de toute communication vide de son contenu, comme dans certaines réunions mondaines.

fonction MÉTALINGUISTIQUE: explication du code utilisé, des conventions que l'on utilise pour communiquer. Tous les ouvrages traitant du code, comme les grammaires ou les dictionnaires constituent d'excellents exemples de message à visée métalinguistique.
ex.: "Moi, par gauchiste, je veux dire tous ceux qui veulent changer quelque chose dans notre société, que ce soit par la violence ou par la persuasion..."
"
Entendons-nous, par cinglé, je veux dire ..."

Retour au haut de la page

2.4
Critique du schéma

Comme tout modèle théorique, il se prête à la critique. La principale faiblesse de ce schéma est que les fonctions proposées existent rarement à l'état pur. Les messages font souvent appel à plusieurs fonctions de façon simultanée. La fonction d'un message serait donc celle qui domine et non seulement celle qui est ou celles qui sont présentes.

Deuxièmement, les fonctions du langage sont totalement laissées de côté, comme celles référant aux rapports sociaux établis à l'aide du langage. Les choix sociaux et même politiques effectués à la fois de façon consciente et même inconsciente par les individus ne sont pas analysés par le fameux schéma de Jakobson.

Retour au haut de la page


2.5
Signe linguistique

La sémiologie a beaucoup apporté à la linguistique par son étude des systèmes de communication. Un des premiers sujets d’étude qui a retenu l'attention des chercheurs est la constitution du CODE servant à communiquer oralement. La définition de ce code et de son usage par les communautés linguistiques constitue la préoccupation première de la linguistique.

La transmission de sens d'un individu à un autre repose dur l'existence du signe linguistique. Ferdinand de Saussure a été le premier à définir de façon précise cette notion importante, à l'aide des notions suivantes:

Le signe est formé de deux parties:

a) une partie matérielle: le SIGNIFIANT (image acoustique, image mentale du signe, la représentation mentale sonore)

b) une partie immatérielle: le SIGNIFIÉ (partie conceptuelle du signe --notion).

Prenons un exemple, le mot "oiseau":



Le signe linguistique est donc le résultat de l'association d'un signifiant (groupe de sens) et d'un signifié (le sens). Il est difficile de concevoir l'un sans l'autre.

Le signifié est en réalité différent de la définition mais on l'utilise ici comme remplacement par souci de simplicité. Le signifié est constitué d'éléments de sens qu'on appelle les "attributs sémantiques" (concept tiré de la sémantique). Les attributs sémantiques d'un signifié se combinent pour créer le sens du signe. Les attributs sémantiques sont habituellement représentés par les linguistes sous forme de caractéristiques binaires (qui sont actives ou inactives, notées par "+" ou "-"). Le signifié de "table" pourrait ainsi comporter les attributs sémantiques qui suivent: [+meuble][+une surface plane horizontale]. En précisant que la table comporte une seule surface plane, on l'oppose à la bibliothèque qui en possède plusieurs. En précisant que c'est un meuble, on l'oppose au plancher, à la patinoire ou au plafond. (Beaudoin 2002)

À ces deux distinctions signifiant-signifié, il faut en ajouter une troisième. D'un côté, nous avons la réalité sonore (ou écrite mais qui ne fait que traduire la réalité sonore) dont nous parlons ([wazo]), d'un autre côté nous avons la NOTION de l'objet auquel on réfère. Cette notion existe dans l'esprit des locuteurs, et c'est ce qui leur permet de se comprendre. Cependant, nous n'avons pas parlé de l'objet lui-même, celui dont on parle. Il s’agit du référent (l'objet physique, matériel dont les locuteurs parlent).

Le rapport entre le signifié et le signifiant est non arbitraire mais nécessaire car il fonde le signe lui-même. Par contre, le rapport entre une réalité elle-même et un signe (la signification) est, elle, arbitraire et elle est le résultat d'une convention entre les individus d'une communauté linguistique particulière. Ce rapport constitue la de toute communication linguistique, alors que les mots, ou comme nous pouvons les appeler maintenant les signes, prennent vie lorsque le lien entre signifiant et signifié est effectué, ce qui nous donne une signification entre une image acoustique et une notion, une réalité mentale (signifié).

Retour au haut de la page


2.6
Caractéristiques du signe linguistique

À partir des observations précédentes, nous pouvons affirmer que le signe linguistique se définit par son caractère:

a. arbitraire:
Comme nous l'avons mentionné auparavant, il n'y a pas de relation "naturelle" entre le mot (ou le signifiant) et la réalité physique qui lui est associée (le signifié).

Par exemple, le choix du mot "bureau" ne repose sur aucun critère qui aurait pu favoriser le choix d'un tel mot plutôt qu'un autre.

Une exception cependant: les onomatopées. Dans ce cas, les mots utilisés sont relativement proches du son que l'on veut décrire, et ce, dans toutes les langues. ex.: le chant du coq, le bruit de la vache, le jappement du chien.

le bruit d'un canard:
-
français: couin-couin
-
anglais: quack-quack
-
allemand: pack-pack
-
danois: rap-rap
-
hongrois: hap-hap

Si ce lien obligé entre la réalité et le signe linguistique existait, tous les humains parleraient probablement la même langue. Ce caractère arbitraire du signe fait que l'on doive apprendre un large vocabulaire lorsqu'on apprend une langue, quelle soit maternelle ou seconde.

Évidemment, ce caractère arbitraire du signe linguistique ne s'applique pas aux autres sortes de signes. Par exemple, les signaux routiers doivent se ressembler à cause du fait que l'action est la même dans toutes les langues. Par exemple, un panneau comportant un pain indiquera aux locuteurs de toutes les langues et cultures (ou presque) qu'il y a une boulangerie à proximité.

b. conventionnel:

Pour que les membres d'une communauté se comprennent, il faut qu'ils s'entendent sur les mêmes conventions ou sur les mêmes signes. En conséquence, les signes sont considérés, comme nous avons dit précédemment, comme étant conventionnels, en cela qu'ils résultent d'une convention entre les membres d'une communauté. En fait, partager la même langue, c'est également partager un certain nombre de conventions.

c. linéaire:

Le signifiant se présente de façon linaire dans l'axe du temps. il nous faut du temps pour prononcer un mot, pour le réaliser de façon physique. De même, il y a un ordre qui est suivi lors de sa prononciation. Dans la réalisation du signifiant [wazo], il ne m'est pas permis de prononcer les sons dans un ordre différent de celui que nous avons ci-haut si je veux que les autres locuteurs me comprennent. Les signes forment donc une successivité et non une simultanéité. Par opposition, les signes routiers peuvent se substituer: "obligation de tourner" et "tourner à gauche".

Retour au haut de la page

2.7
Distinction signe ~ indice
Il est nécessaire de distinguer un signe d'un indice (signes non intentionnels): selon Prieto, il s'agit d'un fait immédiatement perceptible qui nous fait connaître quelque chose à propos d'un autre fait qui, lui, n'est pas immédiatement perceptible. Un indice est un phénomène naturel ou culturel, perceptible, involontaire ou non intentionnel et qui nous fait connaître quelque chose à propos d'un autre fait qui, lui, n'est pas immédiatement perceptible.
ex.: symptômes d'une maladie, traces dans la neige, nuages noirs à l'horizon, etc.

Cependant, si je m'entendais avec quelqu'un pour lui dire que s'il voit des traces de pas dans le sable, en route pour mon chalet, il comprendra que je suis arrivé. L'intention de signification est essentielle dans l'identification d'un signal. Il en va de même de la présence d'une canne blanche pour indiquer un aveugle, trois coups cognés à la porte, les numéros de salle dans un édifice public, etc.

L'indice se différencie donc du signe par le fait que sa première fonction n'est pas celle de signifier quelque chose. Il peut très bien avoir une signification, mais ce n'est pas sa fonction première. Les signaux de fumée, s'ils ne sont pas effectués en vue de communiquer avec quelqu'un d'autre, ne constituent pas un signe mais bien un simple indice qui nous indique qu'il y a un feu à quelque part.

Aussi, nous pouvons effectuer une autre distinction entre un signe et un signal: un indice produit spécifiquement en vue de transmettre un message (contient les signes linguistiques, les symboles, et les signes non linguistiques)

Si j'élève la voix, si je me mets à crier, vous pourrez bien relier cet indice à ma condition psychologique et prendre cet indice comme indication que je suis un peu fâché, que je ne suis pas de bonne humeur.

L'indice est donc non conventionnel, involontaire, diversement interprétable mais signifiant (revenir là-dessus plus tard, après l'explication du signe linguistique).

Autre exemple: le voisin qui s'achète une Rolls Royce. Au départ, le fait de posséder cette voiture est un indice de sa richesse. Par contre, si le voisin en question a l'intention de lancer un message bien précis à ses propres voisins, celui qu'il est vraiment riche, qu'il a réussit, qu'il est dans une classe à part, alors cette même voiture deviendra un signe. Nous sommes en présence d'un message qui a été transmis avec une intention bien claire de le communiquer.

Retour au haut de la page


2.8
Distinction signe ~ symbole ~ icone

Comme nous l'explique Charles Peirce, lorsque deux signes sont liés par leur signifiés, on parle alors de symbolisation (ou connotation), et donc de la construction d'un symbole. Le symbole résulte d'une relation conventionelle et arbitraire commune à une ou à plusieurs cultures. Le signe linguistique est, en fait, un type particulier de symbole.

Ex. de symboles:
une colombe symbolise un message de paix;
un drapeau rouge symbolise une interdiction;
signaux routiers : cercle rouge avec une ligne transversale symbolise aussi une interdiction.
les tours du WTC symbolisaient la suprématie financière de New York
la couleur bleu, dans les forces armées, symbolise une force neutre
le champagne (marque Dom Pérignon) symbolise la richesse et le luxe extrême

Il est également possible de transmettre du sens en utilisant un icone qui est créé par un lien analogique avec la réalité. Il y a une grande quantité d'icones largement utilisés par nos sociétés modernes et qui sont reconnaissables par l'ensemble des êtres humains, sans égards à leur culture. Considérez, par exemple, les images suivantes:


Il est relativement facile d'identifier, d'après les icones présentés ci-dessus, les significations de clavier, de pub ou bar, de souris, d'imprimante, de restaurant et de loupe pour modifier la taille d'un objet. Ces significations sont évidentes à cause du lien analogique direct entre l'élément utilisé pour représenter la réalité et son rapport extrêmement étroit avec l'objet qu'il représente.

En résumé, nous faisons les distinctions entre les notions suivantes:



Les langues naturelles comme le français et l'anglais par exemple sont des systèmes de communication basés sur l'utilisation de signes plutôt que de symboles et d'indices.

Retour au haut de la page


2.9
Double articulation du langage

Cette relation entre le signifié et le signifiant nous amène à faire une autre distinction qui nous paraît importante du point de vue linguistique. Il s'agit de la double articulation du langage (deux types d'unités découpées sur deux niveaux distincts). Selon André MARTINET, la langue s'organise sur deux niveaux qui opèrent de façon différente. Pour lui, les unités qui s'enchaînent dans le discours ne s'enchaînent pas de la même façon et au même niveau.

André Martinet propose donc que la langue contient :
a) des unités de première articulation: les morphèmes (unités minimales de signification). Ce sont des noms (arbre, crayon, maison, etc.), verbes (manger, écrire, rêver, etc.), adjectifs (bleu, grand, rapide, etc.), etc. On note aussi que les "parties de mots" (comme le "-ons" dans le verbe "mangerons", ou le "eur" dans "réparateur") qui ont une valeur grammaticale sont aussi appelées des morphèmes et qu'elles sont aussi porteuses de sens. En effet, à chaque fois qu'un verbe se termine par un "-ons", les locuteurs du français reconnaissent que le sujet est une première personne du pluriel ("nous"), peu importe le verbe.

Ex. 1:

a. "Je viens." (2 morphèmes)
b. "Je viendrai." (3 morphèmes)

1-
je: pron. pers.
2-
vien: verbe venir
3-
drai: futur, 1ere personne du sing.

Ex. 2 (utilisation du morphème "-ons"):

a. Nous viendrons.

b. Isabelle et moi voterons pour Steven Harper.

Ce qu’il faut comprendre à ce moment et ce en quoi cette notion se rattache avec la sémiologie est que ces morphèmes sont constitués d'un signifiant ET d'un signifié.

L'analyse de la langue en morphèmes, champ d'étude fascinant, sera abordée de façon plus détaillée lorsque vous ferez de la morphologie dans le deuxième cours d'introduction offert au département (Fren 370).

b) des unités de seconde articulation: les phonèmes (unités minimales distinctives). Ce sont des sons distinctifs (ils changent le sens d'un mot (pont-bon, quand-banc) sans qu'ils n'aient de sens inhérent) propres à une langue.

Ces phonèmes ne sont constitués que d'un signifiant, sans signifié.

Autre illustration de la double articulation du langage: Combien de mots d’une seule syllabe pouvez-vous former qui se terminent par le son « -on »? Un étudiant bien inspiré pourrait arriver à cette simple liste qui contient un bon nombre de mots différent seulement par leur première consonne et qui se terminent tous par le son "-on":

pont
bon
ton / taon
don / dont
con / qu’on
gong
font / fond
vont
son / sont
jonc
mon
non
long
rond

La langue peut donc "optimiser" son système en formant un grand nombre de mots différents avec une seule modification (remplacer un seul son) plutôt que de créer un nouveau mot complètement différent à chaque fois. Ceci est possible seulement par l’existence d’unités sans sens (les sons, ou phonèmes) que l’on peut substituer les unes aux autres pour changer le sens d’un mot. Cette particularité de créer un système productif contenant deux niveaux d'organisation pour communiquer constitue une différence majeure entre les systèmes de communication utilisés entre animaux et ceux utilisés par les humains.

En résumé, lorsque nous parlons de double articulation du langage, nous parlons de deux niveaux d'organisation du langage:

a) première articulation, les morphèmes (qui ont un signifié et un signifiant)

b) deuxième niveau d'organisation: les phonèmes (signifié)

Retour au haut de la page


2.10
Commentaire supplémentaire sur la sémiologie

Nous pouvons appliquer les notions de sémiologie précédentes de façon à définir les relations entre mots entre autres choses.

Synonymes : mots (approximativement) de même sens et de forme différente
Même signifié, signifiant différent. (ennuyer / embêter; voiture / bagnole; manger / bouffer; etc.)

Antonymes : mots dont les sens sont contraires
Signifiés opposés, signifiants différents (grand /petit; vendre / acheter; blanc / noir; etc.)

Homophones : Signifiés différents, signifiants semblables. (vert / verre / vers / vers / verre / etc.)


Définitions

Indice : « Fait immédiatement perceptible qui nous fait connaître quelque chose à propos d’un autre fait qui ne l’est pas. » (Prieto, Sémiologie)

Signal : « Fait qui a été produit artificiellement pour servir d’indice. » (Prieto, Sémiologie)

Symbole : « Un symbole est la notation d'un rapport --constant dans une culture donnée-- entre deux éléments. » (Dict. de linguistique Larousse) Comme le signe linguistique, le symbole résulte d'une convention arbitraire.

Icone: « Signe dont le signifiant et le signifié sont dans une relation « naturelle » (ressemblance, évocation). » (PRobert)

Retour au haut de la page


2.11
Spécificité de la communication humaine

Les langues naturelles comme le français, l'espagnol, l'allemand, le mandarin et l'anglais, sont des systèmes de communication un peu au même titre que les systèmes comme le code de la route par exemple. Cependant, ils se différencient de ces autres systèmes par une caractéristique principale. Examinez le tableau ci-dessous qui résume les similarités et différences entre les deux systèmes: Spécificités Systèmes de communication Langues naturelles
a. La transmission du sens -nombreux systèmes de communication transmettent le sens voulu (ex.: code de la route, langue des sourds-muets, numéros de salle, etc.)
-
la langue sert à transmettre du sens

-
tout sens transmis n'est pas voulu: les accents nous trahissent
b. L'arbitraire -de nombreux systèmes utilisent des signes arbitraires (code de la route, numéros de salle, code morse)
-
la langue utilise aussi des signes arbitraires ("chat", "crayon", etc.)

-
la langue utilise aussi des signes moins arbitraires mais interprétables: par exemple: "Je suis intelligent."
c. Linéarité du message -simultanéité permise (linéarité utilisée mais non requise): les codes visuels spécialement permettent de superposer des images -linéarité obligée: il faut absolument mettre les sons les uns à la suite des autres, sinon le message sera incompréhensible
d. Le caractère discret du signe -les systèmes utilisent habituellement des unités discrètes, en nombre fini
-
la langue utilise des unités discrètes: les sons d'une langue sont en nombre limité

-
la langue utilise également des unités qui présentent un nombre théoriquement infini de variations
e. L'organisation interne du système -les systèmes ne sont encodés qu'à un seul niveau (simple articulation)
-
les langues sont encodées à deux niveaux (double articulation): les unités significatives et les unités distinctives

a) sons: [p] + [a] + [R] + [l] = "parl"

b) monèmes: "parl + ez" = "parlez"




Retour au haut de la page


2.12
Principales différences entre la communication animale et la communication humaine

Cette section est directement tirée du site de Dr. Martin Beaudoin (Université d'Alberta: http://www.fsj.ualberta.ca/LINGQ200.htm)Différences Communication humaine Communication animale
1.
Déplacement peut évoquer le passé, le futur, l'absent, l'hypothétique et l'impossible énonce ce qui est lié au présent temporel et spatial (sauf abeilles)
2.
Apprentissage nécessaire non nécessaire
3.
unités arbitraires (sans lien entre le mot et l'objet à décrire) unités iconiques (avec lien entre le signifié et le signifiant)
4.
Unités discrètes (divisibles et combinables) graduées (messages indivisibles et non combinables)
5.
Mutualité fréquente (les gens se répondent) relativement rare
6.
Mensonges, divagations fréquents cas sporadiques de mensonges et pas de divagation
7.
Métacommunication métacommunication (les gens expliquent ce qu'ils veulent dire ou corrigent les autres) pas de métacommunication
8.
Polysémie prévalente (les mots peuvent avoir plusieurs sens) monosémie


Parmi les caractéristiques présentées dans le tableau ci-dessus, il importe de porter une attention particulière au déplacement qui permet aux humains de parler du passé, du futur, d'imaginer, de supposer, etc. Cette caractéristique des langues naturelles, sur laquelle repose la littérature en général, est extrêmement importante car elle constitue l'une des manifestations les plus intéressantes de la langue.

La nature des unités utilisées se démarquent de celles utilisées par les animaux pour communiquer en ce sens qu'elles sont combinables et servent à former des messages qui peuvent être soit très simples soit très complexes (très longues phrases). Cette caractéristique nommée la double articulation est certainement la plus remarquable des systèmes de communication oraux propres aux humains.

Il est important d'ajouter que la plupart des signes linguistiques sont polysémiques. Prenons par exemple le mot « siège ». Le Petit Robert indique que le mot a trois sens principaux: a) « lieu où se trouve la résidence principale « d’une société, d’une organisation). », b) « lieu où s’établit une armée, pour investir une place forte », et c) « objet fabriqué, meuble disposé pour qu’on puisse s’y asseoir ». Il est donc très fréquent pour un mot d'avoir plus d'un sens (caractère polysémique).

Finalement, les langues naturelles sont les seuls systèmes permettant la métacommunicaiton qui sert à la définition du code à l'aide du code lui-même. Par exemple, il est possible (et fréquent) pour quelqu'un de définir l'usage d'un terme particulier dans un e technique par exemple. Cette situation se retrouve très souvent dans les volumes d'introduction à un nouveau champ d'étude nécessitant la définition de notions de .


Retour au haut de la page

2.13
Exercices

1)
Expliquez comment la linguistique peut être considérée comme faisant partie de la sémiologie, ou l'inverse si vous croyez que c'est l'inverse.

2)
Donnez un exemple d'interaction qui représente chacune des fonctions du schéma de la communication de Jakobson. Expliquez en quoi chaque exemple illustre bien chaque fonction.

3)
Quelle est la principale utilité du schéma de Jakobson? Expliquez et donnez deux exemples.

4)
Quelle est la principale critique que l'on peut faire du schéma de Jakobson? Expliquez et donnez deux exemple.

5)
Expliquez de quoi est composé le signe linguistique et donnez trois exemples.

6)
Croyez-vous qu'il soit possible, hypothétiquement, d'utiliser le mot "pamo" pour remplacer le mot "chat"? Expliquez.

7)
Comment expliquez-vous que la même réalité puisse avoir deux mots complètement différents dans deux dialectes d'une même langue? Par exemple, les mots « ferry » et « traversier » en français européen et canadien respectivement qui dénomment « le bateau qui permet d'aller d'une rive à l'autre d'un lac ou d'un fleuve. » Selon vous, est-ce que c'est un problème? (pensez en termes de signe linguistique)

8)
Lorsque vous marchez dans le sable, vous remarquez des traces de pas. Est-ce qu'elles représentent un signe, un indice ou un icone? Expliquez.

9)
Résumez les principales différences entre la communication animale et humaine. Soyez précis, clairs et concis.

10)
Imaginez une question qui, selon vous, ferait une très bonne question d'examen résumant le matériel vu en classe.

Retour au haut de la page

© Christian Guilbault, Université Simon Fraser
Si vous utilisez ce site, veuillez avoir l’obligeance d’en citer la source et de m’en aviser par courriel

http://www.sfu.ca/fren270/Semiologie/Semiologie.htm
بين فقه اللغة وعلم اللغة


الفقه - في المعاجم العربية - هو الفهم وربما خص بعلم الشريعة والدين.

وقد ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله " من أراد الله به خيرا فقهه في الدين " ومن هنا يتبين لنا وجود مطابقة من الناحية اللغوية بين الفقه والعلم، وبهذا أخذ عدد من العلماء و الباحثين اللغويين فلم يفرقوا بين العلمين ، وإنما جعلوا ( فقه اللغة وعلم اللغة) مصطلحين لمفهوم واحد أو علم واحد .

ومن أبرز هؤلاء العلماء المعاصرين الأستاذ الدكتور صبحي الصالح ، الذي قال في كتابه( دراسات في علم اللغة ) : "من العسير تحديد الفروق الدقيقة بين علم اللغة وفقه اللغة لأن جل مباحثهما متداخل لدى طائفة من العلماء في الشرق والغرب ، قديما وحديثا ، و قد سمح هذا التداخل أحيانا ، بإطلاق كل من التسميتين على الأخرى ، حتى غدا العلماء يسردون البحوث اللغوية التي تسلك عادة في علم اللغة ، ثم يقولون : " وفقه اللغة يشمل البحوث السابقة ..." والحقيقة أن العرب ، لم يكونوا يعرفون هذه التسمية أو هذا المصطلح "فقه اللغة "، الا في أواخر القرن الرابع الهجري ، وربما كان أول من استعمل هذا المصطلح أحمد بن فارس ،المتوفى سنة395 ه ،عنوانا لمؤلفه (الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها).

ويلاحظ بعد ذلك استعمال هذا المصطلح عند عدد من العلماء مثل الثعالبي -ت429هـ - في كتابه (فقه اللغة وسر العربية). وان كان هذا الكتاب حسب رأي الباحثين المعاصرين ، لا يمثل في موضوعاته ما يمكن أن يسلك في فقه اللغة . بينما نجد بعض المؤلفات الأخرى التي لا تحمل مثل هذا العنوان ، و لكنها تشمل موضوعات هي أولى بأن تكون من مباحث فقه اللغة مثال ذلك كتاب ابن جني- ت 392هـ المعنون ب ( الخصائص ) .

ولعل أقرب المؤلفات الى مفهوم فقه اللغة كتاب المزهر للسيوطي - ت 211هـ - . في العصر الحديث وبعد أن تقدمت البحوث اللغوية لا سيما في الدراسات اللسانية العربية ومنذ أن ظهر العالم اللغوي السويسري ، فرديناند دي سوسير الذي دعا الى الفصل بين الدراسات اللغوية وفق منهج علمي موضوعي يتمثل في دراسة اللغة بذاتها و لذاتها و بين المنهج التاريخي - الزماني التطوري - .

هنا بدأ الفصل بين علمين مستقلين هما (فقه اللغة) أوالفيلولوجيا حسب المصطلح الغربي و( علم اللغة).

وتجلى ذلك في الدراسات اللغوية المعاصرة في اختلاف الآراء وظهور مصطلحات مختلفة للدراسات اللغوية ، اذ يرى بعضهم ألا فرق بين فقه اللغة و علم اللغة كما هو عند صبحي صالح و كذلك محمد المبارك .

بينما نجد تسميات أخرى مثل ( الفلسفة اللغوية ) عند جرجي زيدان
و(الألسنية ) عند مرمرجي الدومينيكي و( اللسانيات ) عند الدكتور عبد الرحمان الحاج صالح و (علم اللغة )عند محمود السعران و كثيرون .

لكن أشهر التسميات : فقه اللغة و علم اللغة ، أما مصطلح ( فيلولوجي ) الغربي الذي نترجمه الآن بفقه اللغة فيحتاج الى بعض التفصيل .

وتبين الدراسة التاريخية بين القرن الثامن عشر و القرن العشرين ، أن هذا المصطلح لم يكن واضحا، حيث استعملت مصطلحات أخرى من قبل وشملت بحوثا لغوية مختلفة مثل دراسة النحو والصرف والنصوص القديمة و يعتقد بعضهم أنه يشمل بحوث علم اللغة بالاضافة الى جميع الفنون اللغوية و الأدبية و تاريخ العلوم بشكل عام . ظل الأمر كذلك حتى ظهور ما يسمى
(اللسانيات)الحديثة عند دو سوسير و البنويين الغربيين .وتركت البحوث التاريخية والتطورية التي سميت بعد ذلك الفيلولوجيا . و لم تعد موضوعات مثل نشأة اللغات وغيرها تتدخل في نطاق ما يسمى بـ علم اللغة )

من هنا يمكن أن نوجز المراحل التي مرت بها الدراسات اللغوية الغربية بما يلي :

1- مرحلة ما يسمى بالقواعد ، و قد شيدها الإغريق ،و تابعها الفرنسيون
وهي تعتمد المنطق والمعيارية ، وترمي الى تقديم قواعد لتمييز الصيغ الصحيحة .

2- مرحلة فقه اللغة ونشأت في مدرسة الاسكندرية و تنصب الدراسة فيها على النصوص القديمة المكتوبة ، واللغة ليست موضوع الدراسة الوحيد وانما التاريخ والشرح والتفسيرو العادات ... وتهتم أساسا بالنقد ، وقد عبدت الطريق لما يسمى باللسانيات التاريخية .

3 ـ النحو المقارن ، و بدأت هذه الدراسات باكتشاف اللغة السنسكريتية (الهندية القديمة) و كانت في البداية - عند علماء الهندواوروبية - ذات منهج طبيعي ، عند ( بوب وماكس ميلر )
ثم تشكلت مدرسة جديدة تحمل اسم النحويين المولدين الألمان بحافز من كتاب الأمريكي ، ( ويتني ) الذي عنوانه ( حياة الإنسان )

4 - وفي الثلاثينيات من القرن العشرين ظهرت المدرسة البنيوية، التي لا تعتمد معايير خارجة عن اللغة ، فاللغة منظومة لا تعترف الا بنظامها الخاص و قد تم تطوير هذا الاتجاه في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد ذلك تعددت الاتجاهات البنيوية في أمريكا وأوروبا حتى صار ما يعرف بالمدارس اللسانية الحديثة .


ولو رجعنا الآن الى التمييز بين فقه اللغة وعلم اللغة يمكن أن نذكر أن الفرق الرئيسي يتجلى فيما يلي:

1 - يعتمد علم اللغة المنهج الوصفي الآني للنصوص اللغوية .
بينما يعتمد فقه اللغة المنهج التاريخي التطوري المقارن \

2 - تنصب الدراسة في علم اللغة على النصوص الحية وخاصة الشفوية منها . في حين نجدها تهتم في فقه اللغة بالنصوص المكتوبة والقديمة بشكل خاص بالاضافة الى المخطوطات والنقوش.

3 - يهدف علم اللغة الى دراسة النظام اللغوي في البنية اللغوية .
بينما يهدف فقه اللغة بالاضافة الى دراسة اللغة بحد ذاتها الى الوصول الى معلومات تتعلق بالتاريخ والثقافة ، والعادات والتقاليد وغير ذلك مما يمكن استنباطه من النص اللغوي ، وهنا تتخذ اللغة باعتبارها وسيلة ، بينما هي حسب منهج علم اللغة غاية بحد ذاتها .

عن د . أحمد الشامية والأستاذة نبيلة

فقه اللغة تعريف وتوضيحات


أ ـ أهمية اللغة

قد لا تبدو أهمية اللغة ودراسة علومها – وهي تسلك في مجموعة العلوم الإنسانية -لاتبدو هذه الأهمية في مستواها الحقيقي عند مقارنتها بالعلوم الأخرى لاسيما العلوم الدقيقة والتكنولوجية ... وربما ينعكس ذلك على الاهتمام بدراسة اللغة مما يؤدي إلى عدم إعطائها القدرالكافي ، والمساحة الضرورية في وضع البرامج والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .

لكن لو حللنا المسألة بعمق وموضوعية لتبين لنا أن اللغة – أي لغة – هي عصب العلوم في جميع فروعها ، بل هي أداة الحياة والحضارة والتقدم .

حتى يمكن للمرء أن يقول أن الإنسان بتميزه عن غيره من المخلوقات قد كان له ذلك بفضل هذه النعمة ، حتى أنه قد يصدق القول ، الإنسان حيوان ذولغة بما للغة من الارتباط الوثيق بالتفكير وتأمين الاتصال ، ويمكن الرجوع في هذا إلى الكثير مما سجله الباحثون ورجال الفكر .

فاللغة هي الإنسان ، قال تعالى ( خلق الإنسان علمه البيان ) صدق الله العظيم . ففي هذه الآية نلاحظ هذه العلاقة بين خلق الإنسان وتعليمه البيان أي الكلام بلسان مبين مختلف عن وسائل الاتصال ، أو ما يسمى بلغة الطيور والحيوانات وغيرها ، فالمخلوق الوحيد الذي يمتلك مثل هذا اللسان وهذه الأداة هو الإنسان ، والإنسان وحده .

ولذا فكل مايتعلق بالإنسان وتفاعله مع هذا الكون يستند أصلا إلى اللغة ومن هنا كانت اللغة جديرة بالاهتمام والبحث والدراسة للاستفادة من مزاياها وإمكاناتها إلى أقصى حد .

والتفصيل في هذا الموضوع قد يطول ، ولكن يمكن أن أقول باختصار ، أن اللغة ، هي واحدة من الوسائل الحيوية الأربعة التي ما كان للإنسان أن يستمر في هذه الحياة بدونها ولكن على الترتيب في الأهمية ، بدءا بالهواء الذي لا يمكن العيش بدونه دقائق معدودة ولذلك وفرته العناية الإلهية بصورة غير محدودة ، بل هو الذي لا يسعى الإنسان إليه .

ويأتي بعد ذلك وفي المرتبة الثانية – الماء ـ إذ لا يستطيع الإنسان الصبرعلى فقدانه إلا لأيام معدودة ، ولذلك توفر في الحياة ولكن ببعض السعي والجهد من بحث أو سفر أو رحلة أو غيرذلك ، ثم يأتي في المرتبة الثالثة الغذاء وهو من الضرورات التي لابد منها لاستمرار الحياة ، ولكن يمكن الصبر على فقدانه لفترة أطول ، لذلك كانت الحكمة الإلهية توفره إنما بصورة أقل وتحتاج إلى فترة أطول من السعي والطلب .

وأخيرا تأتي اللغة و التي قد تعيش البشرية بدونها فترات طويلة نسبيا ولكن لولاها لما استطاعت أن تتقدم وتزهر وتبني وتعمر وبالتالي كانت عوامل الطبيعة قد عدت عليها فانقرض الإنسان ، وانقرضت الحياة ، إذ أننا لايمكن أن نتصور هذا التقدم العلمي الصاعد لوكان الإنسان دون لغة . ( انظر مقال : هل العربية ملكة اللغات ) مجلة المبرز ، العدد الأول – المدرسة العليا للأساتذة 1992 إن ما نسعى إليه في هذا الموضوع هو لفت الانتباه إلى أهمية اللغة والسعي إلى دراستها وتعلمها بطريقة منهجية لنتمكن أيضا من تعليمها إلى الأجيال ببذل أقل ما يمكن والوصول الىأفضل النتائج .


بين فقه اللغة وعلم اللغة

الفقه ـ في المعاجم العربية ـ هو الفهم وربما خص بعلم الشريعة والدين .

و قد ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله " من أراد الله به خيرا فقهه في الدين "
و من هنا يتبين لنا وجود مطابقة من الناحية اللغوية بين الفقه والعلم، و بهذا أخذ عدد من العلماء و الباحثين اللغويين فلم يفرقوا بين العلمين ، و انما جعلوا ( فقه اللغة وعلم اللغة) مصطلحين لمفهوم واحد أو علم واحد .

و من أبرز هؤلاء العلماء المعاصرين الأستاذ الدكتور صبحي الصالح ، الذي قال في كتابه( دراسات في علم اللغة ) : "من العسير تحديد الفروق الدقيقة بين علم اللغة فقه اللغة لأن جل مباحثهما متداخل لدى طائفة من العلماء في الشرق والغرب ، قديما وحديثا ، و قد سمح هذا التداخل أحيانا ، باطلاق كل من التسميتين على الأخرى ، حتى غدا العلماء يسردون البحوث اللغوية التي تسلك عادة في علم اللغة ، ثم يقولون : " وفقه اللغة يشمل البحوث السابقة ..."

و الحقيقة أن العرب ، لم يكونوا يعرفون هذه التسمية أو هذا المصطلح "فقه اللغة " ، الا في أواخر القرن الرابع الهجري ، و ربما كان أول من استعمل هذا المصطلح أحمد بن فارس ،المتوفى سنة395 ه ،عنوانا لمؤلفه(الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها).
و يلاحظ بعد ذلك استعمال هذا المصطلح عند عدد من العلماء مثل الثعالبي ـ ت429هـ ـ في كتابه ( فقه اللغة وسر العربية) . و ان كان هذا الكتاب ، حسب رأي الباحثين المعاصرين ، لا يمثل في موضوعاته ما يمكن أن يسلك في فقه اللغة . بينما نجد بعض المؤلفات الأخرى التي لا تحمل مثل هذا العنوان ، و لكنها تشمل موضوعات هي أولى بأن تكون من مباحث فقه اللغة مثال ذلك كتاب ابن جني ـ ت 392هـ المعنون بـ (الخصائص)

ولعل أقرب المؤلفات الى مفهوم فقه اللغة كتاب المزهر للسيوطي ـ ت 211هـ ـ
في العصر الحديث وبعد أن تقدمت البحوث اللغوية لا سيما في الدراسات اللسانية العربية ومنذ أن ظهر العالم اللغوي السويسري ، فرديناند دي سوسير الذي دعا الى الفصل بين الدراسات اللغوية وفق منهج علمي موضوعي يتمثل في دراسة اللغة بذاتها و لذاتها و بين المنهج التاريخي ـ الزماني التطوري ـ

هنا بدأ الفصل بين علمين مستقلين هما(فقه اللغة) أو الفيلولوجيا حسب المصطلح الغربي و( علم اللغة)

وتجلى ذلك في الدراسات اللغوية المعاصرة في اختلاف الآراء وظهورمصطلحات مختلفة للدراسات اللغوية ، اذ يرى بعضهم ألا فرق بين فقه اللغة و علم اللغة كما هو عند صبحي صالح و كذلك محمد المبارك

بينما نجد تسميات أخرى مثل ( الفلسفة اللغوية ) عند جرجي زيدان و (الألسنية ) عند مرمرجي الدومينيكي و ( اللسانيات ) عند الدكتور عبد الرحمان الحاج صالح و (علم اللغة )عند محمود السعران و كثيرون .

لكن أشهر التسميات : فقه اللغة و علم اللغة ، أما مصطلح ( فيلولوجي ) الغربي الذي نترجمه الآن بفقه اللغة فيحتاج الى بعض التفصيل .

و تبين الدراسة التاريخية بين القرن الثامن عشر و القرن العشرين ، أن هذا المصطلح لم يكن واضحا ، حيث استعملت مصطلحات أخرى من قبل وشملت بحوثا لغوية مختلفة مثل دراسة النحو والصرف و النصوص القديمة . و يعتقد بعضهم أنه يشمل بحوث علم اللغة بالاضافة الى جميع الفنون اللغوية و الأدبية و تاريخ العلوم بشكل عام .

ظل الأمر كذلك حتى ظهور ما يسمى( اللسانيات )الحديثة عند دو سوسير و البنويين الغربيين .وتركت البحوث التاريخية والتطورية التي سميت بعد ذلك الفيلولوجيا . و لم تعد موضوعات مثل نشأة اللغات وغيرها تتدخل في نطاق ما يسمى ب (علم اللغة ).

من هنا يمكن أن نوجز المراحل التي مرت بها الدراسات اللغوية الغربية بما يلي :

1ـ مرحلة ما يسمى بالقواعد ، و قد شيدها الاغريق ،و تابعها الفرنسيون و هي تعتمد المنطق والمعيارية ، وترمي الى تقديم قواعد لتمييز الصيغ الصحيحة .

2 ـ مرحلة فقه اللغة و نشأت في مدرسة الاسكندرية و تنصب الدراسة فيها على النصوص القديمة المكتوبة ، واللغة ليست موضوع الدراسة الوحيد و انما التاريخ والشرح والتفسير والعادات ... وتهتم أساسا بالنقد ، و قد عبدت الطريق لما يسمى باللسانيات التاريخية .

3 ـ النحو المقارن ، و بدأت هذه الدراسات باكتشاف اللغة السنسكريتية (الهندية القديمة) وكانت في البداية ـ عند علماء الهندواوروبية ـ ذات منهج طبيعي ،عند ( بوب وماكس ميلر )
ثم تشكلت مدرسة جديدة تحمل اسم النحويين المولدين الألمان بحافز من كتاب الأمريكي ، ( ويتني ) الذي عنوانه ( حياة الانسان )

4 ـ وفي الثلاثينيات من القرن العشرين ظهرت المدرسة البنوية ، التي لا تعتمد معايير خارجة عن اللغة ، فاللغة منظومة لا تعترف الا بنظامها الخاص و قد تم تطوير هذا الاتجاه في الولايات المتحدة الأمريكية
وبعد ذلك تعددت الاتجاهات البنوية في أمريكا وأوروبا حتى صار ما يعرف بالمدارس اللسانية الحديثة
ولو رجعنا الآن الى التمييز بين فقه اللغة وعلم اللغة يمكن أن نذكر أن الفرق الرئيسي يتجلى فيما يلي:

1 ـ يعتمد علم اللغة المنهج الوصفي الآني للنصوص اللغوية
بينما يعتمد فقه اللغة المنهج التاريخي التطوري المقارن

2 ـ تنصب الدراسة في علم اللغة على النصوص الحية وخاصة الشفوية منها .
في حين نجدها تهتم في فقه اللغة بالنصوص المكتوبة والقديمة بشكل خاص بالاضافة الى المخطوطات والنقوش

3 ـ يهدف علم اللغة الى دراسة النظام اللغوي في البنية اللغوية
بينما يهدف فقه اللغة بالاضافة الى دراسة اللغة بحد ذاتها الى الوصول الى معلومات تتعلق بالتاريخ والثقافة ، و العادات والتقاليد و غير ذلك مما يمكن استنباطه من النص اللغوي ، وهنا تتخذ اللغة باعتبارها وسيلة ، بينما هي حسب منهج علم اللغة غاية بحد ذاتها .





الدكتور أحمد شامية
العربية وموقعها بين اللغات (السامية)


تعد اللغات في عالمنا اليوم بالآلاف ، ولكن اللغات الظاهرة المشهورة منها تعد على الأصابع ومنها لغتنا العربية التي يتكلم بها مئات الملايين ودونت بها- ولا تزال - الملايين من الكتب ، وهي لغة القرآن والإسلام فما أصلها و من أين جاءت أو تفرعت ؟.

كنا قد تحدثنا عن فرضيات نشأة اللغة الانسانية الأولى و بتجاوز بعض الآراء التي يرى أصحابها أن عددا من اللغات قد بدأ في النشوء في مرحلة زمنية واحدة في أماكن متعددة فان الرأي السائد أن اللغة الانسانية الأولى- بأية طريقة- نشأت- كانت واحدة ، ثم تفرعت وتعددت بتفرق الشعوب مع امتداد الزمان والمكان.

ولا يمكن البحث في المجهول لمعرفة كيف كانت اللغة و كيف تفرعت وما هي الجذور اللغوية الأولى .

ولكن في العصور الحديثة و بعد اكتشاف اللغة السنسكريتية (الهندية القديمة) ونظرا لما لوحظ من التشابه بينها وبين اللغات الأوروبية و خاصة الجرمانية فقد قسم العلماء اللغات الى أرومات أو مجموعات كبرى أهمها : المجموعة الهندو أوروبية ،و المجموعة السامية ثم المجموعة الحامية .
ولغتنا العربية تقع بين أهم لغات المجموعة السامية التي تنسب الى سام بن نوح و ذريته و منها الآكادية و العبرية ،و الآرامية، و هي تشكل مع اللغات اليمنية القديمة و اللغات الحبشية السامية شعبة لغوية واحدة يطلق عليها الشعبة السامية الجنوبية .

إننا لا نعلم الكثير عن طفولة العربية فأقدم ما وصلنا من آثار العربية الباقية لا يتجاوز 150سنة قبل الإسلام ، أو 200 سنة على أبعد تقدير. وقلنا (العربية الباقية ) لأنها ( أي العربية ) تقسم أيضا الى عربية بائدة وعربية باقية .
أنظر المشجر البياني المرفق

تفصيل :يطلق العلماء اليوم على الشعوب الآرامية والفينيقية والعبرية والعربية واليمنية والبابلية ـ الآشورية لقب الساميين وكان العالم الألماني ، شلوتزير أول من استخدم هذا اللقب في إطلاقه على تلك الشعوب وقد شاركه عالم ألماني آخر هو ايكهورن ، في أواخر القرن الثامن عشر بتسمية لغات هذه الشعوب "اللغات السامية " واللغة السامية هي اللغة التي تكلم بها نسل سام بن نوح - كما ذكرنا - وقد اختلف اللغويون في كيفية تفرع بعضها عن بعض، والظاهر أن اللغات السامية الرئيسية الحية الى الآن وهي السريانية والعبرانية والعربية، لم تشتق إحداها من الأخرى ، ولكنها فروع لأصل قد طوته يد الأيام وهي لغة قدماء الساميين ، الذين سكنوا بين النهرين . وقد دعاها علماء اللغة ، باللغة الآرامية نسبة الى آرام أحد أبناء سام ، وهي لغة سكان ما بين النهرين الذين تشتتوا و تبعثروا في جهات آسيا فتنوعت لغاتهم وسكن بعضهم سواحل سوريا , وتنوعت لغتهم وعرفت باللغة الفينيقية، ومنها اللغة العبرانية وسكن آخرون العراق العربي وحدث عن تنوع لغتهم اللغة الآشورية ومنها اللغة الكلدانية والسريانية ، وآخرون أقاموا بشبه جزيرة العرب وتنوعت لغتهم وتولد عنها اللغة العربية بفروعها ومنها لغة الحبشة وحمير وعدنان وقريش... ولمعرفة أصل اللغة العربية يجب التفصيل في شجرة اللغة السامية . فالسامية تنقسم الى شرقية وغربية .

1- الشرقية : هي اللغات البابلية ـ الآشورية ، أو كما يسميها المحدثون من فقهاء اللغة" أكادية" نسبة الى بلاد آكاد وكان الأقدمون يسمونها الاسفينية أو المسمارية ، لأن الناطقين بها أخذوا الخط المسماري عن الشعب السومري حين تدفقوا الى منطقته في القسم الجنوبي من بلاد العراق .

2 - الغربية : وهي تنقسم الى فرعين ، شمالية وجنوبية

2 - 1: الشمالية : وهي تضم الكنعانية والآرامية

2-1 -1 الكنعانية : هي لغة القبائل العربية التي نزحت- على الأرجح - من القسم الجنوبي الغربي من بلاد العرب واستوطنت في سوريا وفلسطين ... وهي تشتمل على مجموعة من اللهجات (الكنعانية القديمة المؤابية الفينيقية ، العبرية الأوغيريتية)

2- 1- 2 الآرامية : وقد فرضت هذه اللغة نفسها على جميع أخواتها الشرقية والشمالية حتى أصبحت لغة التخاطب في الشرق الأدنى واستقرت هذه اللغة في جميع بلاد العراق وسوريا وفلسطين وما جاورها . وقدر بعض فقهاء اللغة مساحة البلاد الناطقة بها بما يقرب 600 من ألف كلم 2.

2- 2 : الجنوبية : وتضم العربية الجنوبية والعربية الشمالية.

2ـ2ـ1 العربية الجنوبية: يطلق عليها العلماء اسم اليمنية القديمة أو القحطانية وهي تحوي عدة لهجات وهي : المعينية والسبئية والحضرمية والقتبانية والحبشية .

- المعينية : هي اللهجة المنسوبة الى المعينيين الذين أسسوا في بلاد العرب في القسم الجنوبي من اليمن ، مملكة قديمة يعود تكوينها الى حوالي القرن الثامن قبل الميلاد .

- السبئية : و هي اللهجة المنسوبة الى السبئيين الذين أقاموا مملكتهم على أنقاض المملكة المعينية.
ومن المعروف أن مدينة مأرب كانت عاصمة المملكة السبئية وظلت هذه اللهجة سائدة في بلاد اليمن لمدة طويلة .

- الحضرمية : وهي اللهجة المنسوبة الى حضرموت التي استمرت الى زمن غير قليل تنازع سبأ الحكم والسلطان لكن حضارة سبأ كانت أقوى منها فغلبتها وأزالتها .

-  القتبانية : هي اللهجة المنسوبة الى قتبان وهي مملكة عظيمة ، أنشئت في المنطقة الساحلية الواقعة شمال عدن ، وكتب عليها أن تنقرض في أواخر القرن الثاني ق. م، وبهذا كانت السبئية أقوى اللهجات العربية الجنوبية .


الخصاص المشتركة بين العربية والسامية
تابع العربية وموقعها من اللغات السامية


ظهرت اللغة العربية على ألسنة العرب الأولين وقبائلهم القديمة من أمثال عاد وثمود الذين يعيشون في جنوبي الجزيرة . والعربية البائدة تضم : الصفوية واللحيانية والثمودية . ولما اندثرت هذه القبائل القديمة المتحدثة بهذه اللهجات، كانت بقايا منها لا تزال تحمل لغة الآباء ، و تتحدث بها ، واذا صح أن نطلق على اللهجات التي تحدث بها القبائل العربية القديمة اسم العربية البائدة، لأنها قد بادت مع أهلها فإننا نسمي اللغة التي وصلتنا بالعربية الباقية لبقائها حتى اليوم .

اذا : فالعربي اليوم يستعمل اللغة العربية الباقية وهي لغة الحجاز وتميم ولهجات أخرى.
رغم هذا تبقى اللغة العربية هي احدى اللغات السامية وأرقاها مبنى ومعنى واشتقاقا وتركيبا .

واللغات على اختلاف أنواعها تنقسم الى مرتقية و غير مرتقية والى متصرفة وغير متصرفة .

واللغات تقسم الى ثلاث طوائف كبرى : الهندو أوروبية ، الطورانية، السامية عاشت العربية في شمالي الجزيرة ( نجد ، الحجاز ، تهامة ) واستطاعت في القرن السادس ميلادي أن تبسط نفوذها في الجزيرة كلها وتدخل اليمن وتسيطر عليه ، وتمحو ما بقي من لهجات وتحل محلها .


الخصائص المشتركة بين العربية والسامية :

من خلال ما تقدم فان العربية تتموقع ضمن العربية الشمالية الباقية ، يعني الحجازية والتميمية وبعض اللهجات الأخرى .
وما من شك فان هناك مجموعة من الخصائص تتعلق باللغتين السامية والعربية.
فأصول الكلمات فيها تتكون غالبا من ثلاثة أصوات ساكنة ثابتة في الاشتقاق نقوم فيها بتغيير الحركات التي يتوقف عليها نوع الدلالة ... ففي العربية قتل أصل يتضمن معنى القتل فبتغيير الحركات فيها نشتق عدة أفعال وأسماء ونعوت تبعا لنوع ذلك التغيير فمنه : قتل (بفتح كل الحروف) قتل (بضم القاف و كسر التاء) ، قتل ( بفتح القاف وتسكين التاء) .
وقد تمد هذه الحركات فيقال : قاتل (بكسر التاء ) قاتل (بفتح التاء)، قتيل ، قتال (صيغة مبالغة). وبالإضافة الى هذه الخصائص نجد أنهما ( أي العربية والسامية ) تهملان الأصوات الصائتة في الكتابة . هذا ما يخص ثلاثية الأصوات ، الا أن بعض العلماء المحدثين كالأب مرمرجي الدومينيكي في كتاب (هل العربية منطقية) ؟

والقائلين بثلاثية الأصول يردون الرباعي منها الى الثلاثي ، فدحرج مثلا الى دحر أودرج .
ومن خلال ما تقدم يمكن القول أن :

- العربية والسامية معربتان
- كلاهما ثلاثية الأصول
- يهملان الأصوات الصائتة في الكتابة

وأخيرا يمكن أن نلحق هذه المحاضرة ببعض الملاحظات وبعض النصوص التي تمثل لغة النقوش التي اكتشفت وتمت ترجمتها وربما تمثل مرحلة لغوية سبقت العربية الفصحى باتجاه الأصل السامي.

1 - أداة التعريف (ها) في عربية النقوش (بالخط المسند) - الصفوية اللحيانية ، الثمودية - وكذلك باللهجة النبطية بتيماء ، واستثناء جاءت عندهم في اللهجة الصفوية بعض الأسماء معرفة بـ (أل) مثل الأوس ، العبد، والاسم الموصول في تلك اللهجة (ذو) وهو الذي تستخدمه قبيلة (طيء) التي تنزل بالقرب من منازل الصفويين شمالي الجزيرة في جبلي أجأ وسلمى .
واسم الاشارة في اللهجة الصفوية هو (ذا) ويأتون به تاليا للمشار اليه كما هو في العامية المصرية (النهارده) ومن عاداتهم التي ذكرها (ليتمان ) : " مرق نبط جوذا " أي مرق البط هذا الوادي بمعنى مروا به أو عبروه (عن شوقي ضيف:مجمع اللغة العربية في خمسين عام 1984-ط /1)

2 ـ من الألفاظ التي ما زالت واضحة الاشتراك في أهم اللغات السامية (ثابر) من المثابرة وأصلها الثلاثي ثبر : عن المعجم الكبير الصادر عن مجمع اللغة العربية


ففي الآكادية
شبارو

في الأوجريتية
ثبر

في العربية
شابر


في السريانية تبر (بتسكين التاء ) بالقاهرة ط|1 | 1992 ج |3 | ص212
وفي الحبشية سبر


3 - اتفق كثير من مهرة الدارسين للغات على أنه قد ضاعت أصول كثير من كلمات العربية والعبرانية ، لكن توجد أصول هذه الكلمات في العربية فوجود الفروع في السريانية والعبرية ووجود الأصل في العربية يدل على أنهما أخذتا منها هذه الكلمات مما يؤكد أصل العربية و قربها من اللغة السامية الأم .(عن مجلة المجمع العلمي بدمشق رقم | 6 | 1926 | ج| 12)

نصوص من لغة النقوش ويظهر فيها التقارب بين العربية البائدة والعربية الباقية :

- نقش سبئي : بمقم براهمو عشتر، شرقون ولشمسهو والآل تهمو وباخيل ومقيمت خميس

ترجمته :
يمجد سيدتهم عشتروت المشرقة وآلهتهم الشموس و سائر الآلهة وبحول وقوة الجيش


- نقش النمارة على قبر امرئ القيس بن عمرو أحد ملوك الحيرة(228م) :
تي نفس مر القيس بر عمرو ملك العرب كله ذو أسرالتج و ملك الأسدين ونزارووجا

ترجمته :
هذه روح امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي عقد التاج وملك الأسدين وجاء ...

- نقش نبطي : (صنعه كعب بن حارثه للقيض بنت عبد مناة مؤرخ سنة 262 أي 368 م وبعد تحليل هذا النقش والحاق الأصوات المدية أصبحت عبارته :
( ذين للقيض بنت عبد مناة )

أي :
هذا القبر للقيض بنت عبد مناة


4 - يستخلص من الدراسات و آراء بعض الباحثين أن العربية ، إما أنها أم السامية أو اللغات جميعها أو أنها هي السامية الأم أو أنها أقرب اللغات السامية إليها .



نص تطبيقي حول اللغة العربية واللغات السامية


ملاحظة : سنعتمد في هذا الدرس تحليل ثلاثة نصوص.

1- يقول ابن حزم الأندلسي (ت456هـ ) : "فمن تدبر العبرانية والعربية والسريانية أيقن أن اختلافها انما هو من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على طول الزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم وأنها لغة واحدة في الأصل "

2 - ويقول في نص آخر: "الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينا أن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير ، واحدة تبدلت مساكن أهلها فحدث فيها جرش (جرس) ، كالذي يحدث من الأندلسي اذا رام نغمة أهل القيروان ومن القيرواني اذا رام نغمة الأندلسي ... وهكذا في كثير من البلاد فانه بمجاورة أهل البلدة بأمة أخرى تتبدل لغتها تبدلا لا يخفى على من تأمله" .

3 - أما أبوحيان الأندلسي (ت754هـ) فيقول : "وقد تكلمت على كيفية نسبة الحبش في كتابنا المترجم عن هذه اللغة المسمى بجلاء الغبش عن لسان الحبش وكثيرا مما تتوافق اللغتان ، لغة العرب ولغة الحبش في ألفاظ و في قواعد من التركيب نحوية كحروف المضارعة وتاء التأنيث وهمزة التعدية "

التحليل :
تتمحور النصوص كلها حول مفهوم القرابة بين اللغات : العربية ، العبرية السريانية الحبشية، والتي تعود كلها الى أصل واحد هي اللغة السامية ويظهر ذلك في قول ابن حزم في نهاية النص الأول :
"... وهي لغة واحدة في الأصل" .
مما يعني وجود علاقات تاريخية بين اللغات - السابقة الذكر-

ومن الدلائل التي يمكن أن نؤسس عليها تلك العلاقات نذكر :
1 - أوجه الشبه الموجود بين تلك اللغات انطلاقا من مختلف مستويات البنية اللسانية أو اللغوية (الصوتية ، الصرفية ، التركيبية ) ، مستدلين بقول أبي حيان ، في النص الثالث حين يقول :
يقول : "وكثيرا ما تتوافق اللغتان ..................همزة التعدية ".

2 - يعود سبب الاختلاف بين هذه اللغات الى تفرق الناس الذين تكلموا السامية الأولى وانتشارهم في الأرض ، مما أنتج بعض التغيرات في خصائصها (أي السامية الأولى) على حسب مقام كل قوم وزمنه .

ويشبه ابن حزم هذا التغير الذي حدث بين السامية الأولى و مختلف اللغات التي انبثقت عنها بكيفية نشوء اللهجات العربية كلهجة مضر وربيعة عن العربية الفصحى ( الأولى) نتيجة هجرة العرب الى الأندلس في قوله في النص الثاني :
"والذي وقفنا عليه و علمناه يقينا ... تأمله " .

وبناء على هذا الواقع اللغوي المتمثل في اختلاف لهجات اللغة الواحدة يستنتج ابن حزم أن اللغات : العربية والعبرانية والسريانية ماهي الا لهجات انحدرت من أصل واحد .

من خلال هذه النصوص لعلمائنا العرب المتقدمين يتضح لنا معرفتهم باللغات المتشابهة والمختلفة، الى جانب التفاتهم الى بعض الحقائق اللغوية عن ميزات هذا التشابه الواضح بين اللغة العربية ولغات أخرى كالحبشية والسريانية ، في بعض الألفاظ والتراكيب مما يعني انحدارها من أصل واحد والتي يتصور البعض أنها اللغة السامية الأم ، في حين يتصور الآخرون أنها اللغة العربية .

ولقد انتبه بعض العلماء في الدراسات الحديثة الى وجود شبه بين اللغات السامية المتضمنة العربية: العبرية، الحبشية ... وهي تسمية أطلقها المستشرق الألماني "شلوتزر" بناء على تقسيم التوراة لشعوب الأرض الى أبناء سام وحام ويافث ، رغم اختلاف دلالته في البحث اللغوي عما جاء حول أبناء سام في التوراة ومن ثم شاع المصطلح أي اللغات السامية .

وقسم ماكس مولر لغات العالم الى ثلاث عائلات :

أ - الأسرة السامية الحامية ، وتتألف من :
1 - الأسرة السامية : أشهر لغاتها : العربية ، الآرامية ، السريانية ، العبرية ، الكنعانية الآكادية .
2 - الأسرة الحامية : أشهر لغاتها اللغة المصرية القديمة ، البربرية ...

ب - الأسرة الهندو أوروبية :
- من أشهر لغاتها القديمة : السنسكريتية ، اليونانية ، اللاتينية
- ومن أشهر لغاتها الحديثة : الألمانية ، الانجليزية ، الايطالية، الاسبانية

جـ - الأسرة الطورانية : تضم ما بقي من لغات أوروبا وآسيا مما لا يدخل في أسرة اللغات السامية الحامية ،أو الأسرة الهندية الأوروبية ، ومن أشهر لغاتها : الصينية واليابانية ، التركية والمغولية .

واذا نظرنا الى عائلة اللغات السامية والتي تنتمي اللغة العربية اليها ، نجد أن تصنيف لغات هذه العائلة ، يعود الى التشابه الموجود بينها من حيث مختلف مستويات البنية اللغوية وهي :

1 - من الناحية الصوتية : تحتوي اللغات السامية على أصوات حلقية :
- الحاء ، العين: وهي أصوات نجدها مثلا في العربية و العبرية والآرامية
- الطاء والصاد والقاف والظاء والضاد : حيث أجمع الباحثون في اللغات السامية على أن القاف والطاء والصاد شائعة في جميع اللغات السامية .

ومن هذا يتبين لنا أن أصوات اللغة السامية الأم هي :
الهمزة ، والهاء والحاء، الخاء، الطاء والعين والغين، والباء والفاء، الدال، الذال، التاء، الثاء، الجيم الكاف واللام والميم والنون، الراء، الواو، الياء، القاف، الصاد ، السين ، الشين ، الزاي .
وأثبتت الدراسة الصوتية المقارنة، أن اللغة العربية هي اللغة السامية الوحيدة التي تحتوي على هذه الأصوات كاملة .

2 - من الناحية الصرفية : تتضمن هذه اللغات في تصريف الأفعال صيغتين أساسيتين :
- احداهما تدل على تمام وقوع الحدث وانقضائه وانقطاعه، وهي صيغة الماضي .
- وتدل الثانية على استمرار الحدث وعدم تمامه ، وهي صيغة المضارع .

3 - من الناحية النحوية : فمن المميزات العامة للغات السامية وجود الجملة الاسمية التي تقوم على اسمين دون رابطة لفظية بينهما كالفعل المساعد في اللغات الهندية الأوروبية . ففي كل اللغات السامية أستطيع أن أقول : " الشجرة مزهرة " دون أن أضع بينهما كلمة " يكون " أو " هو" .
كما توجد فيها الجملة الفعلية ، ويكثر فيها وقوع الفعل في أول الجملة .
ويبدو أن اللغة السامية الأم كانت معربة ، واحتفظت العربية وحدها بهذه الظاهرة

4 - من الناحية المعجمية : تشترك اللغات السامية في استخدامها للكثير من الكلمات بدلالة واحدة - مع اتحاد النطق أو اختلافه اختلافا يسيرا - وهي : ذكر أنثى ، أب ، أم ، ملك عنب ، ثوم ، ركبة ، سماء ، أنف، قبر، شمس... وبناء على أوجه التشابه بين اللغات السامية رجح كثير من الباحثين أن اللغة العربية هي أقرب اللغات السامية شبها باللغة السامية الأم .
النظرية الثنائية في اللغة


اذا كانت نظرية الأصل الثلاثي في العربية والسامية هي السائدة ،فان هناك من الباحثين اللغويين من يرى أن الأصل في العربية يعود الى الثنائية متأثرين بالنظرية التي تفسر نشأة اللغة الانسانية بمحاكاة أصوات الطبيعة .

حيث نشأت الألفاظ الأولى من صوتين متحرك وآخر ساكن أو ما يسمى بالمقطع الصوتي القصير المغلق ، ثم زيد فيها حرف أو أكثر في صدر الكلمة أو وسطها أو في آخرها.

وقد اهتم علماء اللغة العربية قديما وحديثا بهذه النظرية و تباينت آراؤهم بين مؤيد لها ومعارض ، نذكر منهم الأستاذ محمد المبارك الذي يعتقد بوجود الكثير من الألفاظ التي تشترك في حرفين دون الثالث ، وفي معنى عام يجمعها وينظم مفرداتها . وبذا يتم اكتشاف صلة جديدة بين المجموعات الثلاثية التي تشترك في حرفين من أصولها وفي فكرة كلية تجمعها ، وتتكون بذلك مجموعات ثنائية كبرى . ولتعليل هذه الصلة وضع محمد المبارك عدة احتمالات هي :

أ - يمكن القول أن الأصل في اللغة هو المجموعات الثلاثية فالمادة الأصلية في الحروف العربية تتكون من حروف ثلاث ، ولكن قد يعتري أحد هذه الحروف تبدل صوتي بتوالي الأزمان أو باختلاف القبائل والبيئات ، وبذلك تتكون هذه المجموعات الثنائية ويكون هذا الاشتراك بين المجموعات الثلاثية في حرفين دون ثالث ولكن هذا القول لا يمكن تعميمه.

ب - يرى عدد من الفقهاء قديما وحديثا أن الألفاظ العربية ترجع في منشئها التاريخي القديم إلى أصول ثنائية زيدت حرفا ثالثا في مراحل تطورها التاريخي، وقد جاء هذا الحرف الثالث منوعا للمعنى العام الذي تدل عليه الأصول الثنائية. ويتساءل الأستاذ المبارك عن موقع الحرف الثالث مضافا للحرفين ،والذي يأتي لتنويع المعنى العام وتخصيصه ثم يرد آخذا برأي أكثر الباحثين الذين يعتبرون أن الحرف الأخير هو الحرف المضاف . لكنه يعمد الى الأخذ بالأصل الثلاثي للغة ويعتبر الأصل الثنائي مرحلة تاريخية لم يعد البحث فيها مجديا الا ضمن هذا الاعتبار التاريخي.

أما الأمير مصطفى الشهابي فنجده يؤيد النظرية الثنائية قائلا:" المرجح أن العربية الأولى تكونت مثل غيرها من اللغات، من أصول قليلة ثنائية البناء أي مركبة من حرفين تحاكي الأصوات التي ينطق بها الإنسان البدائي على مقتضى غريزته ثم تعددت الكلم بإضافة حرف أو أكثر الى الأصل الثنائي ..."

أما الدكتور صبحي الصالح فقد تطرق الى الثنائية وعلاقتها بالمناسبة الطبيعية ، بين الثنائية التاريخية والثنائية المعجمية ، مشيرا الى أن الثنائية قد اتخذت في أذهان القائلين بها صورا مختلفة وأشكالا متنوعة فكانت الثنائية التاريخية ذات المقطع الواحد، والثنائية المعجمية ذات المقطع الواحد التي كرر مقطعها بكلا حرفيه فأصبحت رباعية بطريقة المضاعفة والتكرار.

1 ـ الثنائية التاريخية : تعود لدى أكثر القائلين بها الى تفسير نشأة اللغة الانسانية بمحاكاة أصوات الطبيعة ، كتقليد الإنسان أصوات الحيوان ، وأصوات مظاهر الطبيعة ، أو تعبيره عن انفعالاته الخاصة ،أو عن الأفعال التي تحدث عند وقوعها أصواتا معينة . فالكلم وضعت في أول أمرها على هجاء واحد، متحرك فساكن، محاكاة لأصوات الطبيعة ، ثم زيد فيها حرف أو أكثر في الصدر أو القلب ، أو الطرف - فتصرف المتكلمون بها تصرفا يختلف باختلاف البلاد و القبائل و البيئات ، فكان لكل زيادة أو حذف ، أو قلب أو ابدال أو صيغة أو غاية ، أو فكرة دون أختها ثم جاء الاستعمال فأقرها مع الزمن .

ومن علماء العرب من مال الى تقرير هذه الظاهرة اللغوية في نصوص واضحة، كابن جني الذي ينسب هذا الرأي الى بعض العلماء ، ثم يبدي إعجابه به وتقبله له فيقول : " وذهب بعضهم الى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات ، كدوي الريح وحنين الرعد ، وخرير الماء وشحيح الحمار ، ونعيق الغراب ،و صهيل الفرس ونزيب الظبي ، ونحو ذلك ، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد . وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل " ولتوضيح هذا الرأي وتقريره ، عمد ابن جني الى تخصيص باب آخر في كتابه الخصائص عنونه ب: (باب في امساس الألفاظ أشباه المعاني) بين فيه أن المناسبة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله قد تنبه اليها علماء اللغة الأقدمين كالخليل وسيبويه فقال: " اعلم أن هذا موضع شريف لطيف ، وقد نبه عليه الخليل وسيبويه ، وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته . قال الخليل : كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا:
صر( بتشديد الراء) .
وتوهموا في صوت البازي قطعا فقالوا صرصر . وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفعلان : أنها تأتي للاضطراب والحركة ، نحو النقزان والغليان ..."


2 ـ الثنائية المعجمية :
لكي يصح القول بالثنائية التاريخية في نشأة اللغة ، كان ينبغي لهذه الثنائية أن تلازم وحدة المقطع المؤلف من صوتين بسيطين فقط .
ويجب علينا عند الاستشهاد بهذه الظاهرة ذكر الكثير من المواد الثلاثية وبعض المواد الرباعية . لكننا نتساءل هنا عن ماهية الرابط المنطقي الذي يلمح بين تلك الصيغ المزيدة وبين أصولها الثنائية في نشأتها الأولى .

إن أصحاب هذا الرأي لا يعجزهم إيجاد ذلك الرابط ، مهما يكن بعيدا موغلا في التكلف ، فقد بدا لهم أن يتقصوا تلك الثنائية وهي تنقل من نطاق التاريخ الى بطون المعاجم ، فرأوها أجدر أن تسمى " ثنائية معجمية " وألفوا في كثير من المواد الثلاثية والرباعية أصولا ثنائية زيد عليها صوت أو أكثر
والتمسوا بين صورتها الأصلية المجردة وصورتها المتطورة المزيدة جامعا معنويا مشتركا، حتى اذا وجدوه اقتنعوا بأن زيادة المادة الصوتية ربما أوحت بفارق معنوي جديد ولكنها غالبا تحتفظ بجوهر المعنى الأصلي القديم .

وقد نبه الأب أنستاس ماري الكرملي الى معرفة حذاق اللغويين العرب المتقدمين لهذه الثنائية المعجمية مستشهدا بعمل الراغب الاصبهاني، حين بنى معجمه على اعتبار المضاعف هجاء واحدا، ولم يبال تكرار حرفه الأخير، فهو عنده من وضع الخيال ، أي اذا ذكر مادة (مد، يمد، مدا) ذكر بأنها مركبة من مادة (مد) أي ميم ودال ساكنة، ولا يعتبرها من الأصل الثلاثي (مدد) ، لهذا يورد (مد) قبل (مدح) .

ولم يكن الأب مرمرجي الدومينيكي أقل حماسة من الكرملي في الدفاع عن هذا المذهب إذ أورد بعض البراهين على سلامة هذه النظرية انطلاقا مما صاغه العلماء من الأفعال المضاعفة والمكررة مستخرجين عناصره الأولية من أسماء الأصوات، ودعاء الحيوانات وزجرها ، وبعض أسماء الأفعال، فهي جميعا ثنائية .

مثال ذلك :
أْف : بمعنى التكره
بخ: بمعنى استعظام الشيء
صه : للسكوت

من هذه الثنائيات صيغت أفعال : إما بتحريك الساكن وتشديده ، واما بتكرير الثنائي ذاته وتحريك الآخر ، فيقال صهصه من صه.

وكل حرف يزاد على الأصل الثنائي ، يجري على قانون التطور اللغوي تتويجا (في أول الكلمة)، أو إقحاما (في وسط الكلمة)، أو تذييلا (في آخر الكلمة ) ، مع بقاء الرابط المفهومي بين الثنائي والثلاثي و تستمر حتى مع الرباعي . إن الحرف الذي يزاد أي الثالث مثلا يكون ذا قيمة تعبيرية ذاتية ، موجه للمعنى الأصلي العام .
Analyse de La linguistique uelle - Introduction à l'analyse uelle des discours
de Jean-Michel Adam


Plan
1.
Introduction
2.
Cadre épistémologique
2.1.
Une pragmatique uelle ?
2.2.
Quelles catégories pour l'analyse des es ?
2.3.
Quels es analyse-t-on ?
3.
L'unité uelle élémentaire
3.1.
Prise en charge énonciative des énoncés ou point de vue [PdV]
3.2.
Micro-actes de discours
4.
Types de liages des unités uelles
4.1.
Co-référence et anaphores
4.2.
L'implicite
4.3.
Les connecteurs
4.4.
Chaînes d'actes de discours
5.
Période et séquences : unités compositionnelles de
6.
Le e comme unité compositionnelle et configurationnelle
6.1.
L'effet de dominante
6.2.
Macro-structure sémantique (thème, topic) et micro-actes de discours
7.
Le fonctionnement uel des temps verbaux
8.
Analyse uelle d'un récit de Jorge Luis Borges :"Le Captif"
9.
Pour conclure
e int






1.
Introduction

1
Dans les huit chapitres qui composent cet ouvrage, l'auteur poursuit sa réflexion dans le domaine de la linguistique uelle, dont il est désormais un des spécialistes reconnus. Dans la lignée de ses travaux précédents [Adam01], dont il reprend et développe ici certaines analyses [Adam05], J.-M. Adam continue à baliser ce champ d'études, mais il ouvre aussi des perspectives théoriques nouvelles. En effet, l'auteur renonce à la déconualisation et à la dissociation entre "e" et "discours" [AdaGriBoua04][1] que préconisaient encore ses Éléments de linguistique uelle [Adam90] et situe résolument la linguistique uelle dans le domaine plus vaste de l'analyse du discours [CharauMaingue02][2]. Dans cette discipline convergent des mouvements aux présupposés extrêmement hétérogènes, apparus dans les années 60 en Europe et aux États-Unis, mais tournant tous "autour de l'étude de productions transphrastiques, orales ou écrites, dont on cherche à comprendre la signification sociale" ([CharauMaingue02] : 7).
1
Dans l'introduction de ce récent ouvrage collectif, J.-M. Adam insiste sur cette proposition de (...)
2
Nous soulignons au passage que dans l'article "linguistique uelle" du Dictionnaire (...)

2
Cette ouverture à l'analyse du discours est, nous semble-t-il, très intéressante dans l'optique des études sur les caractéristiques de la Communication Médiatisée par Ordinateur (CMO). Tout en ayant à l'esprit la spécificité des discours médiés par ordinateur (courriels, clavardages, forums) par rapport aux discours écrits et oraux traditionnels – objets d'étude dans cet ouvrage - nous pensons que certains outils fournis par la linguistique uelle pourront être mis à contribution dans l'analyse de l'interaction sur Internet. D'autant plus que, comme le rappelle L. Mondada, il s'agit, dans ce cas, de discours hybrides [Mondada99], caractérisés par un "registre interactif écrit" (Ferrara et al., cités par [Mondada99]). Parmi les phénomènes ici analysés susceptibles d'intéresser aussi les spécialistes des nouvelles formes d'interaction relevant de la CMO, nous songeons notamment à la prise en charge énonciative des énoncés ou point de vue (PdV) ainsi qu'aux aspects liés à l'organisation de l'information (anaphores, cataphores, etc.). Inversement, la CMO est un exemple de l'hétérogénéité des genres sur laquelle J.-M. Adam n'a eu de cesse d'insister dans ses travaux. Par ailleurs, une nouvelle orientation se fait jour qui propose de synthétiser ces deux perspectives, CMO, d'une part, et analyse du discours, d'autre part : il s'agit de l'Analyse du Discours Médiatisé par Ordinateur (Admo), dont l'objectif est l'"étude des manifestations pragmatico-linguistiques propres à la CMO" [Torres01].

3
Un ouvrage collectif récent [RebMourRako04] pose la question de la conduite à adopter face à ces "discours de l'Internet". S'agit-il de nouveaux genres de discours ? Dans l'analyse de ces nouvelles pratiques discursives, faut-il appliquer des méthodes déjà existantes ? Ne faut-il pas également forger de nouveaux concepts opératoires ? S'il est vrai, comme le rappelle J.-P. Bronckart, que tout genre nouveau se construit à partir de genres existants [Bronckart96], on pourrait retravailler avec profit les concepts disponibles, dont ceux de la linguistique uelle précisément. C'est de ce point de vue, nous semble-t-il, que la confrontation avec les analyses ici présentées devrait se révéler féconde pour l'étude de la CMO. Tout en conservant le découpage de l'ouvrage en question, nous avons essayé d'introduire, au fil de notre analyse, des remarques allant dans cette direction.
2.
Cadre épistémologique

4
Les deux premiers chapitres décrivent le cadre épistémologique de l'ouvrage. Depuis les années 60, Jakobson d'abord [Jakobson73], Bakhtine [Bakthine75] et Labov [Labov78] ensuite, ont dénoncé le cantonnement de la linguistique dans les limites de la phrase. La linguistique uelle s'inscrit dans cette lignée, soulignant avec force que la linguistique ne saurait être réduite à l'analyse de catégories grammaticales, autrement dit de phrases et de mots. Tout en accordant une place importante aux micro-enchaînements, elle va en effet au-delà des limites d'une "grammaire transphrastique" pour se fonder sur "une théorie de la production co(n) uelle de sens, qu'il est nécessaire de fonder sur l'analyse de es concrets" (p. 3). C'est cette démarche que J.-M. Adam nomme "analyse uelle des discours" - dont le présent ouvrage, comme son sous-titre l'indique, se veut une introduction - opérant ainsi un recouvrement entre deux orientations qui n'ont ni la même origine épistémologique ni la même histoire : la linguistique du e et l'analyse du discours.

5
J.-M. Adam propose de placer son approche sous un double parrainage : la "translinguistique des es, des œuvres" d'É. Benveniste et la "métalinguistique" de M. Bakhtine. Contrairement à la "grammaire de e", la linguistique uelle ne se revendique pas de l'épistémologie générativiste. Elle ne se présente pas comme une théorie de la phrase étendue au e, mais comme une "translinguistique" qui, à côté de la linguistique de la langue, rend compte de la cohésion et de la cohérence des es (voir Adam dans [CharauMaingue02] : 345-346).

6
Dans L'archéologie du savoir [Foucault69], M. Foucault montre qu'une phrase ne devient unité de discours (énoncé) que si on relie cet énoncé à d'autres, au sein de l'interdiscours d'une formation sociale. Puisque l'interdiscours déstabilise l'opposition entre l'intérieur et l'extérieur d'une formation discursive, quel est au juste le rôle joué par le cone ? J.-M. Adam estime qu'une redéfinition de cette notion est indispensable, car elle n'est convoquée en linguistique que pour lever les ambiguïtés. L'auteur souligne que le cone n'est pas externe mais partie prenante de toute interprétation et qu'il implique une "mémoire discursive" (MD), dont font partie les propositions énoncées dans une autre partie du e (co-e) ou dans un e antérieur. C'est ce que Berrendonner définit comme l'"ensemble des savoirs consciemment partagés par les interlocuteurs" ([Berrendonner83] : 230). La mémoire discursive est à la fois "ce qui permet et ce que vise une interaction verbale" (p. 26). Cette notion est, nous semble-t-il, opératoire pour l'analyse des interactions sur Internet, où l'on observe la constitution de communautés discursives.

7
L'ouverture en direction de l'interdiscours, ébauchée dans les travaux précédents de l'auteur ([Adam99] : 87), se poursuit dans cet ouvrage. Analysant, au quatrième chapitre, la partie d'implicite qui caractérise tout discours, J.-M. Adam emploie la notion de "préconstruit". Il tient toutefois à souligner, dans sa conclusion prospective, que son analyse ne porte ici que sur les "forces centripètes de la ualité", envisageant de faire des "forces centrifuges qui ouvrent un e sur d'autres es" matière d'un livre à venir, ce travail ne représentant donc que le premier volet d'un programme de recherche plus vaste.
2.1.
Une pragmatique uelle ?

8
Dans la mesure où il cherche à analyser l'action que font les locuteurs lorsqu'ils produisent un énoncé, J.-M. Adam s'interroge sur les fondements pragmatiques de la linguistique uelle. Il reconnaît les limites de la pragmatique d'O. Ducrot [Ducrot77] et de la "pragmatique du discours" de J. Moeschler et A. Reboul [MoeschReboul98], qui réduisent le discours à un simple enchaînement d'énoncés. C'est pourquoi la linguistique uelle puise ses modèles dans la pragmatik des années 80, qui sert d'appui aussi à la définition du concept de e proposée par J.-M. Schaeffer (voir [DucrotSchae95]). Dès que le e est défini comme une "occurrence communicationnelle" [DeBeauDress81], la linguistique uelle devient une pragmatique uelle et elle se rapproche de l'analyse de discours.
2.2.
Quelles catégories pour l'analyse des es ?

9
La linguistique uelle, qui se démarque résolument de la "grammaire de e", dispose d'une série de concepts propres. La classe uelle des connecteurs s'oppose ainsi aux conjonctions de coordination ("mais", "ou", "et", "donc", "or", "ni", "car"). De même, l'homogénéité de la classe morphologique des pronoms personnels éclate dès que l'on passe au niveau du e. Les pronoms de troisième personne il(s) et elle(s) doivent, en effet, être alors (re)classés dans le domaine des reprises, avec les démonstratifs, certains indéfinis et certains groupes nominaux définis, tandis que les deux premières personnes doivent être mises en relation avec les possessifs et les modalisateurs, la classe des déictiques et l'ensemble du domaine énonciatif.

10
Un bon exemple de la nécessité de distinguer entre catégories uelles et catégories de la grammaire phrastique est donné par la théorie de la "Perspective Fonctionnelle de la Phrase" élaborée dans le cadre des travaux du second Cercle linguistique de Prague (travaux de Dane et Firbas) et basée sur la distinction entre thème (Th) et rhème (Rh). Cette théorie revient sur la vieille question de l'ordre des mots dans la phrase. La reprise par D. Slatka [Slatka75], à la mémoire duquel est dédié cet ouvrage, B. Combettes [Combettes83] et plus récemment par S. Carter-Thomas [Carter00] des travaux de Dane et Firbas a permis de mettre en évidence, d'une part, la fonction cohésive des différents types de reprises thématiques et, d'autre part, le rôle du rhème dans la dynamique de la progression des énoncés. Ainsi, selon J.-M. Adam (p. 50),

11
Tout e – et chacune des phrases qui le constituent – possède, d'une part, des éléments référentiels récurrents présupposés connus (par le co(n)e), qui assurent la cohésion de l'ensemble, et, d'autre part, des éléments posés comme nouveaux, porteurs de l'expansion et de la dynamique de la progression informative.
2.3.
Quels es analyse-t-on ?

12
En conclusion du deuxième chapitre, J.-M. Adam se pose la question de la définition de son objet d'analyse. De quels es s'agit-il ? Selon A. Grésillon ([Grésillon89] : 185), "le linguiste, au lieu de disposer de données qui ne demandent qu'à être interprétées, a besoin de construire d'abord son objet". Cette réflexion sur l'objet d'étude fait pourtant défaut en linguistique uelle ainsi qu'en analyse de discours ou encore en explication de es. La faute est au dispositif méthodologique structuraliste, qui a prôné une autonomie et même une autotélicité des es, dont la conséquence a été le discrédit de la philologie. Or, comme le dit fort justement F. Rastier ([Rastier01] : 82) : "la philologie rappelle que les es ne sont pas des données, mais des constructions problématiques issues de diverses procédures". D'où la nécessité, selon J.-M. Adam, de l'établissement critique des es, surtout à l'époque actuelle, où les banques de données informatisées foisonnent et deviennent la principale source d'information pour les chercheurs.
3.
L'unité uelle élémentaire

13
Le troisième chapitre de cet ouvrage est en revanche consacré à l'unité uelle élémentaire, à savoir la proposition-énoncé comme proposition énoncée. J.-M. Adam met ainsi l'accent sur le fait qu'il s'agit toujours d'un acte d'énonciation : elle est énoncée par un énonciateur à destination d'un destinataire-interprétant ayant valeur de co-énonciateur. Il est ensuite question des trois dimensions complémentaires que comporte toute proposition-énoncé : une dimension énonciative [B] qui prend en charge un contenu référentiel [A] et lui donne une certaine potentialité argumentative [ORarg] qui lui confère une force ou valeur illocutoire [F] plus ou moins identifiable.
3.1.
Prise en charge énonciative des énoncés ou point de vue [PdV]

14
Le degré de prise en charge énonciative d'une proposition est susceptible d'être marqué par un très grand nombre d'unités de la langue. Sans les détailler ici, J.-M. Adam énumère les grandes catégories suivantes : a) les différentes sortes de discours rapportés ; b) les indications d'un support de perceptions et de pensées rapportées ; c) les indications de cadres médiatifs : marqueurs comme "selon", "d'après" et "pour", choix d'un verbe d'attribution de parole comme "prétendent", "paraît-il", reformulations de type "(c'est) en fait", "en réalité", et même "en tout cas", etc. ; d) les phénomènes de modalisation autonymique : "comme on dit", "pour employer un terme philosophique", "pour ainsi dire", "mieux vaut dire", "je ne trouve pas le mot", "au sens étymologique", "dans les deux sens du terme", "passez-moi l'expression", "comme tu as l'habitude de dire" ; d) les indices de personnes : depuis les pronoms et les possessifs marqueurs de la personne ("mon", "ton / votre", "son livre") ; e) les déictiques spatiaux et temporels : "hier", "demain", "ici", "aujourd'hui", etc. ; f) les temps verbaux ; g) les modalités.

15
Ces analyses sur les traces de l'hétérogénéité énonciative et les phénomènes de modalisation sont exploitables dans la perspective de la CMO, le but étant de déceler les marques linguistiques qui révèlent l'attitude du sujet parlant à l'égard de son interlocuteur, de lui-même et de son propre énoncé.
3.2.
Micro-actes de discours

16
Toute proposition énoncée possède une valeur illocutoire. L'auteur parle donc de micro-actes de langage, alors qu'au niveau uel, comme nous le verrons plus loin, il s'agit de macro-actes. Du point de vue des actes de langage, J.-M. Adam ne suit pas l'idée d'É. Benveniste de limiter l'illocutoire aux seuls performatifs explicites. Il propose le classement suivant : a) assertifs-constatifs ; b) directifs ; c) engageants ; d) déclaratifs ; e) expressifs.
4.
Types de liages des unités uelles
4.1.
Co-référence et anaphores

17
Au quatrième chapitre, l'auteur se penche sur les liages des unités uelles de . Les liages sémantiques sont de deux types : la co-référence et les anaphores d'un côté, l'isotopie du discours de l'autre. Les relations sémantiques de co-référence sont dites anaphoriques dans la mesure où l'interprétation d'un signifiant dépend d'un autre, présent dans le co-e gauche (anaphore proprement dite) ou dans le co-e droit (cataphore). Adam passe donc en revue les différentes sortes d'anaphores : résomptive (reprise du titre dans la dépêche d'agence, par exemple) ; associative (reprise par un défini dont le sens est inférable sur la des connaissances lexicales) ; pronominale, qui est par définition fidèle car elle n'indique généralement aucune nouvelle propriété de l'objet.

18
Au-delà de la reformulation, dont le but est de maintenir un continuum de signification, toutes les formes d'anaphores et de chaînes de co-référence assurent aussi la progression uelle par spécifications nouvelles et mobilisation des références virtuelles des lexèmes convoqués (p. 95) :

Les liens anaphoriques jouent un rôle capital non seulement dans la cohésion, mais dans la progression par modifications progressives d'un référent qu'ils ne seent généralement pas de simplement reprendre.

19
Quant au deuxième type de liages, comme l'écrit M. Arrivé ([Arrivé76] : 115) : "Lire un e, c'est identifier la (les) isotopie(s) qui le parcoure(nt) et suivre, de proche en proche le (dis) cours de ces isotopies". J.-M. Adam s'attarde ainsi sur les faits de co-topie, hétérotopie et polyisotopie.

20
En ce qui concerne l'interaction sur Internet, L. Mondada fait remarquer que malgré la discontinuité apparente, la CMO reprend l'organisation de l'information comme à l'écrit, par exemple en faisant usage de la cataphore ([Mondada99] : 5).
4.2.
L'implicite

21
L'incomplétude est la règle du discours, en vertu d'une loi d'économie du langage qui permet de ne pas tout dire (opération d'abrègement) et d'impliciter ce que l'auditeur ou le lecteur peuvent restituer facilement et / ou inférer sur la de diverses formes d'implicite. Dans un e, "Ce qui est dit – posé – est inséparable de ce qui est présupposé" (p. 115). J.-M. Adam reprend ici l'exemple bien connu du verbe transformatif - l'exemple étant en l'occurrence "Lucky Luke a cessé de fumer" (T1) - et la distinction opérée par O. Ducrot entre contenu présupposé et sous-entendu d'un côté, contenu posé de l'autre. Toutefois, à la différence de la "pragmatique intégrée" d'O. Ducrot, J.-M. Adam emploie la notion de "préconstruit". Lorsque quelqu'un énonce T1, il sous-entend probablement une idée unanimement reçue aujourd'hui, au point d'être imprimée sur les paquets de cigarettes : "Fumer nuit gravement à la santé" (donc à la santé de Lucky Luke). J.-M. Adam classe les idées reçues dans une catégorie d'implicites préconstruits, non impliqués par la structure linguistique des énoncés, contrairement aux présupposés, mais proches des sous-entendus proprement dits. Ces derniers sont dérivés par un processus interprétatif au cours duquel l'acte d'énonciation "Si elle ou il me dit T1" reçoit une interprétation du type "c'est qu'elle ou il veut me dire quelque chose d'autre" ([Ducrot77] : 33).

22
Ainsi, c'est probablement pour nous reprocher de fumer ou nous inciter à arrêter à notre tour que quelqu'un nous dira T1, en s'appuyant sur le préconstruit qui veut que fumer nuit gravement à la santé. La notion de préconstruit est liée à celle d'interdiscours et représente une reformulation des théories de la présupposition d'O. Ducrot.

23
L'inférence joue assurément un rôle majeur dans l'interprétation des messages échangés dans la CMO. Cela s'explique en partie par le principe d'économie qui caractérise toute communication, mais surtout par la nature particulière de ces types d'interaction, caractérisés par la rapidité et la place prééminente accordée aux sous-entendus. Par ailleurs, la notion de préconstruit peut être pertinente toujours dans cette direction et en relation avec le concept de communauté discursive.
4.3.
Les connecteurs

24
La fonction fondamentale des connecteurs est de marquer une connexité entre deux unités sémantiques pour créer une structure "p connex q" ([Nølke02] : 186). Ces morphèmes contribuent à la linéarisation du discours. Ce qui les différencie, c'est qu'ils ajoutent ou non à cette fonction de connexion l'indication de prise en charge énonciative (PdV) et / ou d'orientation argumentative (ORarg). Les emplois et la fréquence des connecteurs varient selon les genres de discours. Leur fonctionnement change aussi en fonction des types de mise en e : ils ont un poids plus important dans les es argumentatifs, où ils servent à mettre en évidence les relations entre les arguments et contre-arguments, entre la thèse propre et la thèse adverse, alors qu'ils sont moins indispensables dans un e narratif, où le déroulement chronologique est assuré par la succession des énoncés ([RiePelRioul94] : 623).

25
À côté des connecteurs, les organisateurs uels jouent un rôle dans le balisage des plans de e. Il y a les organisateurs spatiaux ("à gauche / à droite", "devant / derrière", "(au-) dessus / dessous", "plus loin", "d'un côté / de l'autre", etc.), les organisateurs énumératifs, où il faut distinguer entre les simples additifs ("et", "ou", "aussi", "ainsi que", "avec cela", "de même", "également", "en plus",...) et les marqueurs d'intégration linéaire qui ouvrent une série ("d'une part", "d'un côté", "d'abord", etc.), signalent sa poursuite ("ensuite", "puis") ou sa fermeture ("d'autre part", "enfin", "de l'autre", "en conclusion").

26
Le passage d'un objet de discours à un autre, en revanche, est souvent souligné par des marqueurs de changement de topicalisation comme "quant à" ou "en ce qui concerne". Les marqueurs d'illustration et d'exemplification, eux, ont pour fonction d'introduire des exemples : "par exemple", "en particulier", "notamment".

27
Particulièrement importants du point de vue de la prise en charge énonciative sont les marqueurs de cadre médiatif ou de "sources du savoir" : "Ces marqueurs signalent qu'une portion de e n'est pas prise en charge (sa vérité garantie) par celui qui parle, mais médiatisée par une autre voix ou PdV." (p. 122). De même, la catégorie des marqueurs de reformulation souligne une reprise méta-énonciative qui est souvent une modification de point de vue ("c'est-à-dire", "autrement dit", etc.). À ces marqueurs, il faut ajouter les marqueurs de conversation ("bon", "ben", "pis", "alors") et autres phatiques ("tu sais", "tu vois", "euh", etc.). Ces derniers jouent un rôle très important dans la CMO. Par exemple, un phénomène spécifique aux clavardages est la rupture de l'alternance dans les tours de parole et la séparation des paires adjacentes de type question-réponse, d'où l'usage fréquent d'interjections conatives et des phatiques [Torres01].
4.4.
Chaînes d'actes de discours

28
Si plus haut J.-M. Adam s'est intéressé aux micro-actes de discours qui caractérisent les propositions-énoncés, il élargit ici la perspective pragmatique au e envisagé comme un tout. En effet, un e n'est pas une simple suite d'actes d'énonciation possédant une certaine valeur ou force illocutoire, mais une structure d'actes de discours liés. Le principe de cette structure hiérarchique a très tôt été envisagé par E. Roulet [RouAucScheMoRu85] et par D. Viehweger ([Viehweger90] : 49) : "Les analyses concrètes montrent que les actes illocutoires qui constituent un e forment des hiérarchies illocutoires subsidiaires [...]". Viehweger, en particulier, reproche aux "grammaires de e" de ne pas saisir la structure actionnelle des discours.
5.
Période et séquences : unités compositionnelles de

29
En faisant de la proposition-énoncé une unité uelle élémentaire (chapitre 3) et en envisageant ensuite les grandes opérations qui règlent les liages de ces unités (chapitre 4), J.-M. Adam s'est plutôt attaché à la deion des agencements linéaires. Aussi, au cinquième chapitre, se penche-t-il sur le passage "de la mise en série des propositions-énoncés à leur empaquetage sémantique dans des unités uelles de niveaux croissants de complexité" (p. 136). Il décrit les unités compositionnelles de : période et séquences.

30
La notion de période, théorisée par les grammairiens et les styliciens classiques, est réapparue dans la linguistique des années 80, sous la plume des spécialistes de l'oral (Luzzati, Blanche-Benveniste, Berrendonner). Dans le champ de la linguistique uelle, M. Charolles a été le premier à considérer la période comme un des plans d'organisation de la ualité.

31
En ce qui concerne les séquences, J.-M. Adam revient ici sur son livre de 1992 dont "le but a été de développer cette hypothèse des différents agencements préformatés de séquences contre les typologies de es" (p. 137). En réalité, dans son ouvrage de 1999, il va encore plus loin, affirmant vouloir "en finir avec les types de es" ([Adam99] : 81), cette typologie étant incapable, selon lui, de rendre compte de la diversité et de l'hétérogénéité des productions uelles. D'où sa préférence pour les "prototypes de séquences".

32
Ces différents agencements sont dits "narratif", "argumentatif", "explicatif", "dialogal" et "deif". Les cinq types de retenus correspondent à cinq types de relations macrosémantiques mémorisées par imprégnation culturelle (par la lecture, l'écoute, et la production de es) et transformées en schéma de reconnaissance et de structuration de l'information uelle. En distinguant des formes élémentaires de ualisation dites "narratives", "deives", "argumentatives", "explicatives" ou "dialogales", les propositions de J.-M. Adam s'inscrivent dans le prolongement linguistique de la théorie psycho-cognitive des schémas qui a son origine dans les travaux de Barlett [Barlett32] et qui a été développée surtout par Kintsch et Van Dijk (la psychologie cognitive est l'approche choisie dans un récent ouvrage faisant le point sur l'"activité de comprendre" (voir [HamonRen06]).
6.
Le e comme unité compositionnelle et configurationnelle

33
J.-M. Adam met en exergue du sixième chapitre cette affirmation de M. Meyer : "Certes le e se matérialise bien par l'ensemble des phrases qui le composent, mais il les dépasse toujours." ([Meyer92] : 88) Avec O. Mink et Ricœur, J.-M. Adam appelle "configurationnelle" cette unité sémantique et pragmatique qu'est le e "au sens où elle subsume les parties et se présente comme une saisie compréhensive du sens" (p. 175). Ce sont donc l'unité thématique et l'unité illocutoire qui déterminent la cohérence sémantico-pragmatique globale d'un e.

34
Les plans de e jouent, quant à eux, un rôle essentiel dans la composition macro-uelle du sens. Ils correspondent à ce que la rhétorique rangeait dans la disposition. Ce modèle rhétorique ne rend toutefois pas compte de la variété des plans de es possibles. Un plan de e peut être "conventionnel", c'est-à-dire fixé par l'état historique d'un genre ou d'un sous-genre de discours. Mais le plan de e d'un éditorial, d'une chanson ou d'un poème, du rédactionnel d'une publicité, d'un discours politique, d'une nouvelle ou d'un roman est, le plus souvent "occasionnel", inattendu, décalé par rapport à un genre ou à un sous-genre de discours. J.-M. Adam tient à préciser que si la structuration séquentielle est facultative, dans la mesure où les empaquetages de propositions n'aboutissent pas toujours à des séquences complètes, le plan de e, en revanche, est "le facteur unifiant de la structure compositionnelle" (p. 177).

35
Peut-on étendre, appliquer la notion de "plan de e" à la CMO ? Compte tenu de sa plus importante structuration par rapport aux échanges des forums et des clavardages, le courriel est peut-être la forme où cette notion serait la plus pertinente.
6.1.
L'effet de dominante

36
En dépit de cette hétérogénéité fréquente, la caractérisation globale d'un e résulte d'un effet de dominante : le tout uel est, dans sa globalité et sous forme de résumé, caractérisable comme plutôt "narratif", "argumentatif", "explicatif", "deif" ou "dialogal". Le concept de "dominante", que J.-M. Adam applique ici à la caractérisation globale des es, a été utilisé en linguistique, dans des cones très différents, par Ch. Bally et par R. Jakobson. Dans le célèbre article de 1935 où il définit l'œuvre poétique comme "un message verbal dans lequel la fonction esthétique est la dominante" ([Jakobson73] : 147), Jakobson développe une réflexion sur la façon dont une dominante "pèse sur la structure" ([Jakobson73] : 146). J.-M. Adam fait néanmoins remarquer que parler de dominante d'un type ou d'un autre de séquences ne signifie pas replonger dans les typologies de es, auxquelles l'auteur reproche de ne pas saisir la complexité des agencements séquentiels.

37
Dans la CMO les effets de dominante relèvent de l'explicatif, du deif et de l'argumentatif.

38
Quant au dialogal, des distinguos s'imposent entre clavardages, courriels et forums. Par exemple, comme le signale M. Marcoccia (cité par [CelikMang04]),

dans un forum de discussion, il est impossible de sélectionner un destinataire. Toute intervention est "publique", lisible par tous les participants au forum, même si elle se présente comme la réaction à une intervention initiative particulière. L'aparté est impossible : le polylogue est la forme habituelle du forum et le multiadressage en est la norme.
6.2.
Macro-structure sémantique (thème, topic) et micro-actes de discours

39
Un e peut presque toujours être sémantiquement résumé par un titre (donné ou à déduire). On parle à ce propos de "macro-structure sémantique" ou de "thème-topic du discours" établi soit à la production pour guider l'interprétation, soit lors de la lecture / audition d'un e. Comprendre un e, c'est également pouvoir répondre à une question pragmatique : pourquoi, pour accomplir quel but, avec quelle visée argumentative, ce e a-t-il été produit ? Comprendre l'action langagière engagée en dérivant ainsi un macro-acte de discours d'une suite plus ou moins hiérarchisée d'actes est une autre façon de résumer un e et donc de l'interpréter dans sa globalité.
7.
Le fonctionnement uel des temps verbaux

40
Le septième chapitre est consacré au fonctionnement uel des temps verbaux. H. Weinrich a été un des premiers à examiner le rôle uel des temps verbaux [Weinrich73] dans une perspective qu'il nommait déjà la "linguistique uelle". Contrairement à ce qui se fait encore dans les travaux les plus récents, qui ne prennent comme objet d'analyse que des suites de deux phrases, H. Weinrich s'intéressait aux effets uels liés aux suites de temps identiques (suites de passé simple ou de passé récent, etc.) et aux transitions entre temps proches (passé simple + imparfait différente de passé récent + futur, par exemple).

41
J.-M. Adam se démarque néanmoins de la position de H. Weinrich lorsque celui-ci affirme que seules les transitions homogènes "garantissent la consistance d'un e, sa ualité" ([Weinrich73] : 204). Selon J.-M. Adam, en revanche, les variations énonciatives marquées par les formes verbales font partie des effets de sens propres aux es. Ce bref chapitre se penche précisément sur les effets de ces transitions, l'objectif étant de dessiner "les grandes lignes d'une approche globale de l'emploi uel du système verbal français" (p. 194).

42
En s'appuyant sur É. Benveniste, J.-M. Adam souligne que la possibilité d'une narration au passé composé divise le discours en "narration de discours" et "énonciation de discours". La présence de déictiques comme "maintenant" dans un co-e à l'imparfait et même au passé simple s'explique, elle, par le fait que le repérage de l'énoncé est interne au monde construit par le e. Dans ce mode énonciatif non actualisé, l'origine de la référence temporelle est à chercher dans une deixis que l'on peut dire "secondaire". Rappelons que le recours à la "deixis uelle" est l'un des phénomènes qui, dans la CMO, assurent une certaine organisation de l'information, malgré la discontinuité apparente qui caractérise ce type de communication ([Mondada99] : 5).

43
J.-M. Adam reprend la distinction opérée par É. Benveniste entre les systèmes de l'"énonciation de discours" et de l'"énonciation historique", qui propose un dépassement des représentations traditionnelles des paradigmes verbo-temporels. Cette division du système des temps correspond, chez H. Weinrich, à l'opposition entre erzählte Welt "monde raconté" et besprochene Welt qui, d'après J.-M. Adam, a été improprement traduit par "monde commenté" ou "commentaire", alors que Besprechen signifie : discuter, débattre, parler de quelque chose avec quelqu'un.

44
L'auteur déplore que cette tendance à la division binaire se soit malheureusement figée dans la vulgarisation scolaire du couple récit / discours, introduisant une confusion qu'É. Benveniste avait pourtant dénoncée par anticipation : "Nous parlons toujours des temps du 'récit historique' pour éviter le terme "temps narratifs" qui a créé tant de confusion" ([Benveniste76] : 242). Dans Le e narratif déjà, J.-M. Adam s'en prenait à la mauvaise lecture d'É. Benveniste et à la mauvaise traduction du e d'H. Weinrich ([Adam94] : 236). Il regrette ensuite que le glissement terminologique ait induit, depuis H. Weinrich, G. Genette et D. Maingueneau, une confusion entre plans énonciatifs et séquentialité.

45
Il est intéressant de remarquer que J.-M. Adam s'en tient ici à la distinction par É. Benveniste entre "discours" et "histoire", alors qu'à la suite de D. Maingueneau on préfère aujourd'hui utiliser les termes de "plan embrayé" (= discours) et "plan non embrayé" (= histoire), considérés moins ambigus que les dénominations choisies par É. Benveniste. Une définition de dictionnaire ou un proverbe, par exemple, ne sont pas des énoncés narratifs, mais ils sont dépourvus d'embrayage. Ils relèvent ainsi du "plan non embrayé", mais non du récit ([CharauMaingue02] : 210-211).
8.
Analyse uelle d'un récit de Jorge Luis Borges :"Le Captif"

46
Dans ce huitième et dernier chapitre, J.-M. Adam procède à l'analyse translinguistique de ce bref récit de J. L. Borges. Il propose une approche uelle de sa traduction, critiquant celle donnée par R. Caillois. L'analyse de ce e permet à J.-M. Adam de rassembler quelques-unes des propositions théoriques et méthodologiques développées dans les précédents chapitres de son ouvrage. J.-M. Adam commence par souligner que ce e s'inscrit dans la formation sociodiscursive littéraire latino-américaine. Il pointe ensuite les lacunes de la traduction par R. Caillois : elle manque le réseau de connexions entre titre, co-e, intere et interculture. J. M. Adam dégage enfin la structure compositionnelle de ce e.
9.
Pour conclure

47
Dans cet ouvrage, l'auteur fait preuve de toute la rigueur qu'on lui connaît et varie opportunément les genres analysés : es de La Bruyère à Borges, es journalistiques et politiques (dont un discours de Giscard d'Estaing). Il fait ainsi émerger les usages de la langue en discours et la complexité des agencements uels d'énoncés. En parlant d'analyse uelle des discours, J.-M. Adam entame ici un dialogue entre la linguistique uelle, qui relève des sciences du langage, et les disciplines des es littéraires (comme la stylistique) d'une part ; entre la linguistique uelle et les "sciences de l'information et de la communication" d'autre part (cf. [AdamBonh97]). De ce point de vue, on peut souhaiter un élargissement de son corpus à la CMO qui, on l'a vu, participe des genres traditionnels tout en introduisant des aspects nouveaux qu'il s'agit de creuser à l'aide des notions présentes dans cet ouvrage. Cela aiderait à faire progresser les connaissances à la fois dans le domaine de la linguistique uelle et dans celui de la CMO.
Références

Les liens externes étaient valides à la date de publication.

Les liens externes étaient valides à la date de publication.
Bibliographie

[
Adam90]
Adam, J.-M. (1990). Éléments de linguistique uelle. Bruxelles-Liège : Mardaga.

[
Adam94]
Adam, J.-M. (1994). Le e narratif. Paris : Nathan.

[
Adam99]
Adam, J.-M. (1999). Linguistique uelle - Des genres de discours aux es. Paris : Nathan.

[
Adam01]
Adam, J.-M. (2001). Les es : types et prototypes. Paris : Nathan.

[
Adam02]
Adam, J.-M. (2002). "Linguistique uelle". In Charaudeau, P. & Maingueneau, D. (dir.). Dictionnaire d'analyse du discours. Paris : Seuil. pp. 345-346.

[
Adam05]
Adam, J.-M. (2005). Les es : types et prototypes - Récit, deion, argumentation, explication et dialogue. Paris : Armand Colin.

[
AdamBonh97]
Adam, J.-M. & Bonhomme, M. (1997). L'argumentation publicitaire - Rhétorique de l'éloge et de la persuasion. Paris : Nathan.

[
AdaGriBoua04]
Adam, J.-M., Grize, J.-B. & Bouacha, M. A. (dir.) (2004). e et discours : catégories pour l'analyse. Dijon : Éditions Universitaires de Dijon.

[
Arrivé76]
Arrivé, M. (1976). Lire Jarry. Bruxelles : Complexe.

[
Bakthine75]
Bakhtine, M. (1975). Esthétique et théorie du roman. Paris : Gallimard, 1978.

[
Barlett32]
Barlett, Sir F. C. (1932). Remembering. Cambridge: Cambridge University Press.

[
Benveniste76]
Benveniste, E. (1976). Problèmes de linguistique générale. Paris : Gallimard.

[
Berrendonner83]
Berrendonner, A. (1983). "Connecteurs pragmatiques et anaphores". Cahiers de linguistique française, université de Genève, n° 5. pp. 215-246.

[
Bronckart96]
Bronckart J.-P. (1996). Activités langagières, es et discours. Lausanne-Paris : Delachaux et Niestlé.

[
Carter00]
Carter-Thomas, S. (2000). La cohérence uelle. Paris : L'Harmattan.

[
CelikMang04]
Celik, C. & Mangenot, F. (2004). "La communication pédagogique par forum : caractéristiques discursives". Les Carnets du Cediscor, n° 8. pp. 75-88. Paris : Presses Sorbonne. Disponible en ligne. http://w3.u-grenoble3.fr/espace_peda...t-cediscor.doc

[
CharauMaingue02]
Charaudeau, P. & Maingueneau, D. (2002). Dictionnaire d'analyse du discours. Paris : Seuil.

[
Combettes83]
Combettes, B. (1983). Pour une grammaire uelle. Bruxelles : Duculot.

[
DeBeauDress81]
De Beaugrande, R. & Dressler, W. (1981). Introduction to Linguistics. London-New York: Longman.

[
Ducrot77]
Ducrot, O. (1977). "Présupposés et sous-entendus (réexamen)". Stratégies discursives. Lyon : Presses Universitaires de Lyon. pp. 33-43.

[
DucrotSchae95]
Ducrot, O. & Schaeffer, J.-M. (dir.) (1995). Nouveau Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage. Paris : Seuil.

[
Foucault69]
Foucault, M. (1969). L'archéologie du savoir. Paris : Gallimard.

[
Grésillon89]
Grésillon, A. (1989). "Fonctions du langage et genèse du e". In Hay, L. (dir.). La naissance du e. Paris : Corti, pp. 177-192.

[
HamonRen06]
Hamon, L. & Renard, C. (2006). "Analyse de Aider les élèves à comprendre – Du e au multimédia". Apprentissage des Langues et Systèmes d'Information et de Communication (Alsic), vol. 9, n° 1. Disponible en ligne. http://alsic.u-strasbg.fr/v09/hamon/...09_06-liv3.htm

[
Jakobson73]
Jakobson, R. (1973). Questions de poétique. Paris : Seuil.

[
Labov78]
Labov, W. (1978). Le parler ordinaire. Paris : Minuit.

[
Meyer92]
Meyer, M. (1992). Langage et littérature. Paris : PUF.

[
MoeschReboul98]
Moeschler, J. & Reboul, A. (1998). Pragmatique du discours. Paris : Armand Colin.

[
Mondada99]
Mondada, L. (1999). "Formes de séquentialité dans les courriels et les forums de discussion. Une approche conversationnelle de l'interaction sur Internet". Apprentissage des Langues et Systèmes d'Information et de Communication (Alsic), vol. 2, n° 1. pp. 3-25. Disponible en ligne. http://alsic.u-strasbg.fr/Num3/monda...c_n03-rec1.htm

[
Nølke02]
Nølke, H. (2002). "Pour un traitement modulaire de la syntaxe transphrastique". Verbum XXIV,n° 1-2. pp. 179-192. Nancy : Presses universitaires de Nancy.

[
Rastier01]
Rastier, F. (2001). Arts et sciences du e. Paris : PUF.

[
RebMourRako04]
Reboul-Touré, S., Mourlhon-Dallies, F. & Rakotonoelina, F. (dir.) (2004). Les discours de l'Internet : nouveaux corpus, nouveaux modèles ? Les Carnets du Cediscor, n° 8.

[
RiePelRioul94]
Riegel, M., Pellat, J.-C. & Rioul, R. (1994). Grammaire méthodique du français. Paris : PUF.

[
RouAucScheMoRu85]
Roulet, E., Auchlin, A., Schelling, M., Moeschler, J. & Rubattel, C. (1985). L'articulation du discours en français contemporain. Berne : Peter Lang.

[
Slatka75]
Slatka, D. (1975). "L'ordre du e". Études de Linguistique Appliquée, n° 19. pp. 30-42.

[
Torres01] Torres i Vilatarsana, M. (2001). "L'analyse du discours médiatisé par ordinateur : l'apport de la linguistique à la société de l'information". In Actes du Colloque "La Communication Médiatisée par Ordinateur : un carrefour de problématiques". Université de Sherbrooke, 15-16 mai 2001. Disponible en ligne. http://grm.uqam.ca/activites/cmo2001/torres.html

[
Viehweger90]
Viehweger, D. (1990). "Savoir illocutoire et interprétation des es". In Charolles, M., Fisher,

S. & Jayez, J. (dir.). Représentations et interprétations. Nancy : Presses universitaires de Nancy. pp 41-51.

[
Weinrich73]
Weinrich, H. (1964). Le Temps. Paris : Seuil, 1973.
Bibliographie complémentaire non citée dans l'article

[
Adam06]
Adam J.-M. (2006). "Autour du concept de e. Pour un dialogue des disciplines de l'analyse des données uelles". Conférence plénière d’ouverture des Journées internationales d’Analyse des Donnéesuelles (JADT). Besançon, 19-21 avril 2006. Disponible en ligne.http://www.cavi.univ-paris3.fr/lexic...DT2006_JMA.pdf

[
AdamHeidmann06]
Adam J.-M. & Heidmann U. (2006). "Entretien de J.-M. Adam et U. Heidmann avec R. Baroni". Vox Poetica. Disponible en ligne. http://www.vox-poetica.com/entretien...nn%20adam.html
Notes

1
Dans l'introduction de ce récent ouvrage collectif, J.-M. Adam insiste sur cette proposition de méthode essentielle qui consiste à ne pas séparer les notions de e et de discours. Nous en profitons ainsi pour signaler ce recueil d'articles, qui ne figure pas dans la bibliographie très fouillée de l'ouvrage ici analysé. D'autant plus qu'on peut y lire les contributions de plusieurs auteurs convoqués dans le présent ouvrage, dont, entre autres, B. Combettes, J.-B. Grize, G. Kleiber et D. Maingueneau.

2
Nous soulignons au passage que dans l'article "linguistique uelle" du Dictionnaire d'analyse du discours, J.-M. Adam définissait déjà cette discipline comme "auxiliaire de l'analyse de discours".
خصائص اللهجات المتباينة و إقحامها على الفصحى


وعلى أساس تساوي جميع اللهجات العربية في جواز الاحتجاج بها ، لم تكن ثمة بواعث قوية تحمل القدامى على العناية باللهجات عناية خاصة ، فوقعوا في كثير من التناقض حين استنبطوا قواعدهم النحوية والصرفية من كل ما روي عن القبائل ، وأقحموا على الفصحى خصائص اللهجات المتباينة بوجوهها المتعددة ، " ولم يصدروا- كما قال سعيد الأفغاني - في تنسيق شواهدهم في خطة محكمة شاملة ، فأنت تجد في البحث من بحوثهم قواعد عدة . هذه تسند الى كلام رجل من قبيلة أسد. وتلك الى كلام رجل من تميم والثالثة الى كلمة لقرشي، و تجد على القاعدة تفريعا دعا إليه بيت لشاعر جاهلي و استثناء مبينا على شاهد واحد اضطر فيه الشاعر الى أن يركب الوعر حتى يستقيم له وزن البيت !!" .

ومنشأ هذا كله خلطهم بين اللغة الأدبية المثالية الموحدة التي هي لغة الخاصة وبين لهجات التخاطب العامة لدى القبائل الكثيرة المشهورة، على حين أن شرط اللغة هو الاطراد و التوحيد في الخصائص " وهو ما قاله ابن جني .

وتزداد الأمور تعقيدا بعد ذلك، فتدرس اللهجات في ضوء ما وضعه النحاة من القواعد والمقاييس ،ويحكم عليها- مع تنوع أصولها- من وجهة نظر واحدة هي مطابقتها أو مخالفتها لهاتيك القواعد ، كما فعل الهمذاني في كتابه "صفة جزيرة العرب ".



أشهر القبائل التي رويت لهجاتها : تميم ، طيء وهذيل :

الحق أن العرب ككل شعوب العالم كانوا قبل الإسلام وبعده منقسمين الى فئتين : فئة الخاصة التي كانت تتطلع الى صقل لغتها و تحسينها ، فتساموا في تعابيرها الى مستوى أرفع من مستوى التخاطب العادي .

وفئة العامة التي كانت تكتفي بحظ قليل من فصاحة القول وبلاغة التعبير وتمضي تبعا لتقاليدها الخاصة الى الاستقلال في صياغة جملها وتركيب مفرداتها و لحن أصواتها. و مما لا ريب فيه أن البيئة الحضرية في مكة والمدينة كانت بضرورة الحال تختلف لهجاتها عن لهجات البيئات البدوية المنعزلة التي لا تكاد تستقر على حال ، فمهما تكن اللغة العربية قد صقلت ، وتوحدت قبل الإسلام ، ومهما تكن وحدتها قد قويت وتمت بعد الإسلام لا يسعنا أن نتصورها إذ ذلك الا مؤلفة من وحدات لغوية مستقلة منعزلة متمثلة في قبائلها الكثيرة المتعددة على أن الكتب التي عرضت لتلك اللهجات كثيرا ما تغفل أسماء قبائل معينة تنسب إليها لهجة ما ، ومن خلال هذا العرض نستنتج أن أشهر القبائل التي تروى ، لها لهجات خاصة تختلف عن اللغة الأدبية المثالية اختلافا ذا بال هي : تميم و طيء و هذيل . وهي جميعا قبائل معروفة بالفصاحة ، بدوية ضاربة في أنحاء الصحراء .

ومع كثرة من ينتمي الى هذه القبائل من الشعراء يلاحظ أن أحدا من رجال الطبقة الأولى لم ينسب اليها من الجاهليين ، لا يروى عنهم الا النزر اليسير.
فمن التميميين أوس بن حجر ، وسلامة بن جندل وعلقمة بن عبدة ، وعدي بن زيد وعمرو بن الأهتم والبراق بن روحان و الأسود بن يعفر.
ومن الطائيين: حاتم الطائي ،و أبو زبيد الطائي ، واياس بن قبيصة .
ومن الهذليين: بو ذؤيب الهذلي ، وعامر بن حليس ، وخويلد بن خالد .

ومن اللهجات العربية الباقية مجموعتان رئيستان عظيمتان ، احداهما حجازية غربية ، أو كما تسمى أحيانا " قرشية " والأخرى "نجدية شرقية " أو كما تدعى أحيانا " تميمية " فهذه القسمة الثنائية الرئيسة للهجات العربية الباقية هي الحد الأدنى لتلك المجموعة الواسعة من الوحدات اللغوية المنعزلة المستقلة ، و ليستحيلن علينا بدون هذه القسمة أن نعلل تعليلا علميا صحيحا وجود تعلم و ونعلم بكسر حرف المضارعة الى جانب تعلم ونعلم بفتح حرف المضارعة .... وأمثال ذلك أكثر مما نتصور والخلاف حوله في أصلي لهجتي قريش وتميم أوسع نطاقا مما نقدر أو نستشعر. وسنرى أن لهجة قريش التي جعلتها العوامل السياسية و الدينية والاجتماعية و الاقتصادية اللغة العربية الفصحى المقصودة عند الاطلاق ، لم تكن في جميع الحالات أ قوى قياسا من لهجة تميم ، بل كثيرا ما تفوقها في بعض ذلك تميم ولكنها أي -القرشية- باعتراف من جميع القبائل وبطواعية واختيار من مختلف لهجاتها، كانت أغزرها مادة ، وأرقاها أسلوبا ، وأغناها ثروة وأقدرها على التعبير الجديد الدقيق الأنيق في أفانين القول المختلفة ،فقد ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم وكشكشة ربيعة , كة هوازن ، وتضجع قيس ، وعجرفية ضبة و تلتلة بهراء . ولقد أكد الفراء صفاء لغة قريش و أوضح أسرار ذلك الصفاء بقوله " كانت العرب تحضر الموسم في كل عام وتحج البيت في الجاهلية وقريش يسمعون لغات العرب، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به ، فصاروا أفصح العرب و خلت لغتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ ، لذلك اصطنعت قريش وحدها في الكتابة
والتأليف والشعر والخطابة ، فكان الشاعر من غير قريش يتحاشى خصائص لهجته ،ويتجنب صفاتها الخاصة في بناء الكلمة ، وإخراج الحروف وتركيب الجملة، ليتحدث إلى الناس بلغة ألفوها وتواضعوا عليها وأن أسهمت عوامل كثيرة في تهذيبها وصقلها . وفي كتب اللغة اشارات الى بعض المذموم من لهجات العرب من ذلك الكشكشة ، وهي في ربيعة ومضر يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا . فيقولون رأيتكش ، وبكش و عليكش ، فمنهم من يثبتها حالة الوقف فقط، وهو الأشهر ، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضا ، ومنهم من يجعلها مكان الكاف , يكسرها في الوصل و يسكنها في الوقف . فيقول : منش وعليش ، وفي ذلك أنشد قائلهم :

فعيناش عيناها ، وجيدش جيدها ولو نش ، الا أنها غير عاطل

ومن ذلك الفحفحة في لغة هذيل ، يجعلون الحاء عينا .
ومن ذلك الطمطمانية في لغة حمير كقولهم : طاب امهواء ، أي طاب الهواء .
ومن ذلك العجعجة في لغة قضاعة ، يجعلون الياء المشددة جيما يقولون في تميمي : تميمج .

وقال أبو عمرو بن العلاء قلت لرجل من بني حنظلة : ممن أنت ! قال فقميج فقلت . من أيهم ؟ قال مرج أراد فقيمي ومري . ولذلك اشتهر ابدال الياء جيما مطلقا في لغة فقيم حتى أنشد شاعرهم :

خالي عويف وأبو علج .. المطعمان اللحم بالعشج و بالغداة فلق البرنج

ومن ذلك شنشنة اليمن، تجعل الكاف شينا مطلقا كلبيش اللهم لبيش، أي لبيك
والخلخانية : أعراب عمان كقولهم : مشا الله كان أي ما شاء الله كان .
وعنعنة تميم : تقول في موضع أن : عن . أنشد ذو الرمة :

أعن ترسمت من خرقاء منزلة .

فلو أن شاعرا ضمن شعره شيئا من كشكشة ربيعة أو طمطمانية حمير أو عجعجة قضاعة ، وغدا ينشده في بعض أسواق العرب ، لغلبوه على أمره بالمكاء والتصدية ، ولصيروه أضحوكة من التهكم به والتندر عليه .
ولكي تتصور مثل هذا الموقف تخيل رجلا يكشكش الكافات في قول امرؤ القيس من معلقته :

أغرش مني أن حبتش قاتلي
وأنش مهما تأمري القلب بفعل


وتخيل رجلا آخر يطمطم لامات التعريف فيسأل الرسول العربي صلى الله عليه وسلم : هل من امبر امصيام في امسفر ؟ فيجيبه " ليس من امبر امصيام في امسفر" . ثم تخيل رجلا ثالثا يعجعج الياءات المسبوقة بالعينات فيقول ( الراعج خرج معج ) بدلا من ( الراعي خرج معي ) .

فلا غرو بعد هذا كله اذا نزل القرآن بلغة العرب المثالية وبارك توحدها وسما بها الى الذروة العليا من الكمال بعد أن كانت لهجة محدودة لاحدى قبائل العرب ، ولا عجب اذا اقتصر على تحدي خاصة العرب االقادرين على التعبير بتلك اللغة الموحدة . ثم لا غرابة أخيرا اذا تعددت وجوه قراءته تخفيفا على القبائل لمعضلة تباين اللهجات



نص تطبيقي حول اللهجات العربية :


قال ابن جني في باب اختلاف اللغات وكلها حجة : " اعلم أن سعة القياس يتيح لهم ذلك ، ولا تحظره عليهم ، ألا ترى أن لغة التميميين في ترك اعمال "ما"، يقبلها القياس و لغة الحجازيين في اعمالها كذلك، لأن لكل واحد من القومين ضربا من القياس يؤخذ به، ويخلد الى مثله ... هذا حكم اللغتين اذا كانتا في الاستعمال والقياس متدانيتين متراسلتين أو كالمتراسلتين ... حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة أو كة هوازن، وتضجع قيس وعجرفية ضبة، وتلتلة بهراء، فأما عنعنة تميم فان تميم تقول في موضع أن عن ... وأما تلتلة بهراء فانهم يقولون تعلمون وتفعلون وتصنعون بكسر أوائل الحروف ... "
الخصائص ج 2


تحليل النص :

1- نلاحظ مما نقله لنا ابن جني أن من بين لغات العرب نجد لغة تميم ولغة أهل الحجاز وقريش وربيعة وهوازن وقيس ... فهي لغات لقبائل عربية معروفة عاشت في الجزيرة العربية في عهد الفصاحة اللغوية .

2- إن هذه اللغات هي استعمالات لغوية ( لهجات) تفرعت عن استعمالات لغوية أصلية ، مثلا : الأصل في الفعل المضارع المشتق من الفعل الماضي المجرد على وزن فعل (بكسر العين ) أن يكون الحرف الأول فيه مفتوحا ، مثلا: علم (بفتح أوله وكسر ثانيه ) ، يعلم (بفتح عين الفعل أي اللام ) . وهذا الاستعمال اللغوي الأصلي كان شائعا في لغة أهل الحجاز والدليل على أنه أصل ، أن فتح حروف المضارعة مستعمل في جميع الأفعال المضارعة فيما ماضيه فعل ( بكسر العين ) وفيما ماضيه غير فعل( بكسر العين ) .

والاستعمال المتفرع عن هذا الأصل (1) هو كسر أوائل الأفعال المضارعة ويظهر في آخر هذا النص المدروس : " وأما تلتلة بهراء فانهم يقولون ... الحروف".

ونعني بالاستعمال المتفرع الأخذ من الأصل وهو تنوع لهجي قريب منه ، مثلا نجد تعلم ونعلم بكسر حرف المضارعة الى جانب نعلم بفتح عين المضارعة .

3 - إن الاختلافات في االلهجات العربية لا تغير المعنى، فاذا قيل : تعلم
(بفتح حرف المضارعة) أو قيل تعلم( بكسرحرف المضارعة، فالمعنى واحد. والخلاصة أن ما كان يسميه النحاة العرب الأولون مثل : الخليل بن أحمد وسيبويه وأبي علي الفارسي وابن جني، بلغات العرب ماهو الا اختلافات لهجية وتنوع في أداء بعض العناصر اللغوية وهو لا يغير المعنى. وأن لغات العرب أي اللهجات ليست سوى وجوه وكيفيات من الأداء اللغوي الفصيح تميزت بها قبيلة أو بعض الأفراد عن غيرهم .

ولهجات العرب كلها فصيحة يستشهد بها ويحتج بها في استخلاص و استنباط قواعد اللغة .

(1) الأصل والفرع مفهومان رياضيان و قد بني النحو العربي كله عليهما ، وميز النحاة العرب : الأصول عن الفروع فحددوا الأصل على أنه العنصر الثابت المستمر الذي لا يتغير والفرع هو الأصل مع الزيادة ، ويظهر التنوع في أداء اللهجات أما :

- في مستوى الحروف :
وذلك مثل عنعنة تميم : الذين كانو يقلبون الهمزة في بعض كلامهم عينا فينطقون مثلا (عن) عوض( أن) .وهذا النطق موجود الى يومنا .

- في مستوى الصيغ :
كجمع فعلة ( المعتلة والساكنة العين ) على فعلات (بفتح العين ) في لغة هذيل ، فقالوا في جوزة و بيضة : جوزات وبيضات .
بينما كره أكثر العرب أن يحركوا العين هنا ، لأن الواو والياء اذا حركتا
وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفين . وأما هذيل فتعتبر الفتحة عارضة ، لأنها لا تأتي في جميع المواضع وجميع الحالات .

في مستوى التراكيب :
كإعمال الحجازيين لـ "ما" النافية ، وقد شبهوها ب" ليس" فقالوا : ما عبد الله أخاك ، وما زيد منطلقا . بينما بنو تميم لا يعملونها.

نستنتج مما ذكر أنه ليس بين لهجات العرب اختلافات شديدة تمنع التفاهم بين القبائل
1. الدراسات اللغوية العربية النشأة والمراحل


- 1 - أسباب قيام الدراسات اللغوية العربية
-2 - المراحل : أ - مرحلة تمهيدية
ب - جمع المعطيات اللغوية
جـ- الوصف والتحليل واستنباط القواعد
د - الدراسة المتخصصة ( المدارس النحوية )
هـ - الدراسة الوظيفية (عبد القاهر الجرجاني )


لم يكن العرب أول من درسوا لغتهم بهدف وضع القواعد لصيانة الألسنة من الخطأ واللحن . فقد سبق الى ذلك شعوب كثيرة منها الهنود والعبرانيون والاغريق وغيرهم . وكانت الكتب المقدسة والديانات والمعتقدات الدينية دائما هي العامل الأساسي في انطلاق تلك الدراسات ، وهذا ماكان بالنسبة للدراسات اللغوية العربية بالاضافة الى أسباب وعوامل أخرى .

- أسباب نشأة الدراسات اللغوية العربية:

يتفق معظم الدارسين على أن العرب في الجاهلية كانوا يتكلمون لغتهم بالسليقة ولم يكونوا بحاجة الى قواعد لغوية ،مع وجود بعض الاستثناءات التي لم تكن تشكل خطرا على اللغة علما أن الخطأ واللحن والانحراف اللغوي كان من العيوب التي قد لا تغتفر .
فقد جاء الاسلام ونزل القرآن الكريم في المستوى الأعلى من البلاغة والفصاحة(بلسان عربي مبين) أي باللغة المشتركة أو ما يسمى الآن بالفصحى ، التي يرى بعضهم أنها لهجة قريش التي كان لها من العوامل والظروف ما جعلها اللهجة الأرقى التي تبناها العرب وجعلوها لغتهم الرسمية التي يتعاملون بها على الصعيد الرسمي والمناسبات الأدبية والمواسم. وقد كان ما جاءنا من الشعر الجاهلي كله بهذه اللغة المشتركة مع اشارات الى بعض اللهجات العربية الخاصة التي ظهرت أيضا باللغات العربية المسموح بها (الجائزة ) .

هذا وقد ظل الأمر كذلك بعد مجيء الإسلام ، اذ أن السليقة لم تزل قاسما مشتركا بين العرب الذين دخلوا تحت راية هذا الدين ، وتوحدوا تحت لوائه وعزز القرآن وحدتهم اللغوية ، ولم تكن الدروس اللغوية الا ملاحظات عابرة تصحح بها بعض الأخطاء ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الملازمين يتلون القرآن الكريم كما أنزل فيتبعهم في ذلك المسلمون حفظا وتلاوة . لكن الأمر لم يبق على هذه الحال لأن الاسلام جاء وبأمر من الله الى الناس كافة ، وكان لا بد أن ينطلق العرب المسلمون بهذه الأمانة لتبليغها للناس خارج حدود الجزيرة العربية . وقد أيدهم الله بالنصر وفتح على الاسلام والمسلمين ، فدخلت الأمم والشعوب في هذا الدين ، الذي كانت اللغة العربية لغته الرسمية ولغة دستوره(القرآن الكريم) .

وكان لا بد للمسلمين غير العرب من تعلم هذه اللغة أو الالمام بها ، لا سيما أن بعض شعائر الاسلام لا بد أن تؤدى باللغة العربية ، وأن تلاوة القرآن عبادة يتقرب بها المسلم الى ربه.

زيادة عن العلاقات الاجتماعية التي جعلت المسلمين على اختلاف أجناسهم امة واحدة يختلطون ويتعاملون .فلا بد من لسان يساعدهم على تمتين الروابط بينهم ، وقد كان اللسان العربي - بلا شك - هو المثل الأعلى وكان العرب المسلمون هم القدوة . ولكن أ من السهل محاكاة العرب ومجاراتهم في لغتهم لكل من دخل الاسلام ؟ وهل يمكن للعرب ألا يتأثروا بلغات تلك الأمم ورطاناتها ؟

بدأت السليقة تضعف وبدأت آثار الاختلاط تظهر سلبا على العربية ، وبدأ اللحن يتفشى ليس على ألسنة غير العرب فحسب ، بل وعلى ألسنة العرب أنفسهم ، حتى الخاصة منهم . ووصل الأمر- كما تذكر بعض الروايات الى تلاوة القرآن الكريم وعلى لسان بعض المقرئين ،مما أدى الى الاستنكار ورفع القضية الى الخليفة لتدارك الأمر .
وهكذا كانت الفتوحات الاسلامية وتوسع الحدود عاملا وسببا في شيوع اللحن وكان شيوع اللحن من الأسباب التي دفعت الى نشأة الدراسات اللغوية العربية. ولا شك أن العامل الديني كان العامل المركزي ، فالخوف على لغة القرآن - وليس على القرآن نفسه كما يذكر على بعض الألسنة - دفع الغيورين للقيام بعمل يصون الألسنة من الزلل والانحراف .

ولذا يمكن أن نسجل العوامل والأسباب كما يلي :
1- العامل الديني : للمحافظة على فهم القرآن وحسن تلاوته و استخراج الأحكام الشرعية .
ويرتبط بهذا العامل أسباب الخوف من فساد الألسنة بسبب :
أ- توسع الحدود بعد الفتوحات الاسلامية و نتج عنه :
ب - الاختلاط وتأثر العربية بغيرها من اللغات ( الألسن )
2 - هناك من يرى بوجود عامل آخر ، هو العامل القومي ويتمثل في حب العرب للغتهم و غيرتهم عليها .
3 - عامل فكري حضاري ، وهو ارتقاء التفكير عند العرب بسبب حضارية الدين الاسلامي و دعوته الى العلم بالاضافة الى الاحتكاك الفكري بالأمم الأخرى .
4 - وقد نضيف عامل الظروف العامة من حب خدمة الدين وهو بمثابة الجهاد وربما بعض الفراغ لخلو الحياة من بعض التعقيدات المعاصرة .

وهكذا تضافرت كل هذه العوامل وغيرها لقيام مشروع دراسة العربية ووضع قواعدها وقد مر ذلك بمراحل يمكن ايجازها فيما يلي :


1- المرحلة التمهيدية : وكانت مرتبطة بالقرآن الكريم لضبط تلاوته ضبطا نحويا صحيحا ، لأن الخطأالنحوي قد يغير من مدلول الآيات حتى يصل بذلك الى المحظور ، مثال ذلك ما ورد من قراءة بعض القراء " ان الله بريء من المشركين ورسوله " بكسر لام رسوله بدلا من رفعها .

ويعد أبو الأسود الدؤلي المتوفى( 69 هـ) علم هذه المرحلة ، بل يقال:إنه أول من وضع علم النحو ، وكان ذلك عندما قام بضبط المصحف الشريف بوضع ما يسمى بنقاط الاعراب على أواخر الكلم لبيان وظيفتها النحوية ، حيث أتى بكاتب من بني عبد القيس وقال له: نظر الى شفتي وأنا أقرأ فان فتحت شفتي فضع نقطة فوق الحرف ، وان كسرت فضع نقطة تحت الحرف ،وان ضممت فضع نقطة بجانب الحرف وان أتبعت ذلك غنة (ويريد بذلك التنوين) فضع نقطتين بدل النقطة ، وهكذا عمل معه من بداية المصحف حتى نهايته ويقال إن نقاط الاعراب هذه التي تدل على الحركات ظلت حتى جاء الخليل فاستبدل بها حركات الاعراب الحالية : الفتحة والضمة والكسرة (1).

الدراسة الوصفية التحليلية الشاملة :
المرحلة الأولى : وتتمثل في جمع المعطيات اللغوية ، فبالاضافة الى القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة والشعر العربي ، كانت هناك اللغة والألفاظ التي يستعملها العرب أو الأعراب الذين يعتقد أن لغتهم لم تزل صحيحة لبعدهم عن أماكن الاختلاط وتحصنهم في قلب الصحراء ، لذلك فقد حددت الأماكن2)) والقبائل التي يمكن الأخذ عنها والاطمئنان الى لغتها مثل قيس وتميم و أسد و بعض كنانة وهذيل وبعض الطائيين .

فقد ارتحل علماء اللغة الى قلب الصحراء يستمعون الى الأعراب ويسجلون لغتهم بطريقة السؤال المباشر وغير المباشر .
وربما انعكست هذه الرحلات اللغوية فيما بعد فصار الموردون من الأعراب يفدون الى الحواضر ويقدمون بضاعتهم من اللغة والألفاظ الى المهتمين .
وهكذا تشكلت لدى العلماء ثروة هائلة من المعطيات اللغوية الصالحة للدراسة.

المرحلة الثانية : وهي مرحلة التصنيف والتبويب ، فقد كانت المعطيات اللغوية قد جمعت في كثير من الأحيان بطريقة عشوائية ، فتم جمعها وتنظيمها في مجموعات (رسائل) حسب الموضوعات فكانت كتب مثل: كتاب الابل ، وكتاب الخيل ، والنبات وغير ذلك ... ثم كان فيما بعد جمع عام للألفاظ العربية ( المعاجم العامة ) كمعجم الخليل .
وقبل دراسة المعطيات اللغوية تم تصنيفها بطريقة أخرى ، يمكن أن تسمى شكلية أو نحوية ، فكانت قوائم للأفعال ، وأخرى للأسماء ، وثالثة للحروف .

(1)أنظر المشجر المرفق الذي يبين أهم علماء العربية الأوائل .
(2)أنظر في آخر المحاضرة ملحقا يبين أهم القبائل التي أخذت عنها اللغة

المرحلة الثالثة : مرحلة الاستقراء والمقارنة واستنباط القواعد العامة للغة من خلال دراسة هذه المعطيات التي تمثل الطريقة التي كان عليها العرب في كلامهم ، من حيث الرفع والنصب والجر والوقف ، وكل ما يتعلق بالنحو بالمعنى العام .
ولا بد من الاشارة هنا الى أن الدراسة في هذه المرحلة كانت عامة و في كل الجوانب ، وكان تصنيف تلك المعطيات النحوية حسب البيئة اللغوية ، وليس حسب الزمن مثلا عندما جمعوا الأفعال الماضية جمعوا كل الأفعال المفتوحة الآخر .
وكانت القواعد المستخلصة أشبه بعلم اللغة العام ، ففيها النحو والصرف والبلاغة وغير ذلك .

المرحلة الرابعة : كل علم يبدأ عاما شاملا ثم يتجه نحو التخصيص ، وهذا ما كان بالنسبة للدراسات اللغوية العربية . فقد ازداد التعمق في الدراسات النحوية ، وحدث الخلاف في وجهات النظر ، نظرا لاختلاف اللهجات العربية ، ولشدة المنافسة بين العلماء ، فظهر ما يسمى بالمدارس النحوية

(1) وكان على رأسها مدرسة البصرة، التي تميزت بالاصرار على الاعتماد على ما جاء على ألسنة عرب الصحراء دون الحواضر وعدم الأخذ بالشواذ من الشواهد الفردية ، ثم انشقت عنها مدرسة الكوفة واختلفت عنها في المنهج فقبلت الشاذ وقاست عليه ،كما اعتدت بكل كلام العرب ، سواء كان من بدو الصحراء أو من الحواضر .

المرحلة الخامسة : في نهاية القرن الخامس الهجري اتخذت الدراسة اللغوية العربية منهجا جديدا وهو منهج الدراسة الوظيفية للغة ، وكان ذلك على يد الامام عبد القاهر الجرجاني الذي أعاد للدراسة اللغوية العربية روحها ، وأكد على ربط النحو بالبلاغة ، لأن للغة وظيفة أساسية هي الاتصال .

(1) سنقدم محاضرة خاصة حول المدارس النحوية .

القبائل التي أخذت عنها العربية هي :قيس ، تميم ، أسد ،هذيل ، بعض كنانة ، بعض الطائيين .
و لم يؤخذ من لخم وجذام لمجاورتهم القبط ن ولا من قضاعة وغسان و اياد لمجاورتهم أهل الشام و أكثرهم نصارى يقرؤون بالعبرانية.
(الفارابي في كتابه الألفاظ والحروف. عن المزهر ج/ 1 ص 211 - 212)
أما ترتيب القبائل حسب نصيبها من الألفاظ القرآنية فهو كما يلي :
قريش ، هذيل ، كنانة ، حمير ، جرهم ، تميم ، قيس عيلان ، أهل عمان وأزدشنوءة ، خثعم ، طيء ، مذحج وغسان ، بنو حنيفة ، حضرموت ، أشعر ، أغار ، خزاعة ، بنو عامر ، لخم ، كندة ، سبأ ، أهل اليمامة ، مزينة ، ثقيف ، العمالة ، سعد العشيرة .
( مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة ج/ 68 سنة 1991 ص 155)
- مشجر يبين أهم علماء الدراسات اللغوية العربية حتى القرن الرابع الهجري -




نص تطبيقي حول نشأة الدراسات اللغوية العربية :
يقول شوقي ضيف : " فالأصل في كل علم أن تبدأ فيه نظرات متناثرة هنا وهناك ، ثم يتاح له من يصوغ هذه النظرات صياغة علمية تقوم على اتخاذ القواعد وما يطوى فيها من أقيسة وعلل ... ومعروف أنه لكي يصاغ علم صياغة دقيقة لا بد له من اطراد قواعده ، وأن تقوم على الاستقراء الدقيق ... وأما من حيث الاستقراء، فقد اشترطوا صحة المادة التي يشتقون منها قواعدهم ، ومن أجل ذلك رحلوا الى أعماق نجد ، وبوادي الحجاز وتهامة يجمعون تلك المادة من ينابيعها الصافية التي لم تفسدها الحضارة ، وبعبارة أخرى رحلوا الى القبائل المتبدية المحتفظة بملكة اللغة وسليقتها الصحيحة . وهي قبائل تميم وقيس وأسد وطيء وهذيل وبعض عشائر كنانة ... وأضافوا الى هذا الينبوع الأساسي ينبوعا بدويا زحف الى بلدتهم من بوادي نجد ، وهو نفر من الأعراب الكاتبين ، قدم الى البصرة واحترف تعليم شبابها الفصحى السليمة وأشعارها وأخبار أهلها ...
وكان القرآن الكريم وقراءاته مددا لا ينضب لقواعدهم ... وكانوا لا يحتجون بالحديث النبوي ولا يتخذونه إماما لشواهدهم وأمثلتهم لأنه لروي بالمعنى إذ لم يكتب ولم يدون الا في المائة الثانية للهجرة، ودخلت في روايته كثرة من الأعاجم " .


المدارس النحوية
التحليل :
يتحدث شوقي ضيف عن أهم المبادئ التي اعتمدها علماؤنا الأوائل - ابتداء من القرن الأول للهجرة - لتأسيس علوم اللغة العربية من نحو وصرف
و بلاغة ... إضافة الى أهم المصادر التي اعتمدوا عليها لجمع المادة اللغوية والتي تمثل الكلام العربي الفصيح.
أ- المبادئ :
- الفصاحة : إذ بقول : "... اشترطوا لصحة ... كنانة ".
فهو هنا يحدد لنا القبائل العربية التي أخذت عنها اللغة ،ويعود سبب هذا الانتقاء الى تصنيف القبائل العربية الى قبائل فصيحة يعتد بلغتها وقبائل غير فصيحة ، والقبائل الفصيحة تحمل في لغتها :صفاء المتن ، والبداوة ، نتيجة عدم مخالطتهم للأعاجم فهم عرب نشئوا وعاشوا في زمن الفصاحة العربية فبقوا على سليقتهم و تجافت ألسنتهم عن مخالفة الكلام الفصيح ويظهر ذلك في قول صاحب النص: "... رحلوا الى أعماق نجد ... وأخبار أهلها" .
عاش هؤلاء العرب الفصحاء في شبه الجزيرة العربية ، في قبائل حددها صاحب النص بقبائل نجد ، بوادي الحجاز ، تهامة ، تميم ، قيس ، أسد ، طيء ، هذيل ، بعض عشائر كنانة .

واستطاع أهل تلك البوادي أن يحافظوا على سلامة لغتهم وبيانها بفضل انعزالهم عن البيئات التي تحول فيها اللسان العربي .
وتحدد الفترة الزمنية للفصاحة اللغوية ابتداء من العصر الجاهلي الى القرن الرابع الهجري أي من زمن امرئ القيس الى زمن ابن جني .
الا أن الفترة الزمنية للفصاحة اللغوية انتهت بالنسبة للحواضر أي المدن بنهاية القرن الثاني للهجرة وبالنسبة للبوادي بنهاية القرن الرابع للهجرة
ب - المصادر :
1- القرآن الكريم : يقول عنه صاحب النص أنه :"مدد لا ينضب لقواعدهم "
فالقرآن الكريم كان أول مصدر اتجه إليه العلماء عند جمع اللغة لما فيه من مفردات و استعمالات كانت أصح مصدر لعلماء اللغة .
2 - سماع الأعراب في البادية : "وأضافوا الى هذا الينبوع الأساسي ... من الأعراب الذين وثقهم علماء البصرة " .
فالأعراب من أهم مصادر جمع اللغة، فكثيرا ما كان علماء اللغة يرحلون الى البادية ويمضون فيها الأعوام بين الأعراب ممن سلمت لغتهم فكانوا يسمعون هؤلاء جميعا: رجالا ونساء وغلمانا ويصغون لأحاديثهم في كل شأن من شؤونهم و يدونون ما يسمعون منهم .

أهم المدارس النحوية في الدراسات اللغوية العربية :
تميزت مرحلة الدراسة النحوية المتخصصة بظهور ما يسمى بالمدارس النحوية وأهمها :
- المدرسة البصرية
- المدرسة الكوفية
- المدرسة البغدادية

وهناك مدارس أخرى مثل :
- المدرسة المصرية
- المدرسة الأندلسية
أوائل النحاة :
بدأت نشأة علم النحو بالبصرة على يد آبي الدؤلي(ت 19 هـ ) وتوالت
طبقات النحويين البصريين طبقة بعد طبقة وبعد نشأة النحو ظهرت طبقات من النحويين ومن أهم هده الطبقات 1)
الطبقة الأولى : أعلامها :
- نصر بن عاصم
- عبد الرحمن بن هرمز ت 117 هـ
- عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ت 117 هـ
- عنبسة الفيل
- يحي بن يعمر الليثي ت 129 هـ

الطبقة الثانية : أعلامها :
- عيسى بن عمر الثقفي ت 149 هـ
- أبو عمرو بن العلاء ت 154 هـ
الطبقة الثالثة : من أعلامها :
- الخليل بن أحمد ت 174 هـ أ170 هـ
- يونس بن حبيب ت 182 هـ
الطبقة الرابعة : من أعلامها :
- سيبويه وهو إمامها ت 180 هـ
- اليزيدي ت 202 هـ
- النضر بن شميل المازني ت 204 هـ
- قطرب ت 206 هـ
عن أخبار النحويين البصريين للقاضي أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي ص5
 http://syangar.bodo.blogspot.co.cc